في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية وتصاعدها وتراجع القوة الاقتصادية لمصر وهروب الاستثمارات من البلاد، وسط غلاء غير مسبوق وتراجع القوة الشرائية للجنيه، قررت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي، مساء الخميس، رفع سعر الفائدة بنسبة 3%، وذلك بواقع 300 نقطة أساس على ودائع الليلة الواحدة، في إطار محاولات البنك كبح التضخم المتزايد بعد الانخفاض الحاد في قيمة العملة المحلية. وبذلك، ارتفع سعر الفائدة على الودائع إلى 16.25% من 13.25%، والإقراض إلى 17.25% من 14.25% علما بأن معدل التضخم الرئيسي قفز إلى أعلى مستوى في خمس سنوات عند 18.7% في نوفمبر الماضي، مرتفعا من 16.2% في أكتوبر. ورفع البنك المركزي سعر الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس في اجتماع مفاجئ عُقد في 27 أكتوبر الماضي، وفي اليوم نفسه انخفضت قيمة الجنيه بنسبة 14.5%. ورغم خفض قيمة العملة المحلية، استمرت الفجوة بين سعرها أمام الدولار في الاتساع في السوقين الرسمية والموازية، إذ وصل سعر الدولار إلى نحو 24.70 جنيها في البنوك، وما يصل إلى 33 جنيها في السوق السوداء. وقال بيان لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي، إن "توقعات الأسعار العالمية تراجعت للسلع الأساسية بشكل طفيف، مقارنة مع التوقعات المعروضة على اللجنة في اجتماعها السابق، كما اتجهت الأوضاع المالية العالمية نحو الاستقرار، مع إشارة العديد من البنوك المركزية في الخارج إلى احتمال وصول معدلات التضخم إلى ذروتها، وبدء مسارها النزولي". واستدركت اللجنة "ومع ذلك، ما زالت العديد من العوامل تساهم في استمرار حالة عدم اليقين المرتبطة بتوقعات الأسعار العالمية للسلع الأساسية، وتتمثل أهم تلك العوامل في التباطؤ المتوقع في النشاط الاقتصادي العالمي، وتخفيف الإجراءات الاحترازية المتعلقة بوباء كورونا في الصين، واستمرار حالة عدم اليقين جراء الأزمة الروسية الأوكرانية، وتأثيرها على التوقعات المتعلقة بسلاسل التوريد العالمية". وأشارت اللجنة إلى ارتفاع معدل البطالة إلى 7.4% خلال الربع الثالث من عام 2022، مقارنة مع 7.2% خلال الربع الثاني. واستمر المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر في الارتفاع بدرجة أكبر خلال الربع الرابع من عام 2022، مسجلا 18.7% في نوفمبر 2022، وهو أعلى معدل له منذ ديسمبر 2017. وبالمثل، استمر المعدل السنوي للتضخم الأساسي في الارتفاع منذ أكثر من عام ليسجل 21.5% في نوفمبر 2022، وهو أعلى معدل له منذ نوفمبر 2017 وتأثر معدل التضخم بانخفاض قيمة الجنيه المصري خلال أكتوبر 2022، وزيادة المعروض النقدي، بالإضافة إلى استمرار الآثار السلبية الناجمة عن اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وفق البيان. وزاد أن معدل التضخم السنوي للسلع الغذائية جاء مدفوعا بشكل أساسي بارتفاع معدل التضخم للسلع الغذائية الأساسية منذ بداية عام 2022 فيما قفز معدل تضخم الخدمات منذ بداية عام 2022 مدفوعا بارتفاع أسعار خدمات المقاهي والمطاعم بشكل أساسي، في حين شهدت بنود مجموعة السلع الاستهلاكية خلال نفس الفترة ارتفاعا واسع النطاق. ونتيجة لتلك التطورات، بات من المتوقع أن يتخطى المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر مستواه المستهدف، والمُعلن عنه مسبقا من قبل البنك المركزي، والبالغ (7%± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2022. وتشير لجنة السياسة النقدية إلى تزايد الضغوط التضخمية من جانب الطلب في الآونة الأخيرة، وهو ما انعكس في تطور النشاط الاقتصادي الحقيقي مقارنة بالطاقة الإنتاجية القصوى، وفي ارتفاع أسعار العديد من بنود الرقم القياسي لأسعار المستهلكين، وفي زيادة معدلات نمو السيولة المحلية. وأمام هذا المشهد الكارثي من التضخم والبطالة والغلاء وضعف الاستثمارات تتزايد معاناة المصريين الذين بات أكثر من 90% منهم فقراء لا يجدون قوت يومهم.