يواجه الأطفال فى دولة العسكر التعذيب والتعدى عليهم بالضرب والعنف والإيذاء الجسدى والإذلال والإهانة بصورة غير مسبوقة فى تاريخ البلاد، وذلك لأنهم لا يجدون "من يحنو عليهم"! حوادث تعذيب الأطفال تحولت إلى ظاهرة فى الشهور الأخيرة فى ظل إهمال حكومة الانقلاب الذى لا ينجو منه أحد حتى الصغار، ولا يكاد يمر أسبوع بدون وقوع حادثة أو أكثر وهو ما يثير القلق ويتطلب تدخلا جادا لمواجهة هذه المأساة. الواقع الأليم تؤكده الإحصاءات والدراسات المحلية والدولية من ذلك دراسة صادرة عن منظمة الأممالمتحدة لشئون الطفولة "يونيسيف" كشفت أن نسبة العنف الجسدي ضد الأطفال فى مصر وصلت إلى 93% سواء عن طريق الأسر أو دور الرعاية. وتشير إحصاءات غير رسمية إلى أن 63% من الأطفال العاملين يتعرضون إلى إيذاء بدني وعنف من قِبل مَن يقومون بتشغيلهم. ورغم أن القانون المصري يجرم عمل الأطفال أقل من 15سنة، وفقا للمادة 58 من تعديلات قانون الطفل رقم 126 لعام 2008، لكنه يسمح للأطفال تحت سن الرابعة عشرة بالعمل تحت مسمى التدريب، وهذا بمثابة باب خلفي لتقنين عمالة الأطفال. وأكد تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية في نوفمبر 2017، ان دولة العسكر يوجد بها نحو 2.8 ملايين طفل في الفئة العمرية من 12 إلى 17 عاما يعملون في مجالات مختلفة. جريمة وحشية من جانبه قال الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أسوة وقدوة في الرحمة والرفق بالأطفال، موضحا أن الله -عز وجل- أرسله رحمة للعالمين وليس الأطفال فقط. مؤكدا فى تصريحات صحفية أنه كان رؤوفًا رحيمًا بالأطفال من أهل بيته ومن غير أهل بيته؛ بل وبالأطفال من غير المسلمين. وأشار إلى أنه صلى الله عليه وسلم كان يتفقد الصفوف في إحدى الغزوات فوجد امرأة مقتولة من غير المسلمين، فقال صلى الله عليه وسلم: «مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ!» فنهى رسول الله عن قتل النساء والأطفال، ودعا د. لاشين إلى المعاملة الحسنة مع الأطفال ورعايتهم وتهذيبهم بالقول والفعل الحسن وعدم الاعتداء عليهم أو ممارسة أي نوع من أنواع العنف ضدهم، مشيرا إلى أنهم نعمة من الله وقرة أعين، لا ينبغي أن يكونوا عرضة للضرب أو الإهانة أو التعذيب، وحذر من أن تعذيب الأطفال جريمة وحشية ومخالفة لأوامر الله تجاه من وصفهم القرآن الكريم بأنهم "زينة الحياة الدنيا" .
مرضى نفسيون
ويرى د. جمال فرويز استشارى الطب النفسى أن هذه الجرائم لكل منها ظروف وملابسات إذا تم التعرف عليها يمكن بسهولة تحديد دوافعها. وقال فى تصريحات صحفية فى النوع الأول من تلك الجرائم، يكون تعذيب وقتل الطفل فيها غير مخطط بل وليد اللحظة، وفى هذه الحالة مرتكب الجريمة شخص طبيعى لكنه تعرض فى لحظة مفاجئة لضغط نفسى شديد دفعه إلى فقدان السيطرة على حواسه والعدوان على الطفل وربما قتله. واضاف : النوع الثانى وهو الأكثر انتشاراً، يكون المتهم فيه من متعاطى المخدرات، فيعذب الطفل بشكل مشين مما يؤدى فى أغلب الأحيان إلى وفاته، وهنا المتهم يكون فاقدا للأهلية لكن ذلك لا يمنع ان الجرم قد وقع بالفعل. وأشار فرويز الى أن هناك فئة من مرتكبى تلك الجرائم مرضى نفسيون، ويتصرفون ، ومن الممكن أن ينسج خيال الواحد منهم قصصا غريبة تدفعه إلى ارتكاب أفعال شنيعة ويكون المبرر هنا تعرضه للخيانة أو للظلم والايذاء، ومن الممكن أن تكون هناك دوافع بعينها وراء تلك الجرائم كالانتقام من الأسرة عن طريق خطف وقتل طفل أو تعذيبه، وقد يدفع الطمع والجشع فى أموال أو ميراث إلى القتل. وأوضح أن هناك من يرتكبون التعذيب على مدار أيام او اسابيع او أشهر وهذه الفئة غير مثقفة، ويبرر الشخص لنفسه الفعل بأنه يربى الطفل أو يعالجه من أمر ما، مثل الأم التى تستخدم «الكي» أو «الحرق» للطفل لمنعه من التبول اللاإرادي. وحول تأثير التعذيب على نفسية الطفل يشير فرويز إلى أن تلك الأحداث من المستحيل أن تتلاشى من ذاكرة الشخص مهما مرت السنين، ويحذر من أن ايذاء الطفل او تعذيبه يعنى القضاء على مستقبله وتدميره مؤكدا ان حياته ستكون عبارة عن الم متكرر وعدم ثقة بالآخرين. قواعد أساسية وتقول د. سوسن الفايد، أستاذ علم النفس الاجتماعى بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، إن العنف والإيلام النفسى والبدنى الذى يتعرض له بعض الأطفال يكون نتيجة لعدم تأهيل الآباء والأمهات للتربية والتنشئة بشكل سليم، مشيرة إلى أن وجود قواعد أساسية للتربية السليمة يجب أن تتبع بعيدا عن أى تصرف تلقائى قد يؤثر على نفسية وشخصية الطفل. وشددت على ضرورة أن يتواجد من البداية فى ثقافة التربية أجيال مؤهلة لتربية أطفالها تربية صحيحة، موضحة أن عدم التوفيق فى التربية وتعنيف الأبناء يؤثر على طبيعة شخصية الطفل خاصة فى ال 5 سنوات الأولى من عمره، حيث يتم تلقين الأطفال العنف دون دراية بخطورة ذلك. وقالت د. سوسن فى تصريحات صحفية: هناك ما يسمى بدائرة العنف وهو ذلك العنف الذى يحدث بسبب البيئة أو الضغوطات الحياتية والمناخ العام التى تقع فيه الأسرة، مؤكدة أن تلك الأسباب تجعلهم يتسمون بالعنف ويصبحوا فى حالة عصبية مستمرة تؤثر على تربيتهم لأطفالهم. وأشارت إلى أن الوضع الاقتصادى قد يكون هو السبب ولكن المرض النفسى أيضًا يعد عاملا مهما فى العنف ضد الأطفال، معربة عن أسفها لغياب ثقافة العلاج النفسى وعدم اعتراف البعض بمرضهم النفسى مما يفاقم تلك الأمراض مع ضغوط الحياة لتصبح حالة مزمنة تصل إلى مرحلة القتل.