يبدو وكأن الحظر على الاختلاط بين الرجال والنساء انتهى، إذ يمكن رؤية نساء ورجال جنبا إلى جنب في المطاعم والأماكن العامة، ولو أن هذه التغييرات تجري تباعا من دون ضجة أو إعلان مسبق. إلا أن جدلا واسعا يثار في السعودية في كل وقت عقب تداول مقاطع فيديو مرة توضح مظاهر الخنا والخلاعة التي بدأت تظهر في المملكة وآخرها إزالة لوحة “قسم العائلات” من على أبواب أحد المطاعم تطبيقًا لقرار وزارة شئون البلدية بإلغاء الفصل بين الأفراد والعائلات داخل مطاعم المملكة. جدل واسع في #السعودية عقب تداول مقطع فيديو يُظهر إزالة لوحة "قسم العائلات" من على أبواب أحد المطاعم تطبيقًا لقرار وزارة شؤون البلدية بإلغاء الفصل بين الأفراد والعائلات داخل مطاعم المملكة pic.twitter.com/ageTT2pCEn — وكالة شهاب (@ShehabAgency) February 2, 2020 وقال مراقبون ومنهم وكالة الأنباء الفرنسية (إ ف ب) في تقرير أخير: إنه تم الحد من دور “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” التي كانت بمثابة شرطة دينية في البلاد. وتحاول هذه الوكالة بسط صورة أريحية على سياسة الانفتاح هذه التي يقودها ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان” منذ 2017، وتزعم أنها تجد ترحيبا واسعا لا سيما في صفوف الشباب، وأن رجال دين بارزين يؤيدون، وأن محور الغضب هو بحسب ادعائهم لدى عدد من السعوديين المحافظين ولو أنهم لا يجاهرون بغضبهم.
قبلات ساخنة وتواترت خلال الفترة الماضية ظواهر مجتمعية لم يألفها السعوديون، وذلك تزامنا مع خطوات تقول الإدارة السعودية إنها إصلاحية تهدف لتغيير الصورة الذهنية للمملكة لتكون أكثر انفتاحًا. وأحدث موجات الجدل الذي أشعلته ناشطات سعوديات ما نشرته الناشطة السعودية “فوز العتيبي”، الأربعاء الماضي؛ حيث نشرت “فوز العتيبي” عبر حسابها في “تويتر” صورة جريئة (قبلات وهي بملابس عارية) مع زوجها في أحد الأماكن السياحية. وتزامنت صور “فوز العتيبي” مع ظهور السعودية “أميرة الناصر”، نجمة “سناب شات”، وهي تحتفل بطلاقها من زوجها. وكان وسم “حفل طلاق أميرة الناصر” الأكثر تداولاً في موقع “تويتر” بالسعودية، بعدما ارتدت “أميرة” في “حفل طلاقها” فستان الفرح الذي صممه لها السعودي “عبدالله” المعروف في حفر الباطن لارتدائه في ذكرى زواجها، لكنها قررت ارتداءه أيضًا في حفل طلاقها. ونشرت الناشطة السعودية “هند القحطاني”، نوفمبر الماضي، على مواقع التواصل الاجتماعي عندما نشرت وهي تعيش حاليا في المملكة المتحدة بعدما كانت مدرسة في المدارس السعودية، فيديو عبر قناتها في تطبيق “سناب شات” تظهر فيه وهي ترقص مرتدية “الشورت” القصير، وملابس ضيقة تبرز أجزاء جسمها. ودعت “هند” التي أثارت جدلا وغضبا في السعودية، مقطع فيديو تدعو فيه الرجال السعوديين إلى التخلي عن نظرتهم للمرأة التي ترتدي ملابس مكشوفة، أو تلك التي تظهر أجزاء من جسدها.
على غير العادة واستضافت الرياض نهاية 2019 مهرجان “ميدل بيست” الذي اعتبر أكبر حفل تستضيفه المملكة فضجَّت الموسيقى لساعات متواصلة خلال ثلاثة أيام في أرجاء الموقع الذي بُني خصيصًا للحفل في الصحراء قرب الرياض، ورقصت نساء بعضهن دون عباءاتهن وأغطية رءوسهنّ، مع الرجال في الهواء الطلق. كما أقيمت حفلات غنائية عربية وغربية في عدة مدن أخرى شهدت حضور جمهور مختلط في شكل غير مسبوق. ونشرت تقارير صحفية في الإعلام المحلي خلال الأشهر الأخيرة تقارير حول حرق سيارات نساء في عدد من مدن المملكة، وقد اتهم بعضهن رجالاً بالتورُّط في ذلك احتجاجًا على مبدأ قيادة المرأة للسيارات. وأوقف الأمن السعودي الشيخ “عمر المقبل” بعد انتقاده للهيئة العامة للترفيه لقيامها “بمسح الهوية الأصلية للمجتمع السعودي”. وتقول هيئة الترفيه التي يرأسها تركي آل الشيخ: إن المملكة تسعى لجذب 100 مليون سائح في السنوات المقبلة، وهو ما يثير مخاوف لدى البعض من تطبيق مزيد من الانفتاح لتلبية رغبات الزائرين. وقال دبلوماسي أجنبي يعيش في الرياض منذ أكثر من ست سنوات: إنّ “هناك تغييرًا هائلاً لكنّه هش وحساس للغاية”. وتابع: “كثير من الناس يدعمونه وكثيرون يعارضونه. المعضلة إذا حدث صدام بينهما”.