ينطلق جيلبرتو مهاجم شيكاجو فاير بالكرة نحو منطقة جزاء نيويورك سيتي، يسقطه مدافع أرضا وتذهب الكرة إلى حارس المرمى. ينظر جيلبرتو بدهشة إلى الحكم الذي طلب استئناف اللعب. يجلس الحكم أرماندو فياريال صاحب ال30 سنة والذي يعد من أصغر حكام الدوري الأمريكي في غرفة يجتمع فيها 14 حكما، كما تجري العادة كل أسبوعين. يشاهد اللقطة التي لم يحتسبها ركلة جزاء. أوقف بيتر والتون رئيس لجنة الحكام المحترفين للدوري الأمريكي اللقطة المعروضة على شاشة في وسط الغرفة، ووجه سؤاله إلى أرمانو فياريال .. ما رأيك في الكرة؟ يجيب نفس الحكم الذي لم يحتسب شيئا "ركلة جزاء". كل أسبوعين، يجتمع 14 حكما يديرون مباريات الدوري الأمريكي في نفس الغرفة بقيادة بيتر والتون الحكم السابق الذي أدار أكثر من 200 مباراة في الدوري الإنجليزي ورئيس لجنة الحكام المحترفين للدوري الأمريكي الحالي من أجل مناقشة الحالات المثيرة للجدل. ----- لجنة الحكام المحترفين تأسست في 2012 كشراكة بين الاتحاد الأمريكي لكرة القدم ودوري المحترفين الأمريكي، وهدفها هو تطوير مستوى الحكام بسبب كم الانتقادات التي يتعرضون لها مع كل موسم. بدأت اللجنة عملها بتقليل عدد الحكام والإبقاء على الأفضل، في 2012 كان عدد حكام الدوري الأمريكي 37 ولكنهم الآن 14 بدوام كامل بالإضافة إلى 8 آخرين يتم الاعتماد عليهم حسب الحاجة. بات مطلوبا من الحكام اجتياز اختبارات للياقة البدنية، وهو ما لم يكن موجودا من قبل وبالتالي كانت البداية صعبة جدا. الآن يجب على الحكم أن يجتاز اختبارا بركض 150 مترا خلال 30 ثانية، وسير 50 مترا خلال 35 ثانية. الأمر سهل؟ المطلوب ليس اجتياز الاختبارين مرة واحدة. بل 20 مرة. ولتأهيل الحكام، يخضع الحكام لبرنامج تأهيلي خاص يوميا حتى يصبح اجتياز الاختبارات أسهل لمن يلتزم ببرنامجه. يتراوح سن الحكام من 20 إلى 45 عاما، ويحرص الاتحاد على وضع برنامج تأهيلي لكل حكم بناء على طبيعة المناخ الذي يعيش فيه حيث يتواجد نظام بيانات يتضمن كل المعلومات عن الحكام. وتم تقسيم الحكام بناء على كفاءتهم إلى 3 فئات. وكانت النتائج العظيمة جدا خلال العامين الماضيين، حيث انخفض معدل أخطاء الحكام في المباريات إلى خطأ واحد لكل 5 مباريات أقل بنسبة 21% عن عام 2014. وتمنح اللجنة جائزة لأفضل حكم سنويا. ----- سأل بول ريجير مدير التدريب والتطوير في لجنة الحكام أرماندو "لماذا لم تلحظ وجود ركلة جزاء". أجاب الحكم "أعتقد أن تركيزي أكثر كان على القدمين". أعادوا اللقطة مرة أخرى ليتأكدوا من أن أرماندو كان يتخذ موقعا مناسبا في الملعب وقت الكرة. المشكلة كانت في أن الحكم كان يقف في موقف مناسب قبل ثانيتين من لعب الكرة، ولكن انطلاق المهاجم بالكرة سريعا وملاحقة المدافع حجبت الرؤية عنه. الدور جاء على الحكم المساعد. ----- بعد أول 3 أسابيع من الدوري الأمريكي، تعرض الحكام لانتقاد شديد بسبب إشهار 16 بطاقة حمراء في 42 مباراة وهي نسبة كبيرة. وكالعادة تم مناقشة كل تلك الحالات. تأكد والتون من وضوح 12 قرارا من أصل ال16. كان قرار أو اثنين أيضا غير واضحين، ولذلك عقد مؤتمرا صحفيا للدفاع عن الحكام. رئيس لجنة الحكام لا يقيم معسكرات من أجل التخلص من القرارات الخاطئة فقط، فذلك الأمر سيستمر طالما تلعب مباريات كرة القدم. ولكنه يرى الحكام مثل اللاعبين يحتاجون إلى التدرب والخبرة وجلسات فيديو للتعلم من أجل تحسين الأداء. من سيتعلم اليوم من خطأه سيتجنبه مستقبلا ثم سيفيد من هم أصغر منه وأقل خبرة. ----- نعود إلى غرفة اجتماع الحكام، اقترح حكم آخر "اعتقد أن الحكم المساعد كان يستطيع لفت انتباهك إلى الكرة". يجيب أرماندو "الحقيقة أنه فعل وقال لي في السماعة ركلة جزاء، ولكنني لم أشاهد الكرة بنفسي ولذلك اعتمدت على نفسي بنسبة 100%". وشرح أرماندو أن عدم رفع الحكم المساعد لرايته والاكتفاء بمخاطبته عبر السماعة جعله يظن أنه ليس متأكدا بنسبة 100%، ولذلك قرر في النهاية عدم احتساب ركلة جزاء. هذا الموقف يعلق عليه مارك جيجر واحد من أكثر الحكام خبرة هناك "اعتقد أن الحكم المساعد هنا عليه الدور الأكبر. هو الأقرب للكرة وشاهد أن حكم الساحة بعيد ولذلك كان عليه أن يرفع رايته ولا يكتفي بالحديث في السماعة، فلو كان الحكم قريبا منه ب5 ياردات فقط مثلا كان من الممكن أن يكتفي بالسماعة ويترك له القرار". ----- ينتهي اليوم في غرفة اجتماع حكام الدوري الأمريكي بعد ساعات طويلة، حيث مناقشة كل كرة مثيرة للجدل قد تستمر لأكثر من 20 دقيقة لشرح القرار وأسبابه. النتيجة في النهاية، أن كل من في الغرفة رأي أن أرماندو أخطئ في عدم احتساب الكرة ركلة جزاء لصالح شيكاجو فاير والتغاضي عن طرد مدافع نيويورك سيتي. كلهم قالوا "ركلة جزاء". في الوقت الذي اعترف فيه الحكم نفسه بالخطأ في عدم احتساب ركلة جزاء واتفق معه زملائه، كان رأي المحلل على موقع الدوري الأمريكي أن أرماندو كان صائبا في عدم احتساب ركلة جزاء لأن مهاجم شيكاجو فاير تعمد ادعاء السقوط. ليس في كل مرة، ما ستسمعه في تحليل المباريات سيكون قريبا للحقيقة. فكرة التقرير مستوحاة من موقع "VICE SPORTS"
