انتصر ريال مدريد على خصمه أتليتكو مدريد في نهائي دوري أبطال أوروبا ليتوج بطلا للمرة ال11. كما يقولون إنها مشاهد من الماضي القريب، نفس الأداء الذي قدمه الملكي في شوط المباراة الأول ذاته ما قدمه ضد بايرن ميونيخ في ذهاب نصف النهائي عام 2014، لكنه لعب شوطا وأتليتكو لعب بعض فترات المباراة. ونرصد لكم عبر التحليل التالي كيف سارت المباراة. ريال مدريد فكر زين الدين زيدان في الاستعانة بذكريات الماضي، بالتأكيد اختلف أتليتكو مدريد كثيرا عما كان عليه منذ عامين، لكن هناك فكرة ثابتة ألق الطعم للخصم وانتظر أن يسقط في الفخ ثم انقض عليه. ريال مدريد ترك الكرة كليا لأتليتكو حتى أن الاستحواذ وصل ل62% لأتليتكو مدريد، ركز الملكي أكثر على الانتشار الجيد في الملعب والتمركز خلف الكرة واللعب بجدار دفاعي متقدم يتحرك بثبات على خط متوازي. مع مرور الوقت تشعر وكأن تلك المشاهد من الماضي، حينما واجه الملكي بايرن ميونيخ منذ عامين رونالدو يعود للخط الخلفي مع بيل وبنزيمة يتواجد في ثلث ريال مدريد والشكل العام يوحي بالاعتماد على المرتدات. الأهم أن زيدان وزع لاعبيه بطريقة 4-2-1-3 على أن يتراجع الجناحين للخلف لدعم مراقبة الأظهرة وتغطية الفراغات في الخلف، في المقابل حل زيدان مشكلة الموسم بالكامل باللعب بمحوري ارتكاز هما كاسيميرو وتوني كروس بدلا من اللعب بلاعب واحد وهو ما منح ريال مدريد صلابة دفاعية وأربك حسابات أتليتكو أكثر. أهم درس تعلمه زيدان من كارلو أنشيلوتي هو قيمة التزام لاعبيه بالجانب الخططي والتمركز وتنفيذ الخطة بحذافيرها كان ذلك في شوط المباراة الأول قدم ريال مدريد شوطا رائعا للغاية ومتكاملا للغاية جدار أمامي يفتك الكرة وجدار خلفي كصمام أمان ولا مجال لمرور الكرة لكيلور نافاس. لم يمنع كل ما سبق من ظهور قصور في خط الدفاع نتج عنه ركلة جزاء ويرجع ذلك القصور لاعتماد بيبي على عرقلة توريس والتدخل البدني في مناطق الخطورة ومنح فرصة تهديفية لحسن الحظ أن أنطوان جريزمان أهدرها. ما أفسد خطة زيدان أن سيميوني قرر أن يستغل الموقف ويهاجم فعليا عوضا عن انتظار مهاجمة الخصم له ويعتمد على الضغط وامتلاك الكرة واستغلال جهة مارسيلو وهو ما لاحظه زيدان ودفع بإسكو لمحاولة لسحب الفريق للأمام واستعادة الكرة في كثير من الفترات لكن المشكلة الحقيقية كانت حينما تعب بيل ورونالدو وقتها لم يكن هناك البديل الجاهز للمشاركة وعوضا عن هذا أخرج بنزيمة ليضع رونالدو في العمق وتلك نقطة ضعف كبيرة للفريق وليس قوة. تحركات رونالدو نفسها لم تكن إلى العمق الأفضل كان الدفع بجيمس رودريجيز مثلا وليس لوكاس فازكيز على الرغم من أن الأخير قدم إضافة قوية إلا أنها تلاشت مع ضعفه في التغطية الدفاعية التي كان رونالدو يقدمها أغلب ما قد يشفع لزيدان في هذا الأمر أن رونالدو قد شعر بالتعب منذ الدقيقة 70 فاختفى دوره تدريجيا ولوكاس أضاف بعض النشاط لكنه تسبب بالهدف رفقة دانيلو بعد الرقابة السيئة ليانيك كارسكو. زيدان تعلم نصف الدرس فقط من أنشيلوتي طريقته الصلبة ومنح الكرة للخصم وإرباكه خصوصا إن كان خصما يعتمد على أن يلعب مضغوطا وليس ضاغطا وهذا ما سبب الارتباك الكبير لأتليتكو في شوط المباراة الأول، لكن حينما أصلح سيميوني الخطأ كان ريال مدريد وزيدان في خطر لأنه لم يجيد التعامل مع الموقف كما يجب لأن القصور جاء من أتليتكو في التعامل مع فرصة الهبوط البدني للملكي، بالإضافة للفشل في التقدم بالكرة للأمام والاعتماد على طريقة تمرير واحدة في الوصول للمرمى وربما كادت لتفلح إن لم ينقذ راموس الموقف بالطريقة السيئة وتحصل على بطاقة صفراء. أتليتكو مدريد ربما واحد من أسوأ أشواط دييجو سيميوني في البطولة على الإطلاق، ارتبك فريقه فور امتلاكه الكرة، طريقة 4-4-2 بثنائي العمق جابي وأجوستو فيرنانديز ثم ثنائي الجانب ساؤول نيجويز وكوكي، وأماهم جريزمان وتوريس، الطريقة المعتادة لكنه أيضا اعتاد على أن يلعب مضغوطا وينازع لافتكاك الكرة من ريال مدريد ثم يضربه بمرتدة سريعة وثلاثة أو أربعة تمريرات وهو مالم يمنحه له زيدان في المباراة. إلى الآن لم يعالج سيميوني مشكلة فريقه الأكبر هذا الموسم ضد برشلونة استقبل من عرضيتين هدفين، وضد ريال مدريد كاد أن يستقبل في أول خمس دقائق هدفا، ثم بعد ذلك ومن الكرة الثابتة التالية جاء الهدف من راموس، بغض النظر عن الحالة التحكيمية قصور دفاع أتليتكو في الكرات الهوائية مقلق للغاية وقد عاقبهم ذلك أصعب عقاب ممكن. هناك مشهدان يحكيان تطور الوضع في الشوط الأول مشاكل ريال مدريد انتقلت إلى أتليتكو بعدما أضعفت طريقة زيدان-أنشيلوتي مناعة وصلابة الروخيبلانكوس، الفردية الشديدة والتسديدات مجهولة الهوية وتفكك الخطوط كل ذلك بدا واضحا وبشدة على أتليتكو. مشاركة كاراسكو أتت بثمارها سريعة هجمة تلو الأخرى وتسديدة تلو الأخرى الضغط زاد على ريال مدريد بعد التراجع خاصة على الطرفين، مما جعل سيميوني يركز لاعبيه أكثر على جبهة مارسيلو لأن الدعم الدفاعي أقل فيها، خصوصا وأن إسكو لن يقدم دوره الدفاعي كما يجب وكذلك بيل الذي قدم كل ما لديه بدنيا. ما أسقط أتليتكو طوال المباراة أنه لم يستغل تفوقه البدني الملحوظ في الدقائق العشر الأخيرة من المباراة، وترك ريال مدريد يستغل عامل الخبرة في الوصول على الأقل لركلات الترجيح مع محاولات لخطف المباراة وإن لم يتمكن من ذلك فالحظ سيحسم المواجهة وهو ما كان.