أعاني من مشكلة خطيرة مع زوجتي، إذ أنها لا تحسب للوقت قيمة، بل تهدره بطريقة غريبة، وكأن الوقت مجرد إطار عبثي تتحرك فيه، لا حساب للوقت لديها، تسهر لساعة متأخرة بالليل، وتستيقظ بعد الظهر، بحجة أنها امرأة غير عاملة، وأنها ربة بيت بدون أجر، تهتم بشؤون البيت، وهذا في حد ذاته عمل عظيم لو تعلمون. حين تحدد موعدا معي للخروج لشراء بعض احتياجات البيت أو أطفالنا، تظل أمام المرآة ساعتين أو أكثر، وحين تختار زيا للخروج تظل تجرب هذا الفستان، وذلك التايير، وغيره حتى يصبح الوقت متأخرا، وأوشكت المحال على الإغلاق، حاولت معها لكنها تأخذ الأمور ببساطة شديدة، وتسخر من المثل الشهير "الوقت كالسيف". ترى أن الحياة لا تستحق الهرولة، وأن كل شيء سوف يحدث، بميقات لا أقتنع بحكمة زوجتي في تبرير إهدار الوقت، وضربت لها مثلا عن العالم المصري العالمي أحمد زويل حينما رصد حركة الجزيئات عند تكوينها، وعند وتكوين روابط كيميائية بين بعضها البعض والوحدة الزمنية التي تلتقط فيها هذه الصورة هي الفيمتو ثانية، وذلك حين أراد أن يصور بالضبط ما يحصل خلال التفاعلات الكيمائية، حيث إن الفيمتو ثانية عبارة عن مليون مليار من الثانية أي أن النسبة بين الثانية والفيمتو ثانية كالنسبة بين الثانية و32 مليون سنة. استمعت زوجتي لي دون اهتمام، وظلت على نظرتها للوقت حتي جاءت ساعة الحسم كما يقولون حين تأخرت في صرف المرتب يوما واحدا، "قامت الدنيا ولم تقعد عند زوجتي"، حيث إن تأخير المرتب يوما واحدا يسبب لها مشاكل في دفع الدروس الخصوصية، والأقساط، والإيجار، وفواتير الكهرباء والغاز الطبيعي. وكنت أستمع إلى زوجتي، وهي تعطيني درسا في الالتزام بوقت صرف المرتب رغم علمها أن تخلفي عن استلام المرتب بسبب نزلة البرد التي هاجمتني الفترة السابقة.