أكد الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان، سيجتمعان خلال أسبوع بعد مقتل عشرات الجنود الأتراك بقصف للنظام السوري في ريف إدلب . وكانت أنقرة قد أكدت إبلاغ الجانب الروسي بموقع جنودها قبل القصف، وهو ما نفته موسكو التي قالت إنهم قتلوا في مناطق عمليات “الإرهابيين”. ما سر تناقض الروايتين التركية والروسية بشأن مقتل الجنود الأتراك في إدلب؟ وما دلالة هذا الانسداد في التفاهم بينهما؟ وما هي المسارات التي يمكن أن يأخذها التصعيد الراهن بين تركياوروسيا؟ وما تأثير التحركات الغربية والدولية بشأنه؟ وبحسب تقرير بثته قناة “الجزيرة”، بدعوة من سبع دول بينها الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا، أكدت مصادر دبلوماسية أن مجلس الأمن الدولي مدعو لبحث أزمة إدلب بعد التوتر غير المسبوق الذي خلفه مقتل وإصابة عشرات الجنود الأتراك في قصف للنظام السوري بريف إدلب. توتر انقطعت في خضمه مباحثات تركية روسية على خلفية التطورات التي كانت مثار بحث رئيسي الأركان التركي والأمريكي مساء الجمعة. يبدد الوقت كل ما قيل عن الدفء الروسي التركي ومقاربات بوتين وأردوغان بشأن سوريا، تتجرع تركيا خسارتها الكبرى منذ بدأت عمليتها العسكرية شمال سوريا أكثر من 30 جنديا تركيا قتلوا في غارة جوية للنظام السوري بريف إدلب، ما يرفع عدد قتلى الجيش التركي في إدلب خلال الشهر الجاري إلى نحو 50 قتيلا على الأقل . ليس ذاك وحده ما يثير غضب أنقرة، بل علمها أن النظام السوري ما له أن يطلق رصاصة واحدة في معركة إدلب تحديدا دون ضوء أخضر مما تراه أنقرة عراب هجمات إدلب وريف حلب الغربي. عسكريا وسياسيا شرقا وغربا تتحرك أنقرة ردا على مقتل جنودها جوا وبرا، يقول الجيش التركي إنه قصف مواقع للنظام شمال سوريا، ترافق ذلك مع محادثات هاتفية بطلب تركي بين الرئيسين بوتين وأردوغان بغية تهدئة التصعيد في إدلب وإعادة الوضع هناك إلى ما قبل حادثة مقتل الجنود الأتراك، كما جرى الاتفاق على عقد لقاء بين الرئيسين في أقرب وقت ممكن. استبقت موسكو اتصال أردوغان بإرسال تعازيها في مقتل الجنود الأتراك، مرفقة برواية لما جرى تبرر للنظام قصفه مواقع القوات التركية. تقول وزارة الدفاع الروسية إن القوات التركية كانت في مكان ما كان لها أن تكون فيه ضمن ما وصفتها بالجماعات الإرهابية، وإن أنقرة لم تبلغ عن وجود جنود لها في موقع القصف، ويتهم الكرملين تركيا أيضا بأنها لم تفِ بتعهداتها في سوتشي، ولم تمنع الهجمات على المنشآت العسكرية الروسية في إدلب. ورفضت أنقرة تماما التبرير الروسي وأكد وزير دفاعها أن جنودها كانوا وحدهم في المكان، وأن النظام مضى في دك الموقع رغم إرسال الجيش التركي تحذيرًا مباشرًا إلى الروس بوجود جنود له في المكان. ثمة من يرى أن قصف النظام مواقع للجيش التركي لا يخلو من نيات انتقام بعد التقدم الاستراتيجي والمفاجئ الذي حققته المعارضة السورية المسلحة بدعم تركي، بانتزاع مدينة سراقب وطرد قوات النظام منها. وإذ تبقي أنقرة قنوات تواصلها مع موسكو رغم كل ما حدث، يتجه الرئيس التركي غربا حيث حلفاؤه في الناتو، ودعت تركيا لمنطقة حظر جوي شمال غربي سوريا وعينها على دعم من حلف شمال الأطلسي، واستجابة لتركيا فعل الناتو المادة الرابعة من ميثاقه، والذي يمنح أعضاءه طلب التشاور والدعم من كافة الحلفاء . ودعا الناتو روسيا والنظام السوري لوقف هجماتهما شمال سوريا، وأعلن دعمه لتركيا من دون الإفصاح عن طبيعة هذا الدعم، مع إبقائه في حدود ما سماه تدابير لتعزيز أمن تركيا حيال المخاطر التي تأتيها من سوريا . أما ما كان لافتا ومتوقعا فهو موقف واشنطن، إذ سارعت بإعلان وقوفها في صف تركيا في مواجهة روسيا، وقالت المندوبة الأمريكية في الناتو إنه آن للأتراك أن يدركوا من هو حليفهم ومن هو عدوهم.