جامعة القناة يؤكد على ضرورة الالتزام بضوابط الامتحانات والتواجد ومتابعة سير العملية الامتحانية    طلب إحاطة بشأن تكرار أزمة نقل الطلاب بين المدارس    آمنة يبحث مع محافظي القاهرة الكبرى مشروعات الخطة الاستثمارية وسير العمل في منظومة التصالح على مخالفات البناء    تنفيذاً لمبادرة "وياك".. حياة كريمة توزع 1228 هدية على طلاب جامعة بني سويف    سلطان عُمان يعزّي في وفاة الرئيس الإيراني    علي معلول لاعب الأهلي يجري جراحة ناجحة في وتر «أكيلس»    اليوم.. مصر تواجه بوروندي في بطولة أمم أفريقيا للساق الواحدة    ضبط هاربين من إعدام ومؤبد في أسيوط والأقصر    تأجيل محاكمة «طبيب الإجهاض» بالجيزة    الحبس 3 سنوات لعاطل بتهمة النصب على المواطنين في الأميرية    في ذكرى رحيله .. تسجيل نادر ل سمير صبري يكشف عن إصابته بمرض خطير (فيديو)    بالصور .. «الرعاية الصحية» تعلن حصاد حملة التوعية بضعف عضلة القلب «اكتشف غير المكتشف»    بروتوكول تعاون بين التأمين الصحي الشامل وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية لتطوير البحث العلمي فى اقتصادات الصحة    رئيس النواب: التزام المرافق العامة بشأن المنشآت الصحية لا يحتاج مشروع قانون    تراجع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الإثنين    لليوم ال20.. «البترول» تواصل تسجيل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر مايو 2024    فيفا يعلن إيقاف قيد جديد للزمالك 3 فترات بسبب مستحقات أحد مساعدى البرتغالي فيريرا.. والنادى يرد: سيتم حل الأزمة في أسرع وقت    تطوير المزلقانات على طول شبكة السكك الحديدية.. فيديو    ضبط المتهمين بسرقة خزينة من مخزن في أبو النمرس    غرة شهر ذى الحجة الجمعة 7 يونيو ووقفة عرفات 15 / 6 وعيد الأضحى 16/ 6    مصرع شابين في حادث تصادم بالشرقية    تحرير 142 مخالفة ضد مخابز لارتكاب مخالفات إنتاج خبز بأسوان    ضبطهم الأمن العام.. كواليس جريمة التنقيب عن الذهب بأسوان    محافظ أسيوط: التدريب العملي يُصقل مهارات الطلاب ويؤهلهم لسوق العمل    «ست أسطورة».. سمير غانم يتحدث عن دلال عبد العزيز قبل وفاتهما    ستاكس باورز تبيع عملات نادرة ب 23 مليون دولار في مزاد هونج كونج    إكسترا نيوز تعرض تقريرا عن محمد مخبر المكلف بمهام الرئيس الإيرانى.. فيديو    فتح باب التقدم لبرنامج "لوريال - اليونسكو "من أجل المرأة فى العلم"    مهرجان ايزيس الدولي لمسرح المرأة يعقد ندوة تحت عنوان «كيف نفذنا من الحائط الشفاف»    عمر الشناوي: فخور بالعمل في مسلسل "الاختيار" وهذه علاقتي بالسوشيال ميديا    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    وزير خارجية إيطاليا: حادث تحطم مروحية رئيس إيران لن يزيد التوتر بالشرق الأوسط    توجيه هام من الخارجية بعد الاعتداء على الطلاب المصريين في قيرغيزستان    مجلس النواب يوافق نهائيًّا على مشروع قانون المنشآت الصحية -تفاصيل    موجة الحر.. اعرف العلامات الشائعة لضربة الشمس وطرق الوقاية منها    من هو وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان الذي توفي مع الرئيس الإيراني؟    معرض لتوزيع الملابس الجديدة مجانًا بقرى يوسف الصديق بالفيوم    22 مايو.. المؤتمر السنوي الثالث لطلاب الدراسات العليا فى مجال العلوم التطبيقية ببنها    أسرته أحيت الذكرى الثالثة.. ماذا قال سمير غانم عن الموت وسبب خلافه مع جورج؟(صور)    قائمة البرازيل - استدعاء 3 لاعبين جدد.. واستبدال إيدرسون    عاجل.. كواليس اجتماع تشافي ولابورتا| هل يتم إقالة زرقاء اليمامة؟    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    مرعي: الزمالك لا يحصل على حقه إعلاميا.. والمثلوثي من أفضل المحترفين    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    وزير الري أمام المنتدى المياه بإندونيسيا: مصر تواجه عجزًا مائيًّا يبلغ 55% من احتياجاتها    باحثة سياسية: مصر تلعب دورا تاريخيا تجاه القضية الفلسطينية    ماذا يتناول مرضى ضغط الدم المرتفع من أطعمة خلال الموجة الحارة؟    تداول 146 ألف طن بضائع استراتيجية بميناء الإسكندرية    تشاهدون اليوم.. بولونيا يستضيف يوفنتوس والمصري يواجه إنبى    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    السوداني يؤكد تضامن العراق مع إيران بوفاة رئيسها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-5-2024    أول صورة لحطام مروحية الرئيس الإيراني    روقا: وصولنا لنهائي أي بطولة يعني ضرورة.. وسأعود للمشاركة قريبا    خلال أيام.. موعد إعلان نتيجة الصف السادس الابتدائي الترم الثاني (الرابط والخطوات)    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتخابات مصرية صورية محسومة

في عام 1954، بعد مطالبة اللواء محمد نجيب للضباط في مجلس قيادة الثورة بالعودة إلى ثكناتهم العسكرية وتسليم السلطة للمدنيين، قام جمال عبد الناصر من خلال أحد المشرفين على هيئة التحرير، وهي التنظيم الحزبي الذي تم تكوينه بعد إلغاء الأحزاب، بدفع مبلغ مالي لبعض القيادات العمالية بمجال النقل العام، للقيام بإضراب لشل الحركة.
وشارك في المظاهرات جنود من البوليس الحربي يرتدون الملابس المدنية، وعمال مديرية التحرير المسلحون بالعصي، الذين كانوا يعملون تحت قيادة أحد ضباط حركة تموز/ يوليو 1952، وجنود الحرس الوطني المرتدون الملابس المدنية، وتجولت المظاهرات حول البرلمان والقصر الجمهوري ومجلس الدولة تهتف: لا أحزاب ولا برلمان. وبعدها قامت مظاهرات عمالية باقتحام مجلس الدولة والاعتداء على الدكتور السنهوري رئيس المجلس، كما دبر عبد الناصر ستة انفجارات في أماكن متفرقة لإثبات عدم استقرار البلاد.
وهكذا تم إجهاض دعوة اللواء محمد نجيب للديمقراطية، وبعد شهور قليلة تم اعتقاله ووضعه رهن الإقامة الجبرية لمدة 29 عاما، وهكذا أدرك ضباط حركة الجيش في تموز/ يوليو 1952، أهمية تلك التنظيمات الشعبية في تنفيذ مخططاتهم وتمرير قراراتهم، فبعد تكوينهم لهيئة التحرير بدايات عام 1951، فقد تلاها الاتحاد القومي عام 1957 ثم الاتحاد الاشتراكي عام 1962، ثم عودة الأحزاب عام 1976 وظهور الحزب الوطني في 1978.
وهكذا استخدم كل من جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك، تلك التنظيمات الحزبية في توجيه الجماهير وحشدها لتأييد قراراتهم، وكذلك مع الاستفتاءات الرئاسية والانتخابات البرلمانية. وسار النظام الحالي في مصر على المنوال نفسه بتأسيس عدد من الأحزاب التابعة له، وحظر وجود الأحزاب المعارضة، بينما سارعت الأحزاب الصغيرة القائمة بإعلان الولاء لحكم العسكر لتضمن استمرار وجودها. وبالفعل استخدم نظام العسكر تلك الأحزاب في الانتخابات التي جرت في عهده، حيث تتولى تجميع الناخبين بالتعاون مع الأمن، ولو بإنزال ركاب السيارات العامة وإجبارهم على التصويت، لاصطناع مشاهد تلفزيونية لطوابير الناخبين.
رجال أعمال يمولون الإنفاق الانتخابي
وتم افتعال مشاهد رقص للنساء أمام اللجان الانتخابية، وحمل الناخبون صور الجنرال التي يتم توزيعها عليهم، ومع توالي الاستحقاقات الانتخابية تراكمت خبرات حشد الجماهير للجان، وتم استخدام المال والسلع الغذائية كوسائل لاستقطاب الفقراء، وكذلك دفع مبالغ مالية للشباب للوقوف أمام اللجان للتنظيم، ومع الحاجة لمورد مالي مستمر، قامت الأجهزة السيادية باختيار عدد من رجال الأعمال لعضوية كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ، ليقوموا بتمويل الحملات الانتخابية وجلب الناخبين الفقراء.
وهكذا استعدت السلطات المصرية للانتخابات الرئاسية الحالية، التي يترشح بها الجنرال للمرة الثالثة بعد أن قام بتعديل الدستور الذي كان يقصر الترشح على فترتين رئاسيتين كل منهما لأربع سنوات، وليزيد الفترة إلى ست سنوات، وقبل موعد الانتخابات بشهرين قامت الأحزاب الموالية للنظام بتوظيف الاحتفال بمرور خمسين عاما على حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، لحشد الجمهور في الميادين العامة بالمحافظات وتحويل الاحتفالات إلى مطالبة للجنرال بإعادة ترشحه.
كما واكب ذلك حشد الموظفين في الحكومة وأصحاب المعاشات من الفقراء لمكاتب الشهر العقاري، لعمل توكيلات لترشيح الجنرال، ليبدو الرجل الذي كان يعقد وقتها مؤتمرا لعرض إنجازاته استمر ثلاثة أيام وكأنه يستجيب لمطلب الجماهير، حين أعلن ترشحه بنهاية المؤتمر، الذي تلاه الاتفاق مع ثلاث شخصيات حزبية للتقدم لمنافسته بالانتخابات، ورغم أن أحد هؤلاء يقتصر عدد أعضاء حزبه في مجلس النواب على سبعة أعضاء دخلوا بنظام القائمة، بينما يتطلب القانون لترشحه تزكية عشرين نائبا، فقد دبرت السلطات له موافقة 23 نائبا آخرين ليدخل المنافسة بثلاثين نائبا.
وتكرر ذلك مع رئيس حزب الوفد الموالي للنظام بتدبير موافقة ستة نواب آخرين بخلاف نواب حزبه، وكذلك مع رئيس الشعب الجمهوري الموالي للنظام بتدبير 18 نائبا إضافيا له، رغم حصوله على 68 ألف توكيل عبر الشهر العقاري، وهي التوكيلات التي منعت السلطات شخصا آخر حاول الحصول عليها للترشح، وظل أنصاره يحتشدون على أبواب الشهر العقاري لأيام، لكن السلطات تعللت بأعطال بالكمبيوتر حتى انتهت الفترة المحددة للتوكيلات.
مؤتمرات حزبية للتأييد بكل المحافظات
وتحركت الأحزاب على مستوى المحافظات لعمل ندوات ومؤتمرات تعرض إنجازات الجنرال، ومع نشوب حرب غزة وطلب الجنرال تفويضه في اتخاذ الإجراءات لمنع تهجير الفلسطينيين لسيناء، نظمت تلك الأحزاب مؤتمرات في عواصم المحافظات بدعوى مساندة فلسطين، لكن هتافاتها كانت تهتف للجنرال بدلا من فلسطين، مما دعا بعض الجماهير التي وجدت فرصة سانحة للتظاهر بعد سنوات طويلة من الحظر، أن تهتف: "مظاهرة بجد مش تفويض لحد".
وهكذا نجد حزب مستقبل وطن الذي يرأسه رئيس مجلس الشيوخ، والذي يسمونه حزب الأغلبية في البرلمان، قد عقد مؤتمرات للدعاية للجنرال في كل المحافظات، وكانت كل محافظة تشهد مؤتمرا لأمانة الحزب فيها يليها مؤتمر للحزب المركزي، بخلاف المؤتمرات القطاعية التي تعقدها لجان الحزب المختلفة، مع القطاعات التي تتعامل معها مثل لجان: العمال والفلاحين والمرأة والشباب والمهنيين والعمل الجماهيرى والصناعة والسياحة والصحة وغيرها، وعادة ما يحضر تلك المؤتمرات رموز السياسة والإعلام والرياضة والفن، مع الحرص على حشد أعداد كبيرة بالمال لإعطاء انطباع عن التأييد الجماهيري للجنرال.
وكرر حزب حماة الوطن الذي يرأسه ضابط سابق إقامة مؤتمرات في كل المحافظات، والأمر نفسه لأحزاب صغيرة مثل حزب مصر الحديثة والحرية المصري والجيل والمصريين الأحرار وإرادة جيل والمؤتمر، بإقامة مؤتمرات في عدد من المحافظات وبعضها يقتصر على بعض القرى والمدن. وشارك حزب الإصلاح والتنمية في المؤتمرات والفعاليات التي تنظمها الأحزاب، والأمر نفسه لتحالف الأحزاب المصرية الذي يضم 42 حزبا وتنسيقية شباب الأحزاب، كما أعلنت أحزاب أخرى تأييدها للجنرال مثل النور والتجمع.
تجاوز حدود الإنفاق القانوني على الدعاية
وقام التحالف الوطني للعمل الأهلي الذي أنشأه الجنرال مؤخرا لتوزيع المساعدات على الفقراء لتسهيل حشدهم في الانتخابات، بتنظيم مؤتمرات للتشجيع على المشاركة في الانتخابات، والأمر نفسه قامت به وزارة الشباب والرياضة من خلال المتطوعين، وقامت العديد من الجهات النقابية العمالية بتنظيم مؤتمرات لدعم ترشيح الجنرال، كوسيلة من قبل قياداتها لإثبات الولاء للنظام.
والنتيجة، أن الشوارع الرئيسية والكباري والطرق السريعة مليئة بصور الجنرال، رغم أن القانون يحدد سقف الإنفاق على الدعاية للمرشح بعشرين مليون جنيه، بينما كانت تكلفة وسيلة واحدة وهي الإعلانات الخارجية (آوت دور) وحدها 380 مليون جنيه للجنرال، بخلاف باقي الوسائل الدعائية من فضائيات وصحف وإعلام رقمي، ورغم أن القانون يؤكد أن الدعاية تكون على نفقة المرشح، إلا أنه من المعروف أن الأجهزة الحكومية تجبر أصحاب المحلات التجارية على تعليق لافتات تأييد ودفع إتاوات مالية كذلك لتغطية تكاليف يوم الانتخابات.
وكذلك رغم إخفاق الجنرال في التصدي للملف الاقتصادي وارتفاع الدين الخارجي والداخلي، وارتفاع أسعار السلع والوقود، والسوق السوداء للدولار، وارتفاع نسب الفقر، واستمرار الانقطاع اليومي للكهرباء منذ شهر تموز/ يوليو الماضي وحتى الآن، وحالة الانسداد الديمقراطي، وغضب الشارع من مشاركته في الحصار على غزة، مما يدعو إلى مقاطعة الانتخابات، إلا أن تلك الأحزاب والأجهزة الرسمية ستصنع مشهدا انتخابيا مضللا بما لدى تلك الأجهزة من أدوات.
وذلك بداية من التهديد بفرض غرامة مالية قدرها 500 جنيه على من لا يصوت في الانتخابات، مما يدفع الكثيرين خاصة أصحاب المعاشات، البالغ عددهم حوالي عشرة ملايين شخص للذهاب، خاصة مع توفير وزارة التضامن الاجتماعي سيارات مجهزة لنقل المعاقين والمسنين، وكذلك إجبار العاملين في الحكومة على التصويت، وإثبات الذهاب للجان بأي طريقة؛ سواء بالحبر الفوسفوري على الأصبع أو التصوير داخل اللجنة، وعدد هؤلاء أكثر من خمسة ملايين، كذلك إجبار أصحاب الشركات الصناعية والتجارية على تسيير حافلات للعاملين لديهم إلى اللجان الانتخابية للتصويت، إلى جانب تهديد أصحاب المساعدات الحكومية والمسماة تكافل وكرامة، بقطع المساعدات إذا لم يذهبوا للتصويت وعدد هؤلاء 4.7 مليون شخص، إلى جانب من يتم جمعهم من على المقاهي ومن سيارات النقل الجماعي وإجبارهم على التصويت، كأحد مظاهر جمهورية الخوف المستمرة بمصر منذ منتصف عام 2013.
………..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.