تسعى سلطات الانقلاب جاهدة من خلال الاجتماعات السنوية في واشنطن هذا الأسبوع إلى إقرار حزمة مالية مهمة من صندوق النقد الدولي، أملا في وضع حد لأزمة العملة التي قيدت الواردات وأثارت قلق السوق بشأن تسديد الديون الخارجية، بحسب وكالة "رويترز". وكانت سلطات الانقلاب قد بدأت محادثات مع صندوق النقد الدولي في شهر مارس الماضي للحصول على حزمة دعم مالي، بعد وقت قصير من الأزمة الأوكرانية التي أحدثت فوضى أكبر في أوضاعها المالية، وأدت إلى سحب المستثمرين الأجانب لحوالي 20 مليار دولار من أسواق الخزانة المصرية في غضون أسابيع. وأدى نقص النقد الأجنبي إلى انخفاض حاد في الواردات غير النفطية، التي انخفضت بنسبة 20٪ في الربع من أبريل إلى يونيو، وفقا لبيانات البنك المركزي، وقد أدى ذلك إلى نقص في المدخلات لكل من المصانع وتجار التجزئة، وتراكم السلع والسلع بما في ذلك القمح في الموانئ، وشددت البنوك القيود المفروضة على عمليات السحب بالدولار من حسابات الجنيه المصري. وقال كالي ديفيس من إكسفورد إيكونوميكس "أصبح اختتام المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ملحا بشكل متزايد وسط تزايد ندرة النقد الأجنبي ونقص الإمدادات والتضخم المستمر". وقالت كريستالينا جورجيفا العضو المنتدب لصندوق النقد الدولي في 3 أكتوبر إن "سلطات الانقلاب والصندوق على وشك التوصل إلى اتفاق". ويقود محافظ البنك المركزي المصري المعين حديثا حسن عبد الله ووزير المالية بحكومة السيسي، محمد معيط المحادثات في واشنطن حيث يسعى عدد من الدول التي تعاني من ضغوط عالمية للحصول على الدعم. ويقول خبراء اقتصاديون إن "تفاصيل اتفاق صندوق النقد الدولي لا تزال غير واضحة، لكنها ستشمل على الأرجح التزامات بالسماح للعملة بالتحرك بحرية مقابل العملات الأجنبية، لإعطاء القطاع الخاص مجالا أكبر للمشاركة في الاقتصاد والبيع القوي لأصول الدولة". فجوات التمويل ويقول خبراء اقتصاديون إن "المبالغة في تقدير قيمة العملة شجعت الواردات وثبطت الصادرات، وسجلت مصر عجزا في الحساب الجاري بلغ 18.4 مليار دولار في السنة المالية 2020/2021 انخفض إلى 16.6 مليار دولار العام الماضي، ويرجع ذلك جزئيا إلى انخفاض قيمة العملة وفرض ضوابط على الواردات". ويستغل البنك المركزي احتياطياته الخاصة ويقترض من البنوك المحلية لدعم الجنيه مقابل الدولار، وفي مارس سمح للجنيه بالانخفاض الحاد والضعف تدريجيا منذ ذلك الحين. انخفض صافي الأصول الأجنبية في النظام المصرفي بنحو 30 مليار دولار في الفترة من أغسطس 2021 إلى أغسطس 2022 وفقا لبيانات البنك المركزي، مما أثار القلق بين المستثمرين الأجانب بشأن قدرة مصر على سداد الديون الكبيرة المستحقة في السنوات القليلة المقبلة. واعتبارا من نهاية يونيو، كان لدى حكومة الانقلاب ما مجموعه 155.7 مليار دولار من الديون الخارجية، وكان من المقرر أن ينضج نحو 42.2 مليار دولار بين مارس 2022 ومارس 2023، وفقا لأحدث أرقام البنك المركزي. ومن المرجح أن يتم ترحيل جزء كبير من هذا، بما في ذلك 13 مليار دولار من الودائع الخليجية لدى البنك المركزي المصري، لكن جزءا كبيرا بما في ذلك سندات اليورو بقيمة 1.25 مليار دولار التي تستحق في فبراير 2023 والأموال المستحقة للمنظمات متعددة الأطراف، يتم تمديده بسهولة أقل. وكان لدى حكومة الانقلاب 6 مليارات دولار من المدفوعات المستحقة للمنظمات متعددة الأطراف في العام المنتهي في يونيو 2023 و8 مليارات دولار أخرى في العام التالي، وفقا لأرقام البنك المركزي. وبحلول نهاية عام 2025، سيتعين عليها دفع ما مجموعه 11.6 مليار دولار لصندوق النقد الدولي مقابل حزمة دعم أبرمت في عام 2016 وحزمتين أخريين في عام 2020. قلق المستثمرين وتتداول سندات البلاد الأطول أجلا المقومة بالدولار والتي تستحق في غضون 10 سنوات أو أكثر إلى أقل من 70 سنتا مقابل الدولار، وهو ما يعتبره الكثيرون عتبة الديون المتعثرة. وبلغت العلاوة التي طالب بها المستثمرون للاحتفاظ بالسندات الدولية لمصر على سندات الخزانة الأمريكية التي تعتبر ملاذا آمنا أكثر من 1000 نقطة أساس ، أي أكثر من ضعف المستوى الذي كان عليه في ربيع العام الماضي (. JPMEGDEGYR). وحسب جولدمان ساكس فإن سلطات الانقلاب تحتاج إلى حزمة دعم إجمالية بقيمة 15 مليار دولار بالإضافة إلى الأموال التي تلقتها بالفعل من دول الخليج في وقت سابق من هذا العام. وأشار معيط في الصحافة المحلية إلى أن سلطات الانقلاب يمكن أن تتوقع ما بين 3 و5 مليارات دولار فقط، لكن شخصا مطلعا على الأمر قال إن "الحزمة ستكون على الأرجح في الطرف الأدنى من هذا النطاق". وفي الوقت نفسه، تتطلع سلطات الانقلاب إلى جمع المزيد من الأموال من حلفائها الخليجيين ومن مؤسسات مالية دولية أخرى، كما يقول المحللون. وقال ماثيو فوغل في FIM Partners التي تمتلك ديون حكومة الانقلاب "ما هو الآن قيد المناقشة المكثفة هو المبلغ الذي يمكن لدول الخليج تقديمه، لا يمكن لصندوق النقد الدولي الموافقة على برنامج غير ممول بالكامل". تشير العقود الآجلة غير القابلة للتسليم إلى أن السوق تتوقع أن يضعف الجنيه إلى حوالي 24 للدولار في غضون عام واحد. وأحرزت سلطات الانقلاب تقدما جيدا بشأن ثلاثة مطالب محتملة لصندوق النقد الدولي، حسبما قال جيمس سوانستون من كابيتال إيكونوميكس. ومنذ مارس، خفضت تدريجيا قيمة عملتها، وأبقت على سياستها المالية مشددة، وزادت من زخم الخصخصة. وقال سوانستون "الآثار الرئيسية هذه المرة هي أنها ستساعد على استعادة ثقة المستثمرين في صنع السياسات في مصر".