دعت “حملة باطل” إلى تخصيص مستشفيات وفنادق القوات المسلحة المصرية إلى علاج مصابي فيروس كورونا المستجد، وخاصة الأطباء منهم، مؤكدة أنه “لو تم تخصيص ربع مستشفيات وفنادق الجيش فقط لعزل الأطباء المُصابين وعلاجهم، سيتم حل أزمة الأطباء حتى يتفرغوا لعلاج باقي المواطنين المصريين”. ويمتلك الجيش المصري نحو 56 مستشفى ومركزا طبيا وعيادة، في 16 محافظة، معظمها في القاهرة، وفق موقع وزارة الدفاع المصرية الإلكتروني، وتشرف على هذه المستشفيات إدارة الخدمات الطبية للقوات المسلحة، وهي إحدى الإدارات التابعة لهيئة الإمداد والتموين بالقوات المسلحة، وتخدم تلك المستشفيات 3% من سكان مصر وهم من العسكريين وعائلاتهم، ويحرمها العسكر على 97% من شعب مصر.. فهل هذا عدل؟ كورونا للمدنيين وسبق أن رفض رئيس وزراء حكومة الانقلاب مصطفى مدبولي، اقتراحات بتخصيص بعض المستشفيات التابعة للقوات المسلحة وجهاز الشرطة، لعزل المصابين بفيروس كورونا من المدنيين، بحجة أن تلك المستشفيات تحكمها قوانين ولوائح خاصة، فضلا عن توافر مئات الأسرّة لحالات الإصابة الحرجة بالفيروس، في مستشفيات العزل التابعة لوزارة الصحة والسكان بمختلف المحافظات. من جهته يقول العميد السابق بالقوات المسلحة عادل الشريف: إن السبب الرئيس في عدم فتح المستشفيات العسكرية والشرطة، هو ارتفاع الأعداد بها من المصابين بهذه الهيئات كما الحال في المستشفيات المدنية، بل ربما تكون المستشفيات العسكرية أكثر اكتظاظا، وأن الأعداد كبيرة بالكليات العسكرية بشكل عام وخاصة الفنية منها، لكن نظام السيسي وجيشه وشرطته يحاولون إخفاء هذه الأعداد وهذه الحقائق عن الشعب”. وأضاف الشريف أن هناك الكثير من الشواهد التي تؤكد ذلك بوضوح، حيث وفاة عدد من القيادات العسكرية، مشيرا إلى اللواءين اللذين أعلن عن وفاتهما في وقت سابق بفيروس كورونا، وكذلك ما نشره بعض المصادر ومنها منصة “نحن نسجل” “عن الأعداد الكبيرة من الإصابات داخل الوحدات العسكرية، والتعليمات التي صدرت لبعض الوحدات العسكرية بخصوص الجنود الذين كانوا في إجازات وعزلهم بعيدا عن وحداتهم العسكرية، وكذلك الوفيات والإصابات بعدد من السجون، وآخرهم موظف الحسابات بسجن تحقيق طرة، وهو ما يؤكد زيادة وتيرة الإصابات بهذه القطاعات، وعليه يكون من الصعب فتح هذه المستشفيات للمدنيين، وهو ما يعمق الأزمة ويهدد بكارثة”. وفي تعليقه يقول رئيس حزب البديل الحضاري أحمد عبد الجواد، إن رفض رئيس وزراء الانقلاب مطالبة البعض بفتح المستشفيات العسكرية والشرطية للجمهور، يؤكد أن هذا القرار ليس بيده، بل بيد السيسي نفسه الذي ينظر لعموم الشعب المصري وكأنهم عبيد إحسان الجيش، ولا يليق بهم المطالبة بمساواتهم مع العسكر”. وأضاف عبد الجواد: “هكذا تبدو الحلول المناسبة والممكنة لمواجهة تفشي الوباء معدومة، في ظل شبه انهيار المنظومة الصحية نتيجة تهالكها والضغط عليها مؤخرا بعد الجائحة، والغريب أن إعلام الانقلاب يبشر المصريين بانتهاء الجائحة في يوم محدد من شهر يونيو، وهكذا تنتقل مصر من كارثة لأخرى، وأصبحت المصائب تتوالى تباعا على رؤوس الشعب المطالب اليوم بضرورة القضاء على هذا النظام قبل أن يتم القضاء عليه”. أما الباحث والإعلامي مصطفى إبراهيم، فقد أرجع إصرار عصابة السفيه السيسي على إغلاق المستشفيات العسكرية والشرطية “للتفكير الطبقي الذي يسود عقلية القادة العسكريين، حيث يرى النظام العسكري الحاكم أن قادة الجيش والشرطة أعلى مرتبة من الشعب منذ 3 يوليو 2013″، رابطا ذلك بما قام به ضباط الجيش والشرطة المعارضون لنظام 3 يوليو من تسريبات، “تشير إلى ما يبث في أذهان طلبة الكليات العسكرية والشرطة، حيث يتم إفهامهم أنهم أعلى من زملائهم المدنيين، وأنهم هم وحدهم القادرون على حماية الدولة وتسيير شؤونها، وأن المدنيين لا يصلحون لتحمل المهام الصعبة، وأنهم أقل وطنية منهم”. وأضاف إبراهيم قائلا: “من حق الشعب المصري أن يعالج في هذه المستشفيات التي بنيت من أموال المواطنين المصريين وجيوبهم، وليست من ميراث ولا من كسب قادة الجيش والداخلية”. طبقية عسكرية وفي مارس 2014 أي بعد أقل من عام على الانقلاب العسكري، طالبت اللجنة العليا لإضراب الأطباء جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، بفتح مستشفيات القوات المسلحة للعلاج المجانى لكل أبناء الشعب المصري، وإصدار قانون بعلاج كل المسئولين، في المستشفيات الحكومية، سواء عامة أو تعليمية أو مركزية، ومنع سفرهم للعلاج بالخارج إلا للضرورة القصوي. ودعت اللجنة، في بيان لها، ردًا على دعوة السفيه السيسي، لشباب الأطباء بتقديم الكثير لمصر دون انتظار المقابل، بضرورة نشر كشوف رواتب وبدلات كبار مسئولي وزارة الصحة والتأمين الصحى، والتي تقدر بمئات الألوف، وفتح البعثات التعليمية بالداخل والخارج أسوة بأطباء القوات المسلحة، لزيادة خبراتهم الطبية، وخدمة المرضى المصريين وإفادتهم بها. ولم يعد خافيًا على أحد في الأوساط العلمية أو حتى الشعبية هيمنة العسكر في مصر على الحياة المدنية وعلى المجتمع ككل، فمجلس الوزراء الحالي بكل وزاراته المدنية لم يعد مجرد واجهة مدنية للحكم العسكري فقط، بل تحول الأمر إلى إحكام قبضة العسكر على كل مناحي الحياة المدنية، والنزول إلى الحكم المباشر والإدارة المباشرة من خلال الضباط العسكريين المتقاعدين والنظامين.