لا تسأل أين هي.. ولا تنتظر إجابة منها.. هي وبهدوء تحسد عليه.. وبقرار اتخذته في العام 1984، قررت أن تترك الأضواء وهي نجمة.. وهي كبيرة.. وهي متألقة.. ما أرادت أن تبقى حتى يمل جمهورها أو يقول لها كفاية.. أرادت أن تحيي وفي خلفها الستار.. وتنحني لجمهورها وينحني لها ويصفق ويطلق الصافرات إعجابًا وطربًا وحبًا ورغبة في البقاء إلى جوارها.. ولم يزل يصفق ويتعيش ويتعايش ويحب شادية.. يحبها وهي تستقبل عامها الثاني والثمانين.. سيظل هكذا وإن استقبلت مائة عام أخرى. الغالية والكبيرة وست الكل شادية.. رغم غيابك الطويل -32 عامًا- ما زلنا نتذكر حنان نظرة عنيكي وجمال لمسة إيديكي.. سيدتي رغم وجودك إلى جوار عمالقة جيلك.. إم كلثوم وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش ونجاة.. وكثيرون.. أنت عملاقة مثلهم.. تحولتي سيدتي إلى جوهرة تزداد قيمةً ولمعانًا وبريقًا وأصالة بمرور الزمن. سيدتي.. براءتك وملامحك الرقيقة وأسلوبك البسيط جعلك ممثلة رائعة.. أحببناكي.. وآه سيدتي من "غناكي" وحلاوته.. العاطفي والوطني. مين ينسى: "غاب القمر يا ابن عمي يالا روحنيدي النسمة آخر الليل بتفوت وتجرحنيوالصوت دبل في الخلا والليل ما عاد له دليلنعس الفضا واتملى قلبي بنجوم الليلطار النسيم بالشوق لما كلمتكلمس النسيم توبي بهمس غنوتكغاب القمر يا ابن عمي يالا روحنيالليل ووحدي ووحدك سايبين هو أنا وحيدفين الحواديت وفين سهراتنا تحت الضيخوفي من الضلمة تتوهني وأنت بعيد" سيدتي ومين ينسى: "يا أم الصابرين، تهنا والتقينايا أم الصابرين ع الألم عدينايا مصر يا أمنايا مصر يا أرضنايا مصر يا حبنايا مصر يا عشقنامن دهبك لبسني العقد حبيبيمن نيلك سقاني الشهد حبيبيمن قمحك وكلني اللقمة حبيبيمن صبرك علمني الحكمة حبيبي" ومين ينسى: "وحياة رب المداينلأزرع رملك جناينوأبنيلك قصر مرمريا بلدنا يا ست الحسنأنا بنتك يا بلدناوملامحك جوه دميشوفي أوراق ميلادنااسمك مكتوب يا أمي" ومين ينسى فؤادة في شيء من الخوف: "البنت وردة بيضا خلوا بالكم يا سادةالبنت من الدهاشنه واسمها فؤادةالبنت بنت حافظ خلو بالكم يا سادةالبنت بنت فاطمة واسمها فؤادةفي عينها نار وجنة.. وعند وشدة وهوادة" ومين ينسى: "خايفة لما تسافر على البلد الغريبتنسى إنك سايب في بلدك حبيبمستني بأشواق تعبان من الفراق ومولعلك شامعة نورها مستنيكوفي عيونه دمعة امسحه بإيديك لما تجيلي تاني من البلد الغريب" ومين ينسى: "قولوا لعين الشمس ماتحماشي..لحسن حبيب القلب صابح ماشييا حمام يا حمام طير قبله أوام يا حمام خليلهيا حمام الشمس حرير يا حمامويا ناس لوغاب يا ناس خلوه يبعتلي سلامدي الآه بقولها وهو ما يدراشي وفي بعدهطعم الدنيا ما يحلاشي"
سيدتي..إنت فنانة استثنائية لم تسع يومًا ل"لقب"سيدتي.. إنت واحدة من قلائل ممن حباهم جماهيرهم بألقاب خرجت من القلوبإنتي "دلوعة الشاشة العربية" و"محبوبة الجماهير" و"صوت مصر"سيدتي.. لم ننس «صابرين» و«نحن لا نزرع الشوك» في التلفزيون والإذاعة.. ولم ننس دموعك ولا صوتك ولا صدقك في أخر أفلامك: "لا تسألني من أنا".. لن ننس خفة دمك في أفلامك مع إسماعيل يس ومحمد فوزي.. ولا مع "ريا وسكينة".. ولا حسبو ولا عبدالعال. سيدتي قلتي عن قرار الاعتزال والبعد: "لأنني في عز مجدي أفكر في الاعتزال.. لا أريد أن انتظر حتى تهجرني الأضواء بعد أن تنحسر عني رويدًا رويدًا.. لا أحب أن أقوم بدور الأمهات العجائز في الأفلام في المستقبل بعد أن تعود الناس أن يروني في دور البطلة الشابة، لا أحب أن يرى الناس التجاعيد في وجهي ويقارنون بين صورة الشابة التي عرفوها والعجوز التي سيشاهدونها، أريد أن يظل الناس محتفظين بأجمل صورة لي عندهم، ولهذا فلن انتظر حتى تعتزلني الأضواء، وإنما سأهجرها في الوقت المناسب قبل أن تهتز صورتي في خيال الناس". سيدتي كان لك ما أردتي واختفيتي ورفضتي العودة رغم الإغراءات المادية.. رفضتي وقلتي: "سأعيش هنا خلف الستار.. أراقب ما يدور بعيدًا عن الأضواء". سيدتي.. التجاعيد التي طالت وجهك.. والعجوز التي سكنت جسدك.. والسنوات التي تحملينها على ظهرك لا تعنينا.. لا تؤرقنا.. لا تهزنا..سيدتي.. أنت أقوى من الزمان.. وأنت صاحبة المكان.. ويتغير المكان ويتبدل الزمان.. لكن يا سيدتي.. جميلة أنت كما كنتي.. أصيلة أنت كما كنتي.. الضحكة الحلوة أنت.. حبيبتنا أنت.. نحبك كما أنت.. نحبك كما كنتي.. مين ده اللي ميحبش شادية.. مين هو مين!