جاءت عملية الغدر الصهيوني باغتيال نائب رئيس حماس، صالح العاروري وستة من رفاقه، بالضاحية الجنوبية بلبنان، في محاولة لتعويض هزائمها في غزة، ولخلق مبررات إسرائيلية لاستمرار الحرب، ولضمان بقاء نتانياهو في السلطة وعدم محاسبته إلا بعد انتهاء الحرب، التي يفتح مجالها ومداها اغتيال العاروري واحتمالات انفتاح جبهة القتال مع حزب الله في لبنان، أو حتى جرجرة المنطقة لحرب إقليمية. إذ من المرجح أن يزيد حزب الله وتيرة قصفه الصاروخي لشمالي إسرائيل، وقد تتوسع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى حرب إقليمية؛ في حال أقدمت تل أبيب على اغتيال أعضاء رفيعي المستوى في الجماعة اللبنانية. وهذا ما استشرفه تحليل في موقع "ستراتفور" الأمريكي (Strator)،على خلفية اغتيال الاحتلال الإسرائيلي، مساء أمس الثلاثاء، 6 كوادر من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس في العاصمة اللبنانيةبيروت، حيث أطلقت مسيرة إسرائيلية ثلاثة صواريخ على مقر لحماس في الضاحية الجنوبية لبيروت معقل حزب الله؛ مما أدى إلى اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحماس صالح العاروري، والقائدين في جناحها العسكري كتائب القسام سمير فندي وعزام الأقرع، و4 كوادر بالحركة هم محمود شاهين ومحمد بشاشة ومحمد الريس وأحمد حمود. ومن المؤكد أن يتطرق الأمين العام ل"حزب الله" حسن نصر الله إلى اغتيال العاروري ورفاقه، وذلك خلال كلمة له مقررة الأربعاء، بمناسبة الذكرى السنوية لاغتيال قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، في هجوم أمريكي بمسيرة في العاصمة العراقيةبغداد في عام 2020. وقال "ستراتفور": "من المرجح أن يكون مقتل العاروري هو أول اغتيال إسرائيلي خارج الأراضي الفلسطينية لمسؤول في حماس، منذ أن أعلنت إسرائيل في ديسمبر الماضي عن اعتزامها تنفيذ اغتيالات". وتوعد مسؤولون إسرائيليون باغتيال قادة حماس في دول بينها لبنان وقطر؛ في أعقاب هجوم الحركة ضد قواعد عسكرية ومستوطنات بغلاف غزة، في 7 أكتوبر الماضي؛ ردا على جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى. ومن المرجح أن يزيد حزب الله من هجماته الصاروخية على شمالي إسرائيل، تضامنا مع حماس، وربما يسمح ببعض عمليات الإطلاق الرمزية للصواريخ من جانب مقاتلي حماس في جنوبي لبنان. واعتبر حزب الله، عبر بيان، عملية الاغتيال "اعتداء خطير على لبنان، ولن يمر دون رد"، وأطلق ثلاثة صواريخ مضادة للدبابات على منطقة الجليل الأعلى شمالي إسرائيل في وقت متأخر الثلاثاء. وتضامنا مع غزة، يتبادل حزب الله وفصائل فلسطينية في لبنان مع جيش الاحتلال قصفا متقطعا بوتيرة يومية منذ 8 أكتوبر؛ مما أسفر عن قتلى وجرحى على جانبي الخط الأزرق الفاصل بين البلدين. ووفقا ل"ستراتفور" فإنه على المدى الطويل، من المرجح أن تدفع هذه الضربة حزب الله إلى الضغط على حماس للحد من أنشطتها في جنوبي لبنان لمنع التصعيد الخاطئ، على حد تقديره. وتابع: "بغض النظر عن ذلك، إذا استمرت إسرائيل في تنفيذ عمليات اغتيال في لبنان، وخاصة ضد أعضاء رفيعي المستوى في حزب الله، فإن الحرب بين إسرائيل وحماس قد تتوسع وتتحول إلى صراع إقليمي". وعلى الرغم من أن حزب الله وإسرائيل غير متحمسين لتوسيع القصف المتبادل عبر الحدود وتحوله إلى حرب إقليمية، إلا أن إسرائيل تواجه ضغوطا داخلية متزايدة لتأمين منطقة عازلة على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية. وتضامنا مع غزة، شنت جماعات موالية لإيران، بينها حزب الله في لبنان والحوثيون في اليمن وجماعات أخرى في الجارتين العراق وسوريا، هجمات على أهداف إسرائيلية أو أمريكية، وهو ما ردت عليه تل أبيب وواشنطن، وسط مخاوف من اندلاع حرب إقليمية واسعة. وتعتبر كل من طهران وتل أبيب العاصمة الأخرى العدو الأول لها، وتواصل إسرائيل منذ عقود احتلال أراضٍ عربية في كل من فلسطينولبنان وسوريا. وإثر اغتيال العاروري، شهدت مناطق عدة في الضفة الغربيةالمحتلة احتجاجات شعبية مساء الثلاثاء، فيما أعلنت الفصائل الفلسطينية الإضراب الشامل الأربعاء، ودعت الدول العربية إلى اتخاذ موقف حاسم وفوري من عملية الاغتيال، مؤكدة استمرار مقاومتها للاحتلال الإسرائيلي. ونقل موقع "أكسيوس" الأمريكي عن مسؤول إسرائيلي لم يسمه قوله: إن "إسرائيل تستعد لانتقام كبير من حزب الله، قد يشمل إطلاق الجماعة صواريخ طويلة المدى باتجاه أهداف في إسرائيل". يأتي ذلك، فيما أكد مسؤولان أمريكيان للموقع ضلوع إسرائيل في عملية اغتيال العاروري وخمسة أخرين عبر مسيرة، لكنهما أكدا على أن إسرائيل لم تخطر إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مسبقًا بالهجوم. وأكد مسؤول إسرائيلي كبير أن إسرائيل لم تبلغ الولاياتالمتحدة لكنه قال: إنها "أبلغت إدارة بايدن أثناء تنفيذ العملية، التي جرت في منطقة المشرفية في ضاحية بيروت الجنوبية". ويعد العاروري أكبر قيادي في حماس يقتل منذ بدء إسرائيل عدوانها على قطاع غزة في 7 أكتوبر المنصرم. وعلى مدار الأشهر الأخيرة، ركزت وسائل الإعلام الإسرائيلية على الدور الذي يلعبه نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في التهديدات الخطيرة التي تتعرض لها دولة الاحتلال. واعتمدت وسائل الإعلام العبرية في كثير من الأحيان على مصادر وتقارير استخباراتية، حملت العاروري بشكل صريح المسؤولية عن أنشطة الجناح العسكري لحركة حماس في الضفة الغربية، وتفجر الأوضاع هناك. وأكدت التقارير أن العاروري هو كبير الاستراتيجيين في حركة المقاومة الفلسطينية حماس، كما يعتبر العاروري أعلى مستوى من الجودة وصلت لها قادة الحركة في العقود الأخيرة، كما كان يتم وصفه ب"ظل السنوار" وفي 19 سبتمبرالماضي، أي قبل أيام من هجوم طوفان الأقصى، أبرز موقع دعوة قيادتا "حماس" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" إلى تصعيد المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني والاستيطان ودعم قضية الأسرى. وذكر الموقع أن العاروري ونائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، جميل مظهر، دعيا الفلسطينيين إلى استئناف الانتفاضة ضد إسرائيل. وقالا خلال اجتماعهم في بيروت: "على السلطة الفلسطينية العودة إلى الانتفاضة لتحقيق الوحدة الوطنية وحل القضية الفلسطينية على أسس وطنية وديمقراطية". وذكر الموقع أن دعوة العاروري ومظهر تأتي وسط توترات أمنية متصاعدة وتدفق مستمر من التقارير الاستخباراتية بشأن هجوم إرهابي مخطط له ضد الإسرائيليين. وأضاف أن دعوة العاروري ومظهر إلى تكثيف الكفاح المسلح ضد إسرائيل، تأتي بعد عدة أسابيع من تهديد العاروري إسرائيل بحرب إقليمية، متعهدا بأن أي عمل عسكري تقوم به إسرائيل قد يؤدي إلى هزيمة مدوية وانسحاب كامل من الضفة الغربية. وفي أبريل الماضي، خصص موقع صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية، مساحة للعاروري، أكد فيها على خطورته على الإسرائيليين. وقال الموقع: إن "العاروري يستهدف قتل أكبر عدد ممكن من الإسرائيليين، وأن اسمه رغم أنه غير معروف بالشارع الإسرائيلي لكنه أحد أبرز قادة حماس". وذكر الموقع أن العاروري الذي نشأ في الضفة وأصبح الشخصية الأكثر كاريزمية في حماس، هو الرجل الذي كادت الحرب تندلع بسببه في عيد الفصح. وتابع أن العاروري أجرى اتصالات من طهران إلى غزة عبر بيروت والأقصى؛ لتحقيق هدفه النهائي المتمثل في شن هجوم مشترك من جميع الجبهات على إسرائيل. وعلى اية حال، فإن الأيام المقبلة ستبقى حُبلى بكثير من التطورات الاستراتيجية التي قد تتوسع معها الحرب بصورة متسارعة، وتحول الإقليم لقطعة من اللهب.