ربما كانت قمة في الأخلاق ، في التشجيع النظيف ، وفي النظام داخل الاستاد وخارجه إلا أن تصنيف مباراة الأهلي والزمالك فنيا لا يمكن أبدا أن يكون في القمة ولكنه لقاء أقيم في أكثر منحدرات الكرة المصرية عمقا في السنوات العشر الأخيرة. ارتكب دوليو الفريقين ونجومهما عددا ضخما من الأخطاء الساذجة في التمرير والتصويب والتحركات بالكرة ومن دونها على مدار المباراة إلى حد جعل بعض أجزاء اللقاء تشبه مباريات المدارس أو مسابقات "التيلي ماتش" الفكاهية! وفشل لاعبو أي من "قطبي الكرة المصرية" في إكمال أربع تمريرات متتالية معظم فترات الشوط الثاني من دون تسليم الكرة طواعية وعن طيب خاطر إلى منافسيهم الذين لم يكونوا أقل تهذيبا وبادروا برد الجميل في أسرع وقت ممكن. ظهير الأهلي الدولي محمد عبد الوهاب أرسل عرضية واحدة فقط سليمة على مدار اللقاء كما لم يتخل عن عادته في التلعثم في الكرة عند انطلاقاته على خط التماس فيما بدا حسن مصطفى مصمما على ترك بصمته على كل لقاءات الزمالك بالإطاحة بالكرة فوق العارضة من مسافة لا تتجاوز الأمتار الخمسة وهو ما قام به أيضا في أحد لقاءي الفريقين في دوري أبطال أفريقيا! وفي المقابل ، كاد إبراهيم سعيد - على رغم تألقه اللافت للنظر - أن يفسد أدائه الراقي بخطأين غريبين عندما أصر على "تفويت" الكرة من فوق رأسه ، وهي اللعبة التي دأب عليها طوال مشوار كأس الأمم ، ناسيا أن عماد متعب كان زميله في المنتخب ، قبل أن يهدي متعب مجددا الكرة على حافة منطقة الجزاء في لعبة خلعت قلوب جماهير الفريق الأبيض. وسعد جمال حمزة كثيرا بسياسة حكم المباراة التي اعتمدت على احتساب أخطاء لمجرد الشك ومارس هوايته في السقوط أرضا ثم النظر إلى الحكم باندهاش مسرحي يحسد عليه.
المثير للدهشة أن عددا كبيرا من جماهير الناديين أكدوا في أحاديث ما بعد المباراة سواء الشخصية أو الإليكترونية على المنتديات أن اللقاء كان جميلا وكان المهاجمون هم أكثر من تألقوا في تقديم وجبة دسمة من الألعاب المثيرة للضحك على مدار المباراة. واعتمدوا جميعهم بلا استثناء على تسديد كرات تبدو جميلة الشكل من المدرجات أو في شاشات التليفزيون إلا أي منها ما كان ليشكل خطورة على حارسين بحجم عبد الواحد السيد وعصام الحضري اللذين كانا إحدى النقاط المضيئة القليلة في المباراة. المثير للدهشة أن عددا كبيرا من جماهير الناديين أكدوا في أحاديث ما بعد المباراة سواء الشخصية أو الإليكترونية على المنتديات أن اللقاء كان جميلا ، إذ يرى الأهلاوية أن فريقهم سيطر وقدم أداء قويا فيما يقول الزمالكوية أن لاعبيهم عادوا إلى مستواهم المعهود. وتواصلت الإشادة لتطول المديرين الفنيين البرتغاليين مانويل جوزيه ومانويل كاجودا بسبب قدرتهما على إدارة اللقاء. وبمناسبة الحديث عن المدربين ، لعل كثير من مشجعي الناديين لم يجد فرصة ليشاهد قمة حقيقية في البرتغال قبل أيام عندما التقى بورتو وبنفيكا في مباراة انتهت لصالح الأخير بهدف نظيف وحفلت بكل جماليات الكرة الفنية منها والبدنية. إلا أن تلك الإشادات المنهمرة على اللاعبين والمدربين لم تكن ستظهر في حال ما نجح أحد الفريقين في حسم نتيجة المباراة لصالحه حتى ولو بهدف غير ملعوب ، ففي هذا الوقت فقط كان مشجعو المهزوم سيتذكرون كل الكوارث التي ارتكبها لاعبوهم على مدار اللقاء. إذا كان الأهلي يريد استعادة كرته الجميلة والتي فقدها منذ استئناف النشاط المحلي ، وإذا كان الزمالك عاقد العزم على العودة إلى مكانته وثقله الطبيعيين ، فعلى المسئولين في الناديين الاعتراف بأن ما حدث مساء السبت كان "سفح" الكرة المصرية!