تواجه المسلمات المحجبات فى الدول الغربية عنفا وتضييقا عليهن فى الشوارع وأماكن العمل وينظر بعض المتشددين الغربيين إلى الحجاب على أنه إرهاب ويطالب بالغائه من الوجود وطرد المحجبات الى بلادهن الأصلية. كانت محكمة العدل الأوروبية قد أعلنت فى مارس 2017 أن المؤسسات يحق لها أن تحظر ضمن قانونها الداخلي أي إبراز أو ارتداء لرموز سياسية أو فلسفية أو دينية، للحفاظ على حياديتها وفق شروط. وأصدرت المحكمة -ومقرها لوكسمبورج– قرارها في قضيتين في بلجيكاوفرنسا، تتعلقان بمسلمتين اعتبرتا أنهما تعرضتا للتمييز في العمل بسبب ارتداء الحجاب. وقالت المحكمة إن منع الحجاب في إطار قانون داخلي لمؤسسة خاصة يمنع أي إبراز أو ارتداء أي رمز سياسي أو فلسفي أو ديني في مكان العمل، لا يشكل تمييزا مباشرا على أساس الدين أو العقيدة. وأضافت أن قوانين الاتحاد الأوروبي تحظر التمييز على أساس الدين، لكن ما قامت به شركة "جي 4 أس" يندرج في إطار معاملة الموظفين بالتساوي، بما أنه لا يتم استثناء أي أحد من حظر الرموز الدينية، وبالتالي فإن الأمر يتعلق ب"تمييز غير مباشر". مجلس الشيوخ الفرنسي وفى نفس السياق صوّت مجلس الشيوخ الفرنسي في 29 أكتوبر 2019 على مشروع قانون جديد يمنع مرافقات التلاميذ خلال الرحلات المدرسية من ارتداء الرموز الدينية، بأغلبية 163 صوتا مقابل 114 صوتا، في الوقت الذي علّق فيه الرئيس الفرنسي بأن "ارتداء الحجاب في الأماكن العامة ليس شأني، لكن ارتداءه داخل المرافق العامة وفي المدرسة حيث تجري تربية أبنائنا يصبح من شأني". ويستند القرار إلى قانون مارس 2004 الذي يعتمد مبدأ العلمانية في المدارس العامة الفرنسية. فوبيا الحجاب في 11 أكتوبر الماضي، طلب جوليان أودول، رئيس مجموعة التجمع الوطني اليميني المتطرف لمنطقة بورجون فرانش كونته من رئيس المنطقة أن ينزع الحجاب عن سيدة ترافق أطفالا -من بينهم ابنها- في اجتماع المجلس. وأثار هذا الفيديو ضجة كبيرة في وسائل الإعلام. تقول الناشطة الحقوقية ماجدة محفوظ (محجبة) "تعتبر فوبيا الحجاب التي اجتاحت فرنسا بعد مصاحبة سيدة محجبة لرحلة مدرسية غير مبررة ومفتعلة من قبل ساسة لا يملكون رؤية لحل مشاكل عميقة في بلدهم؛ فأراد هؤلاء -وهم من اليمين المتطرف في أغلبهم- استحداث عدو وقضية وهمية تسيطر على أفكار الفرنسيين لتشغلهم عن القضايا الحقيقية. وتضيف ماجدة خرجت لهم هذه المرة نساء مثقفات ومتمسكات بدستور الدولة الذي أقر لكل الفرنسيين -ومنهم المسلمات- حرية الملبس، واستطاعت الفرنسيات أن يعبرن بالمحجبات ولأول مرة إلى فكر المجتمع الفرنسي، ويشعرنه بأنهن جزء لا يتجزأ من الثقافة الفرنسية، وأنهن متمسكات بحقهن في اختيار ما يرتدين في إطار احترام القوانين والدستور. سلاح العلمانية واعتبرت حنان كريمي عالمة اجتماع فرنسية متخصصة في مسائل التمييز ضد النساء الفرنسيات المحجبات أن الحكومات الفرنسية المتعاقبة تستخدم العلمانية كسلاح قانوني لإقصاء المحجبات من سوق العمل، ومن الظهور كقوة فاعلة ومندمجة في المجتمع الفرنسي. وأوضحت كريمي أن المحجبات في فرنسا يضطررن لاستخدام طرق عدة من أجل التحايل على قوانين منع الحجاب، بينها تحول الكثير منهن إلى سيدات أعمال، حيث أطلقن مشاريعهن الخاصة، لكن تبقى هذه المشاريع صغيرة، وذات مردود ضعيف، كما أنها لا تسهم دائما في فك العزلة الاجتماعية المفروضة عليهن، لأن أغلبها تهم المسلمين فقط، مثل محلات بيع الملابس والكتب الإسلامية، ومحلات التجميل وتصفيف الشعر. واعتبرت صاحبة كتاب "الحجاب والصور النمطية" أن هناك جيلا من الفرنسيات المحجبات، اللائي حصلن على شهادات علمية وأكاديمية عالية، لم يتمكن من الحصول على وظيفة تناسبهن بسبب سياسة حكومية عنصرية وتمييزية متعمدة تجاههن. وترى كريمي أن فرنسا تهدر ثروة بشرية مهمة بسبب إقصائها المحجبات ذوات الكفاءات العالية، وذلك لأن أغلبهن تحولن إلى ربات بيوت، أو قبلن بوظائف بعيدة كل البعد عن كفاءاتهن وشهاداتهن العلمية، وبعضهن هاجرن إلى دول أوروبية أكثر تسامحا مثل بريطانيا أو إلى دول خليجية أو مغاربية بحثا عن الراحة النفسية، بعيدا عن الخطاب العنصري. بريطانيا المملكة المتحدة تتعامل بطريقة مختلفة بعض الشيء مع الأقلية المسلمة بصفة عامة والمرأة المحجبة بوجه خاص، ما يجعل أي مقارنة بين وضع المرأة المسلمة في بريطانيا ووضعها في دول أخرى مثل فرنسا تجعل بريطانيا نموذجا متقدما في التعامل مع مسألة الحجاب. وحققت المرأة المحجبة في بريطانيا خطوات مهمة في الوصول لمراكز ووظائف سامية، كان آخرها نجاح المواطنة البريطانية المسلمة رافيا أرشد في تقلد منصب قاضية كأول سيدة محجبة تصل لهذا المنصب، لتضاف مهنة القضاء لقائمة من المهن التي نجحت المرأة المحجبة في الوصول إليها، كما هو الحال بالنسبة لمنصب عمدة مدينة، والعمل في جهاز الشرطة والأمن. وتعد بريطانيا من الدول الغربية القليلة جدا التي تقبل نساء محجبات في صفوفها، وهو يجعل باب الوظائف الحكومية مفتوحا نسبيا أمام المحجبات. ورغم تورط رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في الإساءة للنساء المنتقبات، وما يثار حول الرجل من كونه أحد وجوه الشعبوية في العالم، فإن المملكة المتحدة، تحافظ على خط واضح يفصلها عن إقصاء المرأة المسلمة من الفضاء العام. فى هذا السياق ترى رغد التكريتي رئيسة الرابطة الإسلامية في بريطانيا أن وضعية المرأة المسلمة بصفة عامة جيدة مقارنة بدول أخرى خصوصا فرنسا، مضيفة أن التحديات لا تزال كثيرة للوصول للمناصب العليا. ودعت رغد إلى السعي للحفاظ على المكتسبات التي حققتها المرأة المسلمة والدفاع عنها، وعدم التراخي بالقول إن وضعية المرأة المحجبة في بريطانيا أفضل بكثير من دول أوروبية أخرى. وأرجعت قدرة أبناء الأقلية المسلمة خصوصا من النساء، على اختراق بعض الوظائف المهمة الى طبيعة الأقلية المسلمة في بريطانيا التي نجحت في الاندماج في المجتمع البريطاني منذ ستينيات القرن الماضي، ولم تعش بشكل منعزل بل تفاعلت مع المجتمع وأصبحت جزءا منه. كندا فى كندا رغم وجود العنصرية والاضطهاد وكراهية الحجاب إلا أن هناك تعاطفا من بعض فئات المجتمع الكندى مع المسلمين عامة ومع قضية الحجاب خاصة، حيث قررت مجموعة من الكنديات ارتداء الحجاب لمدة شهر كامل تعاطفا مع النساء المسلمات وتنديدا ب الإسلاموفوبيا. وتحظى فعاليات "اليوم العالمي للحجاب" -الذي ينظم في كل أنحاء كندا منذ 2014- باهتمام كبير في مدينة فورت ماكموراي شمال ولاية ألبرتا الكندية. وقال منظم الفعالية كيران مالك خان إن سبع سيدات كنديات جئن إليهم، وطلبن إذنا من أجل ارتدائهن الحجاب. وأضاف: أطلقنا على الفعالية اسم أخوة الحجاب، وشعرنا بسعادة كبيرة حينما طلبن منا إذنا لارتداء الحجاب. وأوضح خان أنهم قدموا إلى السيدات الكنديات معلومات حول الأحكام التي يجب عليهن الالتزام بها لكون الحجاب يعتبر رمزا دينيا، مضيفا أنهن وعدن بالالتزام بجميع الأحكام. وقالت فانيسا ماكماهون في تصريحات صحفية إن الأمر الذي دفعني لارتداء الحجاب هو الهجوم الذي استهدف مسجدا (داخل المركز الثقافي الإسلامي) في مدينة كيبك.. لقد قتل ستة مسلمين في كندا أثناء تأدية عبادتهم. وأضافت: لا يمكن القبول بوقوع مثل هذه الأحداث لا في بلادنا ولا في بلاد أخرى، الكل له الحق فى تطبيق دينه في جو من السلام. كما قامت مئات السيدات بدعم المسلمين في إطار فعالية "اليوم العالمي للحجاب" في فورت ماكموراي عبر زيارتهن للمنصات التعريفية التي افتتحت في المراكز التجارية بالمدينة. وارتدت بعضهن الحجاب هن وبناتهن. وقدم منظمو الفعالية في هذه المراكز معلومات عبر منشورات وعروض مرئية عن الإسلام، واشترت بعض السيدات الحجاب بينما تم إهداؤه لبعضهن.