أعلنت جنوب أفريقيا أن محكمة العدل الدولية حددت يوم 11 يناير الجاري لعقد الجلسة الأولى، للنظر بطلب محاكمة إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية في حربها على غزة. وقال المتحدث باسم وزارة العلاقات الدولية في جنوب أفريقيا كلايسون مونيلا في تدوينة على منصة إكس، الأربعاء الماضي: إن "الجلسة ستنطلق في هذا التاريخ بمقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية وتتواصل في اليوم التالي". وأشار المتحدث إلى أن بلاده تواصل تحضيراتها في هذا الصدد يأتي هذا بعد أيام من تقدم جنوب أفريقيا بطلب إلى محكمة العدل الدولية، لرفع دعوى ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة. وطلبت جنوب أفريقيا من المحكمة يوم الجمعة الماضي، إصدار أمر عاجل يعلن أن إسرائيل تنتهك التزاماتها في اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948. ومن المقرر، أن تمثل إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية لمواجهة اتهامات جنوب أفريقيا. ووفق صحيفة هآرتس الاسرائيلية، فأن أحد كبار الخبراء القانونيين الذين يتعاملون مع القضية حذر قادة الجيش من خطر إصدار أمر من محكمة العدل الدولية بوقف إطلاق النار. ومنذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت أكثر من 30 ألف شهيد ومفقود و57 ألف جريح، جلهم من النساء والأطفال وفقا لبيانات وزارة الصحة في القطاع. وكان علاء مبارك ، نجل الرئيس المخلوع حسني مبارك، قد وصف يوم الخميس المقبل، باليوم المشهود، حيث تقام أول مرة دعوى قضائية ضد إسرائيل أمام المحكمة الدولية في لاهاي. وعن الدعوى ضد إسرائيل ب محكمة العدل الدولية، قال علاء مبارك: إن "الدعوى تتهم إسرائيل بجرائم حرب وجرائم إبادة جماعية، وأن من قدمت الدعوى دولة جنوب إفريقيا، وسط صمت العالم، الذي يتحدث عن الحريات وحقوق الإنسان، وعدم انضمام الدول العربية والإسلامية للدعوى". وكتب علاء مبارك، عن الدعوى ضد إسرائيل بمحكمة العدل الدولية، عبر منصة أكس أن الخميس القادم سيكون يوما مشهودا، لأول مرة في التاريخ دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي تتهم الكيان المحتل بارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية تتمثل فى قتل المدنيين والأطفال والنساء وكبار السن من أهل غزة. وقال علاء مبارك: "الغريب في هذا الأمر هو أن الذي تقدم بهذه الدعوى هي دولة جنوب إفريقيا، أمام صمت غريب للمجتمع الدولي الذي دائما يتحدث عن الحريات وحقوق الإنسان والقتل خارج نطاق القانون إلخ". وتساءل علاء مبارك عن موقف المجتمع الدولي من الدعوى ضد إسرائيل بمحكمة العدل الدولية فقال: "أين المجتمع الدولي من هذه الجرائم والمذابح البشعة الذي نشاهدها يوميا في غزة والتي عرفها القانون الدولي بأنها جرائم ضد الإنسانية؟ والأغرب من هذا والشيء المحزن والمؤسف هو عدم قيام الدول العربية والإسلامية برفع هذه الدعوى أو حتى على الأقل الانضمام إلى الدعوى المقدمة من دولة جنوب إفريقيا". وتابع علاء مبارك قائلا: "يتبقى سؤال وهو لماذا لم تذهب جنوب إفريقيا لمحكمة الجنايات الدولية واتجهت إلى محكمة العدل الدولية التى تعتبر الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، خاصة وأنه من المعروف أن محكمة الجنايات الدولية هي هيئة قضائية مستقلة تحاكم الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب؟" وعلق الأكاديمي والمستشار في العلاقات الدولية د. عبد الرحمن الحميضي فقال: " دولة جنوب أفريقيا تستحق الاحترام والتقدير من الجميع على هذه المبادرة التي كشفت الانهيار الأخلاقي الأممي عن الوقوف ضد المجازر الجماعية لأهالي غزة، وضعف الدول العربية التي لم تستطيع حتى طرد السفراء الإسرائيليين كنوع من الاحتجاج الدبلوماسي المشروع، ورغم رمزية الدعوى لأن نتائجها معروفة مسبقا بتبرئة إسرائيل من جرائم الحرب والإبادة الجماعية، إلا أن دولة جنوب إفريقيا تمثل الحس الحي للأخلاقيات الإنسانية وللقانون الدولي". هل من جدوى؟ ولعل امتثال إسرائيل لقرار المحكمة بالمثول أمامها، يوم الخميس المقبل، خطوة تعكس حسب كثيرين مخاوف الإسرائيليين من أي خطوة قد تتخذها المحكمة ضدها، لكن تساؤلات تطرح عن الخطوات اللاحقة، وأيضا عن سبب توجه جنوب إفريقيا لرفع الدعوة أمام محكمة العدل وليس أمام محكمة الجنايات الدولية. إذ إن المحكمة الجنائية الدولية، تتمتع بصلاحيات أوسع، وتصدر قرارات ذات فاعلية في القبض على مرتكبي الجرائم وتوقيفهم، أما محكمة العدل الدولية فتفصل في النزاعات بين الدول بموافقتها وتدين فقط، ولا تأمر بالقبض على الجاني. ويرى خبراء أن سبب رفع بريتوريا الدعوى أمام محكمة العدل هو رفض المدعي العام لمحكمة الجنايات كريم خان سابقا إدانة إسرائيل. وبسبب محدودية ولاية محكمة العدل الدولية، فإن جنوب إفريقيا استندت في رفع الدعوة على معاهدة دولية تتضمن شرط الاختصاص القضائي، وهي اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها التي صادقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع. إذ إن يكون اختصاص محكمة العدل الدولية ذات صفة إلزامية فيما يتعلق بالمعاهدات الدولية. وبغض النظر عن سير الإجراءات والموقف الذي ستتخذه المحكمة في مرحلة لاحقة، فإن خبراء يؤكدون أن تحرك جنوب إفريقيا يواجه تحديات قد تمنع من تحقيق أهدافه، من أبرزها غياب آلية فعلية لتنفيذ الأحكام وأيضا اتخاذ الدول الكبرى على رأسها الولاياتالمتحدة مواقف مساندة لإسرائيل. ووفق خبراء قانون دولي، فإن محكمة العدل الدولية تتمتع بصلاحيات واسعة في فحص الدعاوى المتعلقة بجرائم الإبادة الجماعية. باستطاعة محكمة العدل الدولية اتخاذ إجراءات عاجلة تطالب فيها الدولة المشتكى عليها بوقف إطلاق النار بشكل فوري حتى لا تقدم على المزيد من الجرائم. ووفق خبراء القانون، فقد مارست إسرائيل حملة إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة قبل السابع من أكتوبر من خلال فرض حصار على القطاع. فاستمرار فرض الحصار لفترة طويلة والتسبب بتدهور الأوضاع المعيشية للجماعة عمدا يمكن اعتباره عملية إبادة جماعية وفقا للتعريف القانوني. التحدي الحقيقي الذي قد تواجهه المحكمة الدولية هو قرار مجلس الأمن الذي يقرر استخدام حق النقض من خلاله والذي قد تستخدمه الولاياتالمتحدة. ستشكل هذه الإدانة الأولى لإسرائيل نقطة البداية، وستفتح الباب أمام العديد من الدعاوى القضائية التي ستقام من قبل أعضاء في الأممالمتحدة الذين يعارضون الإبادة الجماعية، فهل يتحرك العرب والمسلمون في هذا المضمار؟.