في جيوسيبي مياتزا يوم الجمعة .. ستامفورد بريدج مساء السبت .. اسم جوزيه مورينيو يتردد بقوة لتعبير جماهير إنتر ميلان وتشيلسي عن غضبهما العارم. فمع تأخر إنتر ميلان بثلاثة أهداف نظيفة لم تجد جماهير النيراتزوري أفضل من الهتاف باسم مورينيو لتضغط على أعصاب كلاوديو رانييري مدرب الفريق. الأمر نفسه حدث بعدها ب24 ساعة في لندن، حين تأخر تشيلسي بهدف في دور ال16 من كأس إنجلترا. فجمهور تشيلسي أخذ ينادي على اسم مورينيو تعبيرا عن الغضب من إدارة المدرب الشاب أندريه فيلاس-بواس للفريق. وعادة اسم مورينيو ليس غريبا في ستامفورد بريدج وجيوسيبي مياتزا.. لكن أن يتردد من جماهير تشيلسي وإنتر في الوقت الذي يقود فيه البرتغالي ريال مدريد! لقد تحول مورينيو إلى عنصر ضغط على الأجهزة الفنية في الفرق التي تولى مسؤولياتها بسبب النتائج الممتازة التي حققها معهم. ويقول فيلاس-بواس عن ذلك: "مورينيو يضغط على أعصاب الجميع لأنه مدرب كبير، هذا طبيعي". ويتابع المدرب الذي يبلغ من العمر 33 عاما "حين نخسر يتذكر الجميع انتصارات مورينيو، ويشكل هذا ضغطا على الأندية". واستطرد "حتى حين يخسر مورينيو في النادي الذي يدربه، يصبح مهددا بالرحيل وبالتالي يبدأ الإعلام في التكهن بالفريق المقبل للاستثنائي ويضغطون علينا باسمه". لكن السؤال هنا.. لماذا يشعر جمهور إنتر وتشيلسي بأن الناديين فشلا في تعويض مورينيو؟ هناك إجابتان على هذا السؤال يجمع بينهما عنصر واحد، هو أن مورينيو رفع سقف التحديات التي كان يعيشها إنتر ميلان ومن قبله تشيلسي. فتشيلسي كان باحثا عن مركز متقدم في جدول الدوري الإنجليزي قبل أن يصل مورينيو ويضع البلوز على منصة التتويج عامين متتاليين. والأمر نفسه مع إنتر الذي كان يعاني من الفشل الأوروبي لأكثر من 45 عاما حتى أنهى مورينيو العقدة بتتويج النيراتزوري بالثلاثية. غير استثنائي النظرية الأولى تتبنى أن الخطأ يعود في أن إنتر وتشيلسي، لم يتعامل الناديان مع رحيل مورينيو بالشكل الأمثل واختارا له خليفة "غير استثنائي". فإنتر منذ رحل عنه المدرب البرتغالي مر عليه ثلاثة مديرين فنيين بداية بالإسباني رافايل بينيتث ومرورا بليوناردو ثم جيامبييرو جاسبريني وصولا إلى رانييري. وتشيلسي تعاقد مع أفرام جرانت ثم لويس فيليبي سكولاري وجوس هيدينك وكارلو أنشيلوتي وأخيرا فيلاس-بواس. وينتمي لفئة غير الاستثنائي ليوناردو ورانييري في إنتر، وجرانت وأنشيلوتي في خيارات تشيلسي. فليوناردو كان مدربا لميلان ووضح أنه ليس عملاقا في التدريب، خاصة وأنه كان يعلن في كل فرصة سانحة أنه يفضل العمل كمدير كرة عنه كمدير فني. ورانييري بحسب تصريحات مورينيو هو "رجل عاش في إنجلترا خمس سنوات ولا يعرف كيف يقول صباح الخير بالإنجليزية".
ويتابع مورينيو "رانييري مدير فني بلغ ال60 من عمره ولم يفز سوى ببطولة كأس إيطاليا". أما جرانت فحدث ولا حرج من حيث أن الرجل لم يكن قد عمل مدربا منذ سنوات طويلة وسجله لا يحوي أي إنجاز يذكر بل على العكس تماما. وحتى أنشيلوتي، برغم تاريخه الجيد مع ميلان إلا أنه كان يقدم للإعلام على أنه صائد كؤوس وقادم ليقود تشيلسي إلى منصة تتويج دوري أبطال أووربا. وحين لم يحدث ذلك لم يعتبر جمهور تشيلسي التتويج بالدوري نجاحا كافيا للإبقاء على المدرب الإيطالي، خاصة بعدما تدهورت نتائج الزرق تحت قيادته بعد ذلك. ويعد هيدينك الاستثناء الذي يؤكد القاعدة من خلفاء مورينيو، فالرجل بتاريخه كان أهلا لإقناع جماهير تشيلسي بأنه على قدر المسؤولية. وقتها فقط اختفت نغمة الاستثنائي، إذ يصرح جو كول لاعب تشيلسي وقتها "هيدينك الوحيد الذي مع قدومه توقفنا كلاعبين عن ذكر اسم مورينيو في كل موقف". لماذا التغيير؟ أما النظرية الثانية فهي أن المدربين الذين عملوا بعد مورينيو حاولوا وضع بصماتهم فمسحوا البصمة الناجحة التي غرسها المدرب الاستثنائي. هذه الفئة ينتمي لها رافا بينيتث ويتزعمها من إنتر، ومن بعده جاسبريني.. ومعهما من رجال تشيلسي لويس فيليبي سكولاري. بينيتث حين قدم إلى إنتر تولى مسؤولية فريق فاز بالاسكوديتو والكأس دوري أبطال أوروبا. فريق بطل يقوده صامويل إيتو ودييجو ميليتو وويسلي شنايدر وخايير زانيتي واستيبان كامبياسو ولوسيو ومايكون دوجلاس وجوليو سيزار وجوارن بانديف. لكن بينيتث قرر تغيير كل شيء، بداية من خطة اللعب وحتى اسلوب العمل البدني للفريق، مالم يتقبله اللاعبون وانهار المشروع قبل أن يبدأ. ويعقب ديان ستانكوفيتش على بينيتث قائلا: "حاولنا إفهامه بأن اسلوب مورينيو معنا في الجوانب البدنية كان جيدا، وأن أسلوبه الجديد لا يناسبنا وجسدنا لا يتقبله". واستطرد "لم يستمع بينيتث لنا، وضع اسلوبا جديدا في العمل وانهرنا بسبب ذلك على المستوى البدني، وبات نصف الفريق مصابا وغير قادر على اللعب". الأمر ذاته حدث مع قدوم جاسبريني إلى إنتر، حيث أصر المدرب الوافد من جنوى أن يعدل طريقة اللعب التي فاز بها النيراتزوري بالثلاثية 4-2-3-1 إلى 3-4-3. المثير أن جاسبريني غير طريقة اللعب رغم أن إدارة النادي لم توفر له طلباته من صفقات. وصرح جاسبريني "طلبت التعاقد مع لاعبين يمكنهم تطبيق 3-4-3 مثل رودريجو بلاسيو، لكن الإدارة رفضت، ولهذا فشلت الخطة". وفي تشيلسي كان أكثر من حاول تغيير الشكل الذي صنعه مورينيو خليفته المباشر سكولاري. سكولاري قال إن مورينيو يلعب كرة جامدة وهو يفضل الاسلوب البرازيلي ولهذا بدل الخطط. لكن المشكلة التي يعيشها تشيلسي وإنتر حاليا هو أن عدد من حاول وضع بصمته وغير في الفريق كان كبيرا لدرجة أن البلوز والنيراتزوري فقدا شخصيتهما. فيلاس-بواس ورانييري.. لازال كل منهما ينال ثقة رئيسه لكن الأخير لن يستطع التحمل طويلا بعد الإشارة التي وصلته من الجمهور باسم مورينيو.