• بعد الانقلاب العسكري في مصر أصبح الربيع العربي يواجه واقعيا تحالف الأعداء • الربيع العربي النقيض لخصومه نقيض التغريب والاستبداد والطائفية السياسية والتطرف المسلح • أصبح ربيع العرب معبرا عن الاعتدال الحضاري والمشروع السياسي الإسلامي وأصبح مشروعا يحمله السنة العرب • بسبب الحصار للربيع العربي أصبح ربيع العرب سنّيّا وأيضا ربيع المشروع السياسي الإسلامي وربيع الاعتدال الإسلامي الحضاري • لم يعد هناك رابط يجمع الكل إلا الموروث الحضاري الإسلامي والذي بدونه يستمر التفكك بلا توقف
أعدها للنشر: الحرية والعدالة أكد المفكر والباحث السياسي د. رفيق حبيب أن الربيع العربي أصبح محاصرا، وربما كان أيضا محاصرا منذ اللحظة الأولى، من خلال قوى ما قبل الربيع العربي. فالهيمنة الغربية وتحالف الغرب مع الاستبداد المحلي، ظل يتحدى الربيع العربي ويحاول إجهاضه، والطائفية السياسية التي فككت المنطقة، ظلت تحارب الربيع العربي، وتقاوم تغيير قواعد اللعبة.وإذا كان التطرف المسلح هو المعادل والرد الموضوعي على الاستبداد والتغريب، فإن التطرف المسلح ظل يدافع عن خياره في وجه الربيع العربي، في محاولة لإثبات أنه الطريق الوحيد للخلاص من الاستبداد والهيمنة الخارجية، مستغلا في ذلك، معارك الثورة المضادة ضد الربيع العربي. وخلص في دراسة حديثة له عنوانها: "تحالف الأعداء الثلاثة.. ضد الربيع العربي" إلى أن إعادة الفرز التي تحدث بسبب معارك الثورة المضادة وصراع المحاور، هي التي تفرز قوى الثورة الحقيقية، والتي تحمل إرادة حقيقية لتحقيق التحرر، وتحمل أيضا رؤية للمستقبل. فكلما حوصر الربيع العربي، ظهرت مكوناته الأساسية. والربيع العربي يظهر بأنه النقيض لخصومه، فهو نقيض التغريب والاستبداد والطائفية السياسية والتطرف المسلح، وبهذا أصبح ربيع العرب معبرا عن الاعتدال الحضاري والمشروع السياسي الإسلامي، وأصبح مشروعا يحمله السنة العرب. يبدو أن الربيع العربي الذي ظهر من داخل حالة من الاستبداد والفساد والهيمنة الخارجية، يعيد بناء نفسه من جديد مرة أخرى، من داخل حالة العنف والفوضى، والتي تجعل منه الإجابة الوحيدة الباقية، على المشكلات المزمنة، التي صنعها محور الاستبداد ومحور الطائفية السياسية. وبقدر ما يكون الربيع العربي هو الحل الباقي، بقدر ما ينجح في مواجهة مرحلة الفوضى، حتى ينتصر في النهاية. وفيما يلي عرض لأهم القضايا التي تناولتها الدراسة:
الربيع العربي في مواجهة التحديات رصد "حبيب" أنه وسط حالة من التغير السريع في المنطقة العربية والإسلامية، تتبلور عدة محاور وجبهات، لتشكل حالة المواجهة مع الربيع العربي، ومع التحرر العربي أساسا. فكل جبهات القتال والمواجهة، تدور حول نتائج الربيع العربي، والتي يراد إجهاضها. ويبرز دور المحور الغربي الاستبدادي، باعتباره الطرف الأصيل في معارك الربيع العربي، وهو المحور الذي تشكل عبر عدة عقود، ويمثل تحالف الاستبداد المحلي مع الهيمنة الغربية، ويضم العديد من الدول العربية، ويقف على رأسه دول خليجية والاحتلال الإسرائيلي وأمريكا. مشيرا إلى أن المحور الغربي الاستبدادي استطاع استعادة مصر مؤقتا، بدعم خليجي ومساندة إسرائيلية وقيادة غربية. كما استطاع المحور الغربي اختراق ساحات الربيع العربي كلها، وإن كان بدرجات مختلفة، في محاولة لإعادة أنظمة ما قبل الثورة. وبرز محور إقليمي يمثل محور الطائفية السياسية عبر العديد من الأحداث، كان أهمها غزو أمريكا للعراق، حيث بات هذا الغزو هو السبب المركزي في توسع محور الطائفية السياسية، كما أن الغرب عمل على بناء محور متحالف معه لحماية الاحتلال الإسرائيلي على أساس طائفي، مما عمق النزاع الطائفي. ويمثل محور الطائفية السياسية برأي "حبيب" صراعا إقليميا حول النفوذ، بين إيران والسعودية على وجه الخصوص، وأصبح البعد الطائفي هو مركز تأسيس الدور الإقليمي للطرفين، فأصبح تمدد النفوذ الشيعي، يمثل توسعا لدور إيران في المنطقة. وبين "حبيب" أن الصراع قبل الربيع العربي ظل محصورا في المواجهة بين المحور الغربي الاستبدادي، ومحور الطائفية السياسية، حيث المواجهة المزدوجة بين إيران والغرب من ناحية، وإيران والسعودية من ناحية أخرى، وتمددت المواجهة الإقليمية من لبنان للعراق والبحرين واليمن. وتمكن محور الطائفية السياسية من التمدد في العراق، ثم التمدد في سوريا، بل واختراق الثورة السورية، وتحويلها إلى حرب طائفية أهلية. فأصبح محور الطائفية السياسية يتمدد على حساب الربيع العربي، كما يتمدد على حساب المحور الغربي الاستبدادي. موضحا أنه منذ عقود وظاهرة التطرف المسلح تظهر وتتوسع، ثم تنكمش نسبيا، وتعود مرة أخرى للتوسع. ولم تكن ظاهرة التطرف المسلح إلا نتاجا لأنظمة الحكم المستبدة وأيضا للهيمنة الخارجية. فأصبح التطرف المسلح هو المقابل الموضوعي للاستبداد والفساد والهيمنة الخارجية. ويرى "حبيب" أنه مع بداية الربيع العربي، أصبح التطرف المسلح أمام سؤال وجودي، عندما نجح النضال السلمي في إحداث تغيير فشل فيه الاحتجاج المسلح. ولكن الثورات المضادة، خاصة الانقلاب العسكري في مصر، وأيضا التوسع في الصراع الطائفي السياسي، شكل بيئة مناسبة لتوسع التطرف المسلح مرة أخرى. في قلب تلك الصراعات والمحاور، يمثل الربيع العربي تحديا مزدوجا، فهو أولا تحديا للمحور الغربي الاستبدادي، كما أنه تحديا لمشروع الطائفية السياسية، وأيضا تحديا لمشروع التطرف المسلح، كما أن كل المحاور تمثل تحديا للربيع العربي.
تحالف الأعداء كشف "حبيب" أن المحور الغربي الاستبدادي يقف باعتباره العدو الأصيل للربيع العربي، لأن الربيع العربي حدث أساسا في وجه منظومة الهيمنة الغربية الاستبدادية التي حكمت المنطقة العربية والإسلامية. لذا فإن المحور الغربي الاستبدادي، هو العدو الأول للربيع العربي، كما أنه سبب انفجار موجات الربيع العربي. وبعد بعض التردد، حسم المحور الطائفي السياسي موقفه، عندما وصلت الثورة إلى سوريا، فأصبحت إيران تركز على تعظيم دورها الإقليمي، وتعطي أهمية لهويتها الطائفية على أي انتماء إسلامي، مما جعلها تركز على توسيع نطاق النفوذ الشيعي الإيراني. وكان من الواضح أن إيران تريد أن يكون الربيع العربي في صف محور الممانعة ضد الغرب، ودعما لإيران، ولكن الربيع العربي لم يكن نتاج صراع محاور، بقدر ما كان موجة تحرر، ربما حتى من المحاور. لذا حسمت إيران موقفها، فأصبح محور الطائفية السياسية ضد الربيع العربي. ونبه "حبيب" إلى أنه ولأن الربيع العربي مثل تهديدا للمشروع المتطرف المسلح، لذا فإن إخفاقات الربيع العربي أصبحت تمثل فرصا يتوسع خلالها مشروع التطرف المسلح، والذي اعتبر الربيع العربي تهديدا لفكرته، فأصبحت فكرة الربيع العربي في مواجهة مع فكرة التطرف المسلح. وبعد توسع الحرب الطائفية الأهلية في سوريا، ثم الانقلاب العسكري في مصر، يحاول التطرف المسلح، ممثلا في تنظيم الدولة الإسلامية، في إعادة الاعتبار لمشروعه على حساب الربيع العربي، بل ويحاول إجهاض الربيع العربي، حتى يتمدد. وحذر "حبيب" من أنه بعد الانقلاب العسكري في مصر، أصبح الربيع العربي يواجه واقعيا تحالف الأعداء، فرغم التنافس على الدور الإقليمي بين المحور الغربي الاستبدادي ومحور الطائفية السياسية، إلا أن كلاهما يحارب الربيع العربي، ورغم العداوة بين محور الطائفية السياسية والتطرف المسلح، فإن كلاهما يحارب الربيع العربي أيضا. وقال إنه رغم الصراع المباشر والأساسي بين التطرف المسلح والمحور الغربي الاستبدادي، إلا أن كليهما يحاول محاصرة الربيع العربي. فالمحور الغربي الاستبدادي لا يريد أن ينتصر على التطرف المسلح قبل أن ينتصر على الربيع العربي، كما أن التطرف المسلح يريد أن ينتصر الطائفية السياسية والربيع العربي، بقدر انتصاره على المحور الغربي والاستبدادي.
الحرب على الربيع العربي لافتا إلى أنه رغم أن كل المحاور في صراع مع بعضها البعض، إلا أن الانتصار على الربيع العربي يبدو أولوية لكل الأطراف، مما يجعل الربيع العربي هو المستهدف الأول في تلك الصراعات، ويجعل ثورات العرب تواجه تحالف الأعداء، الذي توجه كل أطرافه سلاحها ضد الربيع العربي.ويلاحظ أن التطرف المسلح أصبح هو العنوان الذي يوظف من محور الطائفية السياسية والمحور الغربي الاستبدادي، في حربهما على الربيع العربي. مما جعل التنظيمات المتطرفة المسلحة، هي المبرر لرفع شعار الحرب على الإرهاب، رغم أن الحرب واقعيا على الربيع العربي. موضحا أنه ورغم عسكرة الثورة في سوريا وبعدها العراق، فإن القوة المسلحة لم تكن الأساس الذي قام عليه الربيع العربي، في حين أن المحور الغربي الاستبدادي قام أساسا كقوة مسلحة تحكم البلاد العربية والإسلامية حكما استبداديا مسلحا، كما أن الطائفية السياسية أسست كمليشيات مسلحة، والتطرف أيضا مسلح. فالربيع العربي، هو النضال السلمي وسط حالة من الصراعات المسلحة، لذا أريد للربيع العربي أن ينخرط في صراع مسلح، حتى يستنزف من كل تلك القوى المسلحة، فيصبح الضحية الأولى للصراعات المسلحة، بين المحاور المتصارعة، والتي بدأ صراعها قبل الربيع العربي.
سيناريوهات المستقبل وأكد "حبيب" أن هناك عدة سيناريوهات لهذا الصراع الشرس، تعتمد على قدرة الأطراف المختلفة على تحقيق انتصارات مبكرة، فكل انتصار يمهد للمرحلة التالية له، وربما يغير من طبيعة المواجهة وفرص الانتصار لكل طرف. فالمعركة الدائرة طويلة الأجل، وانتصاراتها المرحلية تحدد طبيعة المواجهة في المستقبل.
السيناريو الأول • لم يعد من الممكن أن يتحرر السنة من مظلومية الحكم الاستبدادي إلا من خلال انتصار الربيع العربي السيناريو الأول يتمثل في التوصل إلى توافق بين المحور الغربي الاستبدادي ومحور الطائفية السياسية، فيقام بينهما تحالف لإجهاض الربيع العربي، وإجهاض التطرف المسلح بعد ذلك. ومحاولة التقارب بين الغرب وإيران، ليست إلا محاولة لتقسيم الأدوار الإقليمية بين أطراف المحاور المختلفة. وواقعيا بحسب "حبيب" لا يمكن لأي طرف في الصراع الطائفي السياسي أن يحقق نصرا حاسما، كما أن الحرب الشيعية السنية، يمكن أن تدمر دولا بأكملها، بل وتُدخل البلاد في حالة فوضى مستعصية. لذا فإن التوصل إلى توافق إقليمي ربما يكون المخرج المتاح لكل الأطراف. فالتوافق الإقليمي سيؤدي إلى توزيع الأدوار بين محور السعودية ومحور إيران، بحيث يتمكن كل طرف من القيام بدور إقليمي، ويتحقق التوازن بين الأدوار الإقليمية للأطراف المختلفة. وهو ما يحتاج للتوصل إلى تسوية في العراقوسوريا على وجه الخصوص. وأضاف: كلما تمكن محور الطائفية السياسية والمحور الغربي الاستبدادي من التوصل إلى تفاهمات، بأي درجة كانت، سيكون لهذه التفاهمات دور مباشر في إجهاض الربيع العربي أو حصاره. فيبدو أن أولوية محور الطائفية السياسية والمحور الغربي الاستبدادي، هي إجهاض الربيع العربي، قبل هزيمة التطرف المسلح. من الواضح أن التطرف المسلح يوفر غطاء أو مبررا، لكل محاولات التمدد الغربي وأيضا كل محاولات التمدد الطائفي، مما يعني أن الانتصار على التطرف المسلح قبل إجهاض الربيع العربي، يعد في غير صالح محور الطائفية السياسية والمحور الغربي الاستبدادي. وفي هذا السيناريو يرى "حبيب" أن الربيع العربي يواجه أكبر تحدٍّ، خاصة إذا تحقق تحالف المحور الغربي الاستبدادي مع محور الطائفية السياسية، ففي هذه الحالة فإن مساحة المناورة أمام الربيع العربي تضيق، خاصة إذا استمر تمدد التطرف المسلح نسبيا. أما إذا تقلص التطرف المسلح، وفقد أي حاضن شعبي، فإن تهديد التحالف بين المحور الغربي الاستبدادي ومحور الطائفية السياسية للربيع العربي يقل، حيث إن تقلص التطرف المسلح ينتج فراغا يتمدد فيه الحراك الثوري. ومشكلة التحالف بين المحور الغربي الاستبدادي ومحور الطائفية السياسية، أن البيئة الاجتماعية التي تم تغذيتها بحالة طائفية لن تقبل مثل هذا التحالف، كما أن وقف الحرب الطائفية أصعب من إشعالها، وأيضا فإن أي توافق لن يكون إلا على حساب السنة ودور السعودية. أي توافق يعمق مظلومية السنة، سوف يربط السنة أساسا بالربيع العربي، وتصبح حركة التحرر سنية، وهو ما يقوي البنية الاجتماعية للربيع العربي، بعد أن يصبح الشيعة ضمنيا في تحالف مع الغرب وإسرائيل وأنظمة الحكم المستبدة الفاسدة.
السيناريو الثاني ويرتبط السيناريو الثاني باحتمالية تقدم التطرف المسلح بصورة تفكك المحور الغربي الاستبدادي ومحور الطائفية السياسية، وتسقط أنظمة حاكمة. وهو سيناريو أقل احتمالا، لأن تقدم التطرف المسلح في فراغ السلطة في العراقوسوريا، لا يؤدي بالضرورة إلى تفكيك المنظومات الحاكمة. وقدرة التطرف المسلح على إسقاط الأنظمة، تحتاج إلى حاضن اجتماعي واسع، وهو ما يفشل فيه التطرف المسلح، نظرا لمواقفه المتطرفة، وسلوكه المتشدد تجاه الأهالي. كما أن التطرف المسلح، وإن امتلك السلاح، فهو يواجه أنظمة مسلحة، ومدعومة خارجيا. لذا فاحتمال سقوط أنظمة على يد التطرف المسلح ليس كبيرا، وإن حدث نسبيا، فسيؤدي إلى مواجهة بين مشروع الثورة والتحرر، ومشروع التطرف المسلح، أي التغيير بالقوة. وأيا كان النجاح الذي يحققه التطرف المسلح، فإنه لا يملك مشروعا قابلا لبناء دولة ومجتمع، نظرا لمواقفه المتشددة.
السيناريو الثالث وقال "حبيب" إن السيناريو الثالث، هو رهان العديد من الأطراف، ويتعلق بالقدرة على إبقاء المنطقة في حالة فوضى وعنف لفترة زمنية، بحيث تكون تلك الحالة مسيطر عليها نسبيا. والمحور الغربي الاستبدادي، يراهن على أن الفوضى والعنف تتيح له إعادة بناء أنظمة حليفة له، وأيضا محور الطائفية السياسية، يتصور أنه قادر على التمدد في حالة الفوضى والعنف. وتابع "حبيب" ورهان الأنظمة الحاكمة، أو أنظمة ما قبل الربيع العربي على الفوضى، قائم على أساس أن حالة الفوضى سوف تقلص الحاضن الاجتماعي للتطرف المسلح، كما أنها سوف تقلص الحاضن الاجتماعي للثورة، مما يتيح للأنظمة الحاكمة أن تعيد حضورها وسيطرتها. وسيناريو الفوضى والعنف، هو الاحتمال الأكثر ترجيحا، فمن الواضح أن أغلب الأطراف تراهن على أن حالة الفوضى، سوف تبعد الجماهير عن فكرة الثورة، كما أن التطرف المسلح يراهن على أن حالة الفوضى، سوف تعطي مبررا لتمدده وتشدده في آن واحد، مما يجعل وجوده مقبولا. والرهان على سيناريو الفوضى والعنف، يعني ضمنا أن كل الأنظمة الاستبدادية تراهن على احتياج الناس للأمن والاستقرار، كما أن القوى الإقليمية تراهن أيضا على فرض هيمنتها من خلال توفيرها للاستقرار، والدول الغربية أيضا تراهن على أن الفوضى سوف تؤدي إلى إعادة تسويق الاستبداد الغربي.
سيناريو الربيع المحاصر ونبه "حبيب" إلى أن الربيع العربي بات محاصرا بالمحور الغربي الاستبدادي ومحور الطائفية السياسية وأيضا التطرف المسلح، مما جعل الربيع العربي في مواجهة معركة تاريخية. وأصبح الربيع العربي ممثلا للتحرر الكامل، وليس فقط التحرر من الاستبداد والهيمنة الخارجية، لأن التطرف المسلح يعرض نوعا جديدا من الاستبداد المحلي. وكشف "حبيب" أنه بسبب الحصار الإقليمي والدولي للربيع العربي، أصبح ربيع العرب سنيا، وأصبح أيضا ربيع المشروع السياسي الإسلامي، وأصبح كذلك ربيع الاعتدال الإسلامي الحضاري. أي أن الربيع العربي أصبح له قاعدة اجتماعية، وكذلك مضمون حضاري. ولم يعد من الممكن أن ينتصر الاعتدال الإسلامي الحضاري دون انتصار الربيع العربي، وأيضا لم يعد من الممكن أن يتحرر السنة من مظلومية الحكم الاستبدادي، إلا من خلال انتصار الربيع العربي، وكذلك لم يعد من الممكن التخلص من الطائفية السياسية، إلا بانتصار الربيع العربي.
انتصار الربيع العربي مشيرا إلى أنه كما أن الهيمنة الخارجية والطائفية السياسية والتطرف المسلح يحاصرون الربيع العربي، فإن التخلص من هذا الثلاثي لم يعد ممكنا إلا من خلال انتصار الربيع العربي، واستكمال العرب لثورة تحررهم من كل سلطان يفرض عليهم. • الهيمنة الخارجية والطائفية السياسية والتطرف المسلح.. تحاصر الربيع العربي والتخلص من الثلاثي لم يعد ممكنا إلا من خلال انتصار الربيع العربي ونبه "حبيب" أنه بسبب معارك المصالح الإقليمية والدولية، تفككت المنطقة العربية، خاصة منطقة الشام، ولم يعد من الممكن إعادة توحيد المجتمعات مرة أخرى، إلا بثورة تحرر حقيقية، تعلي من شأن إرادة عامة الناس. فلم يعد هناك رابط يجمع الكل، إلا الموروث الحضاري الإسلامي، والذي بدونه يستمر التفكك بلا توقف. لذا فإن مسار الربيع العربي برأيه يتجه نحو بناء قاعدة لبناء ثورة وتحرر كامل، من خلال أسس اجتماعية وحضارية، تتيح بناء قاعدة شعبية قادرة على استكمال مسار الربيع العربي وتحقيق أهدافه. وإذا كان أغلب الأطراف تراهن على سيناريو الفوضى والعنف، فإن الربيع العربي قد يكون المخرج الوحيد من حالة الفوضى. ومن المحتمل أن يتحقق السيناريو الأول نسبيا، من خلال تحالفات وتفاهمات بين المحور الغربي الاستبدادي ومحور الطائفية السياسية، وأيضا من المرجح أن يظل تمدد التطرف المسلح نسبيا، بين مد وجزر، وهو ما يحقق السيناريو الثاني نسبيا أيضا. ولكن يظل سيناريو الفوضى والعنف، هو الذي يصف حالة المنطقة العربية لفترة من الزمن. في قلب حالة الفوضى والعنف، يمكن أن تتشكل نواة فكرة الثورة مرة أخرى، ولكن على أسس أعمق من تشكلها الأول إبان الموجة الثورية الأولى في 2011 فالتحديات التي تواجه الربيع العربي، تصوغ مضمونه وتحدد مساره، وترسم له طريق الانتصار الممكن وربما الوحيد.