اتحاد منتجي الدواجن: السوق محكمة والسعر يحدده العرض والطلب    الرئيس الأمريكي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية    منتخب مصر يكتسح بوروندى ويتأهل لدور الثمانية بالبطولة الأفريقية للساق الواحدة    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالعمرانية    ضبط موظفة لقيامها بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب على المواطنين    التصريح بدفن جثمان طفل صدمته سيارة نقل بكرداسة    وكيل "صحة مطروح" يزور وحدة فوكة ويحيل المتغيبين للتحقيق    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    المجلس الدولي لحقوق الإنسان: نتنياهو لن يستطيع الخروج من إسرائيل    بعد ارتفاعها ل800 جنيها.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي «عادي ومستعجل» الجديدة    ميدو: غيرت مستقبل حسام غالي من آرسنال ل توتنهام    حسين لبيب: زيزو سيجدد عقده وصبحى وعواد مستمران مع الزمالك    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء في الدوري المصري    الدوري الإيطالي.. حفل أهداف في تعادل بولونيا ويوفنتوس    طبيب الزمالك: إصابة أحمد حمدي بالرباط الصليبي؟ أمر وارد    بعد الفوز بالكونفدرالية.. لاعب الزمالك يتحدث عن أداء وسام أبو علي مع الأهلي    وزير الصحة: 5600 مولود يوميًا ونحو 4 مواليد كل دقيقة في مصر    "رياضة النواب" تطالب بحل إشكالية عدم إشهار22 نادي شعبي بالإسكندرية    مراقبون: قرار مدعي "الجنائية الدولية" يشكك في استقلالية المحكمة بالمساواة بين الضحية والجلاد    قتلها وحرق الجثة.. ضبط قاتل عروس المنيا بعد خطوبتها ب "أسبوعين"    كيفية الاستفادة من شات جي بي تي في الحياة اليومية    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    حدث بالفن| حادث عباس أبوالحسن وحالة جلال الزكي وأزمة نانسي عجرم    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    إبراهيم عيسى: حادثة تحطم طائرة الرئيس الايراني يفتح الباب أمام أسئلة كثيرة    وزير الصحة يكشف مفاجأة عن مصير الكوادر الطبية بالمستشفيات الحكومية (فيديو)    طريقة عمل ماربل كيك بالفول السوداني، فاخرة ومذاقها لا يقاوم    باتباع نظام غذائي متوازن، إنقاص الوزن الزائد بدون ريجيم    مصطفى أبوزيد: تدخل الدولة لتنفيذ المشروعات القومية كان حكيما    إجازة كبيرة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    ضحية جديدة لأحد سائقي النقل الذكي.. ماذا حدث في الهرم؟    المجلس التصديري للملابس الجاهزة: نستهدف 6 مليارات دولار خلال عامين    إيران تحدد موعد انتخاب خليفة «رئيسي»    بعد تعاقده على «الإسترليني».. نشاط مكثف للفنان محمد هنيدي في السينما    مشيرة خطاب تشارك مهرجان إيزيس في رصد تجارب المبدعات تحت القصف    أفلام صيف 2024..عرض خاص لأبطال بنقدر ظروفك الليلة    «بطائرتين مسيرتين».. المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف هدفًا حيويًا في إيلات    لميس الحديدي تعلق على طلب اعتقال نتنياهو وقادة حماس : مساواة بين الضحية والجلاد    خفض الفائدة.. خبير اقتصادي يكشف توقعاته لاجتماع البنك المركزي    كيف أثرت الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي؟.. مصطفى أبوزيد يجيب    جهاز تنمية القاهرة الجديدة يؤكد متابعة منظومة النقل الداخلي للحد من التكدس    أطعمة ومشروبات ينصح بتناولها خلال ارتفاع درجات الحرارة    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    «حماني من إصابة قوية».. دونجا يوجه رسالة شكر ل لاعب نهضة بركان    سعر الدولار والريال السعودي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    متى تنتهي الموجة الحارة؟ الأرصاد الجوية تُجيب وتكشف حالة الطقس اليوم الثلاثاء    على باب الوزير    شارك صحافة من وإلى المواطن    غادة عبدالرازق أرملة وموظفة في بنك.. كواليس وقصة وموعد عرض فيلم تاني تاني    أزمة الطلاب المصريين في قرغيزستان.. وزيرة الهجرة توضح التطورات وآخر المستجدات    بشرى سارة.. وظائف خالية بهيئة مواني البحر الأحمر    المصريين الأحرار بالسويس يعقد اجتماعاً لمناقشة خطة العمل للمرحلة القادمة    وزير العدل: رحيل فتحي سرور خسارة فادحة لمصر (فيديو وصور)    مدبولي: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة رجال المخلوع للمشهد السياسي.."ثورة يناير للخلف در"

· ترويج رجال "الوطني المنحل" للوثيقة السوداء يشعل ثورة الشعب ضد الانقلابيين
· رموز النظام الفاسد يسعون إلى الحفاظ على نفوذهم ومصالحهم ومراكزهم في النظام الانقلابي
· رجال مبارك عادوا للدفاع عن وجودهم بتأييد وثقية الدم لأنها حذفت العزل السياسي
· الانقلابيون يعيدون ترزية القوانين لتحقيق مصالحهم وأهدافهم في ظل دولة اللاقانون
· عبد السلام نوير: عودة رجال المخلوع يكشف الوجه الحقيقي للانقلاب والثورة المضادة
· شيماء بها الدين: الانقلاب جاء على ثورة يناير وإرادة الشعب وكل ما أتت به
كتبه - الحرية والعدالة
عاد رجال ورموز نظام المخلوع مبارك والحزب الوطني المنحل لتصدر المشهد السياسي والإعلامي من جديد في إطار مشاركتهم وتدشينهم لحملات تأييد الوثيقة الانقلابية السوداء المسماه بالدستور، وظهروا بقوة في مؤتمرات وندوات وفعاليات حملات تجوب المحافظات وبالصعيد والدلتا وبلافتات تملأ الشوارع للحشد ب"نعم" على وثية الدم.
عودة رجال المخلوع مرة أخرى اعتبره خبراء سياسيون أمرًا متوقعا بعد انقلاب 30 يونيو، حيث إن هؤلاء عادوا للدفاع عن وجودهم ومصالحهم داخل النظام الانقلابي، وسعيهم إلى الحفاظ على نفوذهم ومراكزهم وتمكينهم من المؤسسات القادمة، خاصة بعد حذف مادة العزل السياسي وسجن جميع المنافسين الشرفاء من رافضي الانقلاب بما يؤسس لتواجدهم بشخوصهم.
وأوضحوا أن عودة رموز الحزب الوطني المنحل تكشف أن قادة الدولة العميقة انحنوا لفترة مؤقتة ثم عادوا لينتقموا بشراسة من ثورة يناير ورموزها وسجنهم وتشويهم ليحلوا محلهم بعملية إحلال ممنهجة عادت بنا لنقطة الصفر، لتبدأ الثورة من جديد طريقها نحو استعادة الحرية والكرامة والديمقراطية والشرعية المغتصبة من العسكر الانقلابيين بقوة السلاح.
حتى لا ننسى
جاء أول ظهور لفتحي سرور -رئيس مجلس الشعب الأسبق- ليمجد مزايا وثيقة الانقلاب المسماه بالدستور وتكريسها لدولة القانون ويكرر الخطاب نفسه مفيد شهاب وزير شئون المجالس النيابية في عهد المخلوع، وأحمد الفضالي منسق تيار الاستقلال المؤيد للانقلاب، واللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية السابق، ورجل الأعمال هاني سرور.
وبالرغم من أن فتحي سرور وأحمد الفضالي كانا متهمين بموقعة الجمل التي قتل وأصيب فيها العشرات من الثوار بميدان التحرير، إلا أنهما حصلا على البراءة وعادا ومعهما آخرون من قيادات الحزب الوطني المنحل للتسويق لدستور العسكر.
يذكر أنه في إبريل 2011 قرر المستشار محمود السبروت، قاضي التحقيق مع الدكتور أحمد فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب السابق، في تهمة التحريض على ضرب المتظاهرين يوم 2 فبراير الماضي في "موقعة الجمل" تجديد حبس سرور 15 يومًا على ذمة التحقيق، بتهم الاتفاق بالاشتراك والمساعدة مع آخرين من قيادات الحزب الوطني المنحل لدفع آلاف من البلطجية وضباط وأفراد في الشرطة للهجوم على المتظاهرين في ميدان التحرير لإخراجهم بالقوة، وهو ما أدى إلى وقوع اشتباكات عنيفة أدت إلى مقتل العشرات من المتظاهرين. وأفادت التحريات التي أعدتها لجنة تقصي الحقائق، وجهات رقابية ذلك، ثم لاحقا تم تبرئتهم!
وكان فتحي سرور، قد حبس، 15 يومًا على ذمة التحقيق في اتهامه بتضخم ثروته بطريقة غير مشروعة، وبطريقة لا تتناسب مع دخله كرئيس لمجلس الشعب المنحل الذي حل لأنه جاء بعد تزوير الانتخابات في 2010.
وعاد فتحي سرور ليروج لوثيقة الانقلاب في أول ظهور علني له بعد 30 يونيو وذلك بمؤتمر في بداية يناير 2013.. ليقول: "إننا مقبلون على حدث مهم في تاريخ مصر وهو الاستفتاء على الدستور.. ونحن أمام وثيقة دستورية تسجل أن الشعب مصدر السلطات وتقوم على الحريات والحقوق وقضاء مستقل ومحايد يحمي كل ما تقدم". و"أنه سعيد بدستور يعلي سيادة القانون".. على حد قوله.
أما رجل أعمال من رجال المخلوع مبارك هو "هاني سرور" فيعود للحياة السياسية بحملة لدعم الدستور باللافتات وكان "سرور" نائب بمجلس الشعب عن الحزب الوطني المنحل عن دائرة الأزبكية سابقًا، ويمتلك شركة "هايدلينا ميديكال" للمستلزمات الطبية، وسبق أن تعرض هاني للتحقيق والمحاكمة بسبب قضية أكياس الدم الملوثة سنة 2007، حيث حكم عليه بالسجن 3 سنوات.
بدوره امتدح د. مفيد شهاب -القيادي بالحزب الوطني المنحل والوزير السابق بحكومة مبارك- وثيقة الانقلاب في مؤتمر له وبندوة أخرى لمناقشة الدستور الانقلابي، وقال إنه يؤكد اهتمام الدولة بحقوق الإنسان، على حد قوله.
كما شارك اللواء أحمد جمال الدين -وزير الداخلية السابق- بحملات للترويج لوثيقة الانقلاب منها ما عقده حزب "المؤتمر" و"جبهة مصر بلدي" في عدة أماكن منها الأقصر وقنا ومعه الصحفي مصطفى بكري، ومفتي الجمهورية السابق علي جمعة.
وفي 13 ديسمبر 2013 دشن المستشار أحمد الفضالي –أحد المتهمين في موقعة الجمل ورجل نظام مبارك والمنسق العام لتيار الاستقلال- إطلاق حملة لتأييد الدستور الانقلابي تحت شعار "نعم للدستور" تساوي نعم لثورتي 25 يناير و30 يونيو، على حد زعمه، وتتضمن عقد نحو 360 مؤتمرا للتوعية بالدستور في عدد من مدن ومحافظات الجمهورية، كما أعلن عن تشكيل ما وصفه بأكبر جبهة وطنية والتي أعلن عنها لاحقا باسم "جبهة مصر بلدي".
وضمن الفعاليات عقد الفضالي مؤتمرا بالسويس في يناير الجاري، قال فيه إنه ينحاز للنظام الفردي وطالب بإجراء الانتخابات الرئاسية أولًا قبل البرلمانية، وقال إن الرئيس المدنى لمصر لا يتعارض مع أن يكون المرشح عسكريًا، على حد زعمه.
تشكيك في الثورة
وحول حملات الفلول ورجال المخلوع حسني مبارك لتأييد وثيقة الانقلاب ومخاطر ذلك، أكد الدكتور عبد السلام نوير -أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط- أن فتحي سرور وأحمد الفضالي كانا متهمين في قضية "موقعة الجمل" ولكن القضاء برأهما، ومما لا شك فيه أنهما من رموز النظام السابق الذي قامت عليه ثورة يناير، والذين عادوا عن طريق تدشين حملات للترويج لدستور الانقلاب بطرق متعددة بمؤتمرات وحملات وندوات، وهذا متوقع منهم لأنهم يدافعون عن استمرار نفوذهم ووضعهم الحالي والمستقبلي.
وأضاف "نوير" أن المشكلة الأكبر هي قيام رجال المخلوع بالتشكيك في الثورة نفسها ووصفها بأنها مؤامرة وبتمويل أمريكي وأنها من حروب الجيل الرابع للطعن في ثورة يناير، مما يوجد تناقضا جديدا فهؤلاء الفلول كتبوا لافتات بأن التصويت بنعم يعني نعم لثورة 25 يناير و30 يونيو وبعد فترة بدأت حملة ممنهجة لتشويه ثورة يناير ورموزها والثوار الذين شاركوا فيها.
واعتبر أن عودة رموز نظام المخلوع مبارك من الصف الأول لتأييد دستور الانقلاب والترويج له حدث طبيعي لأن "30 يونيو" وما تلاها هو عودة لدولة مبارك ورجاله ونظام ما قبل الثورة مجددا، بل لما هو أسوأ، وفي ركاب ذلك نجد كل الإجراءات تسير في ركابها، فقد خرجوا براءة غير مدانيين قضائيا وأصبح المدان الذي يتم ملاحقته وحبسه بالسجون ومعاقبته قضائيا هم من ثاروا على نظام المخلوع مبارك.
وتابع: "بالتالي يعد تأييد رجال مبارك لوثيقة الانقلاب وكل إجراءاته استمرار لاستراتيجية (للخلف در) التي أدار بها المجلس العسكري والدولة العميقة البلاد حتى الانقلاب على الرئيس الشرعي، والسبب الرئيسي لتأييدهم لها لأنها نقلتهم من حالة الخوف وانتظار عقوبة إلى أن أصبحوا أحرار طلقاء وتمكنوا ثانية من مفاصل الدولة.
ووصف أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط، عودة هؤلاء بهذا الشكل للصدارة لا يمثل فقط خطورة بل هو أسوأ ما تعيشه مصر الآن، وقد اتضح وضوح الشمس أن هناك معسكرين وعملية فرز واضحة للثورة والثورة المضادة، واتضح تماما أنه حتى بعض ممن توافقوا فيما سمي "30 يونيو" بدأت عناصر منهم يتم التنكيل بهم وزجهم في السجون من نشطاء وشباب ثورة يناير، والفرز الواضح أن قيادات الدولة العميقة عادت لتنتقم وتقوم بعملية انتقامية من شباب الثورة ورجالها ومن دستور البلاد وتزج بهم في السجون والمعتقلات.
وحذر من أن استمرارية الانتقام من ثورة يناير وثوارها وسوء الأوضاع يجعل قطاع من الشعب يكفر بالعملية الديمقراطية ذاتها، متوقعا عزوفا واسعا عن أي استفتاءات أو انتخابات تجريها سلطة الانقلاب الدموي، لأن الناس وثقوا بالديمقراطية الوليدة وتنامت الثقافة السياسية لديهم، ولكن الانقلاب أحدث لديهم انتكاسة، متوقعا أن الاستفتاء لن يخرج فيه إلا من له مصالح مباشرة أو غير مباشرة مع شبكات مصالح الدولة العميقة، متوقعا عودة طريقة رجال الأعمال في الحشد واستغلال العصبيات.
ويرى "نوير" أن المسرح الآن يُعد لتمكين رجال المخلوع من مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية وأن المشهد يعد لمرحلة ما بعد الاستفتاء عن طريق إقرار النظام الفردي لثلثين على الأقل، ونزول رجال المخلوع مبارك مستقلين بحيث لا يتشكل في البرلمان كتلة واحدة تلزم رئيس الدولة برئيس وزراء بعينه وهذا مقصود.
ولفت إلى أنه على التوازي مع عودة رموز نظام المخلوع للصدارة وللمشهد السياسي والإعلامي يتوارى رموز أخرى ممن أيدوا تظاهرات 30 يونيو وأصبحوا خارج الكعكة وينظر لهم بريبة لأن الثورة المضادة عادت لتنتقم بشراسة من الجميع حتى من أيدوا الانقلاب، كذلك انكشف حقيقة عمرو موسى وحمدين صباحي ولن يثق بخطابهم أحدا بعد اليوم هم وبعض أدعياء المدنية.
ونبه "نوير" إلى أن هؤلاء جزء من الدولة العميقة التي فأجأتها الثورة وكل ما فعلته قيادات الدولة العميقة انحناء مؤقت لما اعتبروه عاصفة، ثم تم التضحية بفرع واحد فقط متمثل في مبارك والحفاظ على الجذور وباقي الفروع للنظام نفسه، ومن الواضح أن القوات المسلحة نظرت لثورة يناير بتعاطف ما فقط لحين إنهاء موضوع التوريث وليس أكثر وما تجاوز ذلك اعتبرته تهديدًا لها وللدولة ولكبار رجالاتها وهم جزء منها.
وحذر أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط، من أن الأخطر من خطاب الترويج للاستفتاء بلسان رجال المخلوع هو خطابهم المشكك في ثورة يناير بعملية ممنهجة لملاحقة قياداتها ورموزها تجري على قدم وساق ولذلك نجد رموز نظام المخلوع يعودون وبقوة في المقابل، ولم تتم إدانتهم قضائيا، ويتم الترويج الآن كأن ثورة لم تقم في إطار تزييف وقلب الحقائق وكأن الثورة قامت ضد الإخوان وليس ضد فتحي سرور وجمال وعلاء مبارك، ورجال الوطني المنحل، مما يعد تشويه متعمدا فما أرادته المؤسسة العسكرية تنحي مبارك وما عدا ذلك غير مسموح به ووضعت نقطة ومن أول السطر، وأدارت الأمور بطريقة المشي في المكان ثم طريقة للخلف در ورجعنا لنقطة ما تحت الصفر.
انقلاب على الثورة
من جانبها ترى شيماء بهاء الدين -الباحثة المتخصصة في العلوم السياسية- أن ظهور أبرز وجوه نظام المخلوع مبارك وعلى رأسهم فتحي سرور ومفيد شهاب دليل جديد على حقيقة الثورة المضادة التي بدأ الترتيب لها قبل 30 يونيو 2013، وإن لم تظهر هذه الوجوه حينها كجزء من خداع الرأي العام، فالانقلاب كان انقلابًا على ثورة 25 يناير، وإرادة الشعب المصري بكل ما أتت به.
وأضافت "بهاء الدين" أن السماح بظهور هؤلاء الآن يتكامل مع عدد من المشاهد أبرزها ترديد بعض وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب أن ما حدث في 25 يناير ما كان إلا مؤامرة على مصر، فضلا عما توازى مع ذلك من بث مكالمات قيل أنها تخص بعض النشطاء السياسيين بغرض تشويههم برغم دعم عدد منهم للانقلاب، وأن هذا يدل على رغبة سلطات الانقلاب في القضاء على أي أثر يمُت للثورة من قريب أو من بعيد، فقد استخدمت سلطات الانقلاب هؤلاء النشطاء لفترة كقناع ولكنها الآن تكشف عن وجهها الحقيقي بملامحه القمعية الفلولية.
وتابعت أنه من الملاحظ أن ظهور مثل هذه الرموز من النظام الفاسد هو تمهيد لعودة ترزية القوانين بما يتسق مع السياسات الراهنة التي تضرب عرض الحائط بأبسط قواعد دولة القانون، حيث تصادر أموال الجمعيات الخيرية وتوزع الاتهامات دون أحكام قضائية، وبالتالي فلعل الهدف تلميع مثل تلك الشخصيات مقابل المشاركة في التلاعب بالقوانين والإجراءات.
وأشارت -الباحثة المتخصصة في العلوم السياسية- إلى أنه من أغرب الأمور أنه يسمح لهؤلاء بعقد الندوات والمؤتمرات فقط لمجرد أنهم يدعون للتصويت ب"نعم" لوثيقة لجنة الخمسين الانقلابية الباطلة، في الوقت الذي تمنع فيه المراكز البحثية بالجامعات من عقد الندوات العلمية وينبه على الأساتذة بعدم المشاركة في مؤتمرات حول موضوعات معينة، ولا شك أن أفراد نظام مبارك هم أكثر المؤهلين للدفاع عن وثيقة الانقلاب، وهي التي حذفت مادة العزل السياسي لهم جراء ما اقترفوا من إجرام في حق الوطن.
وأوضحت أننا أمام بروز ثلاثي الأبعاد لنظام مبارك: قانوني، إعلامي، اقتصادي. ورغم ما يثيره هذا الظهور من قلق، إلا أنه يدل على أن سلطات الانقلاب قد ضاقت بها السبل ولم تجد سوى الكشف عن وجهها القبيح، والعودة إلى مخاطبة القواعد التقليدية للحزب الوطني بعد الفشل في كسب تأييد غالبية الشعب المصري.
ولفتت "بهاء الدين" إلى إنه بالنظر إلى مضمون ما يروج له هؤلاء الفلول وتوضيحه للرأي العام هو أمر في غاية الأهمية، لما يحتويه خطابهم من تدليس وتلبيس على الناس، سواء فيما يتصل بالشئون الداخلية أو الخارجية، وأن كشف زيف ما يقولون سيكون وبالًا عليهم.
ومن الأمثلة على ذلك بحسب "بهاء الدين": الترويج لنظام الانتخاب الفردي، والمعروف أن ذلك يصب في صالحهم حيث ما اعتادوا عليه من قبل، وما يتيحه هذا الأسلوب من سهولة استخدام الرشاوى الانتخابية لاسيما في ظل تغييب المنافسين من الإسلاميين، هذا بجانب أنهم يروجون عن وثيقة دستور الانقلاب أمور ليست بها، خاصة ما يتصل بحقوق العمال والفلاحين وغيرهم ممن خُصم من حقوقهم لصالح من يعودون من رجال أعمال المخلوع، وهم يمهدون بالتزوير المنتظر عبر تصريح أحد هؤلاء بأن النتيجة المتوقعة لاستفتائهم ستكون مائة بالمائة، فأي عقلية يخاطبون؟؟
وأضافت أنهم في هذا السبيل لا يفوتهم العمل على هدم ثوابت ثورة 25 يناير الباحثة عن دولة مدنية، إذ يروجون دون أي منطق أن مجيء رئيس من العسكر لا يعني حكم عسكري.. فماذا يعني إذن؟ كما أنهم يسيئون إلى ثوار سوريا وليبيا، ويلصقون بهم الإرهاب، فقط خوفًا من أن تنتج هذه الثورات صعودًا إسلاميًا جديدًا.
وقالت "بهاء الدين" ولا يجب أن يفوتنا أن هؤلاء الفلول يتحركون في الخارج أيضًا لجلب الاعتراف بالانقلاب وترويجه، ولكن تلك التحركات هي أيضًا في إطار العمل الإسعافي للانقلاب، إذ يتحدثون عن الاتجاه إلى جنوب إفريقيا على سبيل المثال، ومن المعروف موقفها شديد الرفض للانقلاب.
وتابعت: "من المتوقع أن يتجه هؤلاء إلى مزيد من التكتل على نمط "تيار الاستقلال" و"جبهة مصر بلدي" أما نتيجة هذا التواجد الفلولي، وهل سيمكن النظام السابق أم لا؟، فإن الشعب هو من يحدد مهما كانت قوة هؤلاء الفلول ومن يساندهم، وها هو الشعب يحدد باستمرار فعالياته الرافضة للانقلاب وتضحياته كل يوم بل كل ساعة. مشيرة إلى أنه ربما يكون هذا الظهور الفج صفعة تفيق البعض من مؤيدي الانقلاب ليعودوا إلى صفوف الثوار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.