سنها المتقدمة لم تفقدها قدرتها على الحلم والتواصل مع جيل آخر والهتاف فى مظاهرة ولو جلوسا على كرسى متحرك، أينما توجد الاحتجاجات والمظاهرات والوقفات الاحتجاجية تجدها، حتى بعد تعرضها لحادث كبير جعل نصف ذراعها فى الجبس وقدميها لا تتحركان، فإنها لم تتوقف عن النزول إلى قصر الاتحادية باعتباره ميدان الثورة الجديدة لتعلن رفضها لقرارات الرئيس محمد مرسى. فى ستينات القرن الماضى حلمت خديجة الحناوى بمستقبل أفضل لنفسها، وعندما لم يتحقق الحلم بسبب النكسة ووفاة الزعيم الملهم بالنسبة لها جمال عبدالناصر، لم تفقد الأمل واستمرت فى السعى وراء حلم قديم ليس لنفسها ولكن لأبنائها: «إزاى أفقد الأمل وأنا لما بشوف شاب بيستشهد بلاقى مكانه 10 واقفين فى الصفوف الأولى». فى ميدان التحرير منحها المتظاهرون لقب «أم الثوار»، لوجودها الدائم ومساعدتها للشباب بكل ما تملك، وعندما انتقل غضبها إلى «الاتحادية» وجدت العشرات من أبنائها يتنافسون لمساعدتها ودفع الكرسى المتحرك الذى تجلس عليها للتجول فى محيط قصر العروبة، ينادى عليها أحدهم: «ألف سلامة عليكى يا ماما خديجة، خفى بقى علشان تقدرى تساعدينا وإحنا بنضرب من الشرطة والإخوان»، تضحك السيدة الستينية وتؤكد أن هدفها هو رفض القرارات الملتبسة وليس إسقاط النظام كما يدعى البعض. أصعب موقف مر على «خديجة» فى الميدان عندما قرر ابنها عمرو الدخول إلى شارع «محمد محمود»، ذهب إلى مكانها فى التحرير واستودعها قائلا: «أنا متوضى وناويها»، لم تمنعه لكنها بكت قائلة: «إنت مش أحسن من اللى راحوا»، ثم وقفت تدعو ربها أن يعيد إليها ابنها سالما. تتذكر «خديجة» الموقف والدموع تترقرق فى عينيها: «بعد كده خلاص مابقيتش أقلق، ابنى أخد خرطوش ساعة أحداث محمد محمود، واتصاب عند قصر الاتحادية فى عينه، زى أى شاب مصرى لازم يبذل الغالى علشان يدافع عن بلده». ترى أن دورها الأساسى فى أى ميدان للثورة هو القيام بدور «الأمومة»، والأخيرة من وجهة نظرها هى أن تعمل «كنترول» على الثوار الشباب الذى أحيانا يتهور بسبب حماسته وانفعاله، فالأم دائما هى صوت العقل والحكمة.. والثورة.