كنا نود أن نتطرق فى هذه الظروف الفاصلة من عمر الوطن للذكرى الثالثة المرتقبة لثورة 25 يناير، والتى يراهن عليها الكثيرون فى استكمال الثورة وإسقاط العسكر واستعادة الديمقراطية، ولكن معركة الأمعاء الخاوية التى يخوضها المعتقلون الأبطال فى كثير من سجون الانقلاب، جديرة بالتوقف، خاصة مع الإضراب النوعى للدكتور محمد البلتاجى أحد قيادات حزب الحرية والعدالة والتحالف الوطنى لدعم الشرعية ورفض الانقلاب. إن التوقف مع شخصية بقدر وقيمة د. محمد البلتاجى، توقف صعب على الكتاب والمفكرين والمتابعين للشأن الثورى؛ إذ إنه يشكل حالة وطنية ثورية فريدة علت على ما هو حزبى لصالح ما هو وطنى ثورى، بل وجسدت -بعيدا عن حملات التشويه المتعمدة التى لا أصل لها وستنهار مع انهيار الانقلاب- حالة إنسانية عالمية، دفعت ضريبة غالية من حياته وحرياته وفلذة أكباده -قتلا واعتقالا- من أجل مبادئ إنسانية لا يختلف عليها اثنان. د. البلتاجى، كان دومًا أول الحاضرين فى أوقات الخطر، وكان آخر الحاضرين فى أوقات المغانم، لذلك كان دائما مطلوبا سواء من أحبابه أو أعدائه، فأحبابه يريدونه فى قمة المسئوليات لإنقاذ الوطن، وأعدائه يريدونه فى قاع المعتقلات للسيطرة على الوطن، ولكن الرجل الحر، ما سكت أمام آلة القمع الانقلابية الغبية، وحوَّل أوقات حرياته إلى ساحات تجميع حول الثورة، وحول السجن إلى ميدان ثورة وقاعة المحكمة إلى صوت ثورة. ولعل معركة الأمعاء الخاوية التى يخوضها -وقت كتابة هذه السطور- د. البلتاجى بإضرابه التام عن الطعام، هى تجسيد جديد للمقاومة المدنية التى يحتاجها الوطن فى مواجهة سلطة قمعية انقلابية وقضاة موالين لعسكر مبارك مصرين على حبس ثورة 25 يناير ورموزها وأيقوناتها وأبنائها. وجاءت رسالة د. البلتاجى التى نشرتها صحفته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، فى اليوم الخامس عشر لإضرابه لتفيد الحراك الفكرى الثورى قبيل الذكرى الثالثة المرتقبة لثورة 25 يناير؛ حيث قال الأسير البطل للجميع: "أصمدوا وتجاوزوا الأخطاء، تجمعنا الثورة والأهداف السامية ورفض الخيانة والظلم والقتل والانقلاب على ثورة يناير وعلى الإرادة الشعبية... سنتجاوز الأخطاء ونكسر الانقلاب جميعًا بوحدة كل من يدعو للحق والعدل والحرية والكرامة والقصاص من الظالمين ويرفض الظلم والقتل والقمع والاعتقال"، وبحق فإن هذه هى الرسالة الثورية لمن كان فى قلب مثقال ذرة من ثورة. لقد حان وقت الفصل ما بين الثورة والسياسة بالمفهوم الحزبى، تحت مبدأ "ما للثورة للثورة وما للسياسة للسياسة"، فالاختلاف الحادث لا ينتمى للمنطق الثورى بقدر ما ينتمى قلبا وقالبا إلى المناكفات السياسية، ولنا فى الأسير البطل الدكتور محمد البلتاجى قدوة الذى كان وما زال ثورة تمشى على الأرض. نثق أن الانقلاب العسكرى إلى زوال بعون الله عز وجل، وأن المواطن المصرى الدكتور محمد البلتاجى وأسرته سيأخذون حقهم ممن ظلموهم وظلموا الوطن، شأن كل المصريين الذين تضرروا عقب انقلاب 3 يوليو الأسود، فصبرا يا آل البلتاجى إن موعدكم ميادين الحرية عندما يرتدى الانقلاب البدلة الحمراء ونسترد ثورة 25 يناير ونحاسب أيتام مبارك. _______________________ منسق حركة "صحفيون من أجل الاصلاح"