كرة القدم ليست هجوما فقط فالدفاع جزء أساسي من اللعبة ومن يوازن بين الدفاع والهجوم يكون البطل في النهاية وليس المندفع إلى الأمام دائما. وفي أتليتكو مدريد اتخذ دييجو سيميوني من العقلية الدفاعية أساسا له فحول الفريق طوال فترته التدريبية إلى ساتر دفاعي منيع من الصعب اختراقه. "البلطجية"هو ما يطلقه الجمهور العادي في المقاهي على لاعبي أتليتكو مدريد وذلك بسبب طرق سيميوني في التدريبية والتي تعتمد على القوة البدنية المفرطة والضغط من منتصف الملعب مع إغلاق كل الطرق إلى مرمى أوبلاك. لاعبي سيميوني لا يذهبون إلى صالة الألعاب الرياضية للتدرب ولكن الصالة هي التي تأتي إليهم لأرضية الملعب فالمدرب الأرجنتيني يدرب لاعبيه بالأثقال داخل أرضية الملعب التدريبي للفريق من أجل الكثير من القوة البدنية المفرطة. وعلى أرضية الملعب، أتليتكو مدريد يضغط من منتصف ملعبه ضغط ثنائي على حامل الكرة ومن خلفهم لاعب ثالث لقطع خطوط التمرير ومن بعيد رابع يراقب الموقف للدعم في حال نجح الخصم في المرور بالكرة أو إخراج لاعب من الثلاثة من اللعب. الضغط يبدأ بتوريس أو أنطوني جريزمان ومعه ساؤول نيجيز وكوكي يقف لقطع خطوط التمرير والمراقب إما لاعب خط الوسط الأخر أو الظهير الذي لا يترك مكانه في الحالة الدفاعية إلا للضرورة القصوى. وخلف ذلك يتواجد رباعي الدفاع متحفزا من داخل منقطة الجزاء ولا يوجد مجال للفلسفة فالتشتيت البعيد هو خيارهم الأول وإبقاء الكرة في الجو لأطول فترة ممكنة هو هدفهم خصوصا أن لاعبي أتليتكو يتفوقون في الصراعات الهوائية. بينما الظهير العكسي لا ينضم إلى داخل الملعب عندما يواجه أتليتكو مدريد فريقا يعتمد على الأطراف الهجومية فتجده واقفا على الطرف لإيقاف أي محاولة "إن نجحت" لعكس الملعب من الخصم. خطوط أتليتكو مدريد في الحالة الدفاعية تكون متقاربة للغاية والفريق ككل يتمركز داخل منتصف ملعبه والمسافة تكون قريبة بين أخر مدافع وحارسهم يان أوبلاك مما يجعل محاولات الاختراق من العمق شبه مستحيلة. 21 هدف فقط اهتزت بهم شباك أتليتكو مدريد هذا الموسم في 46 مباراة. وفوق كل ذلك لاعبي أتليتكو يبدون دائما متحفزين ضد الخصم والروح القتالية لديهم لا تنضب طوال الموسم وهي ميزة كبيرة يتمتع بها الفريق نجح سيميوني في زرعها في لاعبيه ونجح أكثر في الحفاظ عليها. الطريقة الدفاعية لأتليتكو مدريد تبدو كسيمفونية عزف فالكل على أرضية الملعب يعمل في تناغم وتفاهم بسلاسة لتنفيذها وإيقاف المنافس من التسجيل وجعل حياته "جحيما" من أجل الوصول إلى شباكه سيمويني أثبت على مدار أربع سنوات متتالية أن الدفاع خير وسيلة للهجوم وأعاد إلى الخريطة الكروية مرة أخرى الطريقة الدفاعية القادرة على تحقيق النتائج والبطولات بعد أن كانت قد اندثرت من بعد فوز إيطاليا بمونديال 2006.