خلق الله لنا أذنين وفم واحد لنسمع أكثر مما نتكلم، لكن زوجتي لا تترك لي فرصة للكلام، هي عبارة عن آلة صوتية تثرثر بطلباتها الكثيرة، تشتكي دائما من المنزل والأولاد والعمل، تتحدث ويبقى فمي مغلق تماما، وحين أحاول التحدث والرد عليها تشير إليّ بالصمت، وتقول: "سيبني أفضفض بدل ما اموت من الغيظ". قلت لها بعد أن نفاذ صبري: "الله خلق لنا فم واحد وأذنين فقط، هل يمكنك أن تستمعي إليّ قليلا، أنا أيضا لديّ مشاكلي التي تخصني"، فتعجبت زوجتي من الحديث وأبدت دهشتها، حيث إنها لم تتعود مني مقاطعتها بهذا الشكل الفج كما تقول. لم تعطني فرصة للتحدث، وضعت شريطا لاصقا على فمي اعتراضا على أسلوبها في الاستئثار بالحكي وحدها، الغريب أنه مظهر الشريط اللاصق أعجبها، ولم تتوقف عن الضحك واستكمال الشكوى، حتى وصلت للنقطة المهمة بالنسبة إليها، ألا وهي طلب نقود لشراء فساتين وملابس جديدة، معللة السبب بأن ملابسها أصبحت "موضة قديمة" و"ضيقة"، بسبب وزنها مؤخرا. تماديت في صمتي، وكلما حاولت نزع الشريط اللاصق عن فمي أرفض بشدة، حتى فاض بها وقامت بنفسها وأحضرت محفظة نقودي، توقعت أن أثور لكنني التزمت الصمت ومكاني أيضا، حتى جن جنونها وهي تفتش في المحفظة ولم تجد سوى 100 جنيه وبعض الفكة التي لا تسمن ولا تغني. ثارت وصرخت، في محاولة لدفعي للتحدث، لكنني أشرت لها بأنني أريد الصمت قليلا وأنا أحكي، فالصمت أحيانا يفيد ويريح الطرفين، ظللت أحكي لها عن ديوني التي لا تعرفها، بسبب إسرافها وعدم تدبرها واقتصادها في مصاريف المنزل. ما إن سمعت زوجتي هذا الحديث، حتى انسحبت في هدوء إلى غرفتها، لا تتكلم ولا تطلب شيئا، في الحقيقة شعرت براحة عميقة وأنا جالس أشاهد التليفزيون بدون زوجتي وحواراتها التي لا تنتهي وتعليقاتها الساخرة اللوذعية.