بالقوة أو بالفعل، يبقى الإخوان -شأنهم شأن كثيرين- أبناء ل«المخلوع»، ذلك سبب آخر لفشلهم. وعلاقة الأبوة/ البنوة هى فى المقام الأول مسألة ثقافية، بمعنى أن الابن الذى يتشبع بثقافة أبيه يؤدى بنفس طريقته، فيقلده فى طريقة الكلام وأسلوب الأداء، وطريقة إدارة علاقته بالآخرين. قد يتغير زى الابن، أو طريقته فى تسريح شعره، أو تعامله مع شاربه ودقنه، قد يزعم أنه خلع «جلباب أبيه»، لكنه بحال لا يستطيع أن يتفلت من ثقافته. فجل الأجيال الحالية التى تتزاحم داخل جماعة «الإخوان» تربّت فى عصر المخلوع، وتشبعت بتعليمه، وخرم أزون «ودنها» صراخ أجهزته الإعلامية، وجلجلت من حولهم خطاباته، وعاشوا سنين يطوقهم فيها أداؤه مع القوى السياسية المختلفة، وأسلوبه فى صياغة علاقات مصر الخارجية، وطريقته فى التعامل مع الملفات الإقليمية، خصوصاً ملف الصراع العربى الإسرائيلى. شرب الإخوان «الصنعة» من الأسطى الكبير، نعم من الممكن أن تجد الصبى يسب ويلعن «الأسطى»، لكنه فى النهاية لا يستطيع أن يفلت من طريقته فى العمل. وليس أدل على ذلك من أن الشباب داخل الجماعة يختلفون فى طريقة التفكير وأسلوب العمل عن شيوخ الجماعة، ممن شاب شعرهم فى عصر «المخلوع»! شواهد كثيرة تدل على أن الابن «الإخوانى» سر أبيه «المخلوع»، مثلاً فى الاقتصاد تجد عدة شواهد أبرزها: الاعتماد على القروض الخارجية لتعويض العجز فى الموازنة العامة، وعدم وضع يد الحكومة على أموال الصناديق الخاصة، والاعتماد على الجباية بإرهاق المواطن بالمزيد من الضرائب، وترشيد الدعم، ورفع أسعار السلع، وترك الاحتكارات ترتع فى بر مصر كما شاء لها الهوى. هل ترى ثمة جديد فى الأداء الاقتصادى الآن يختلف عن أداء حكومات «المخلوع»؟! ثم تعال إلى دنيا السياسة، ولاحظ الطريقة التى تتحدث بها «الجماعة» عن معارضيها، لتجد نفس الكبر وذات الاستخفاف الذى كان يتعامل به مبارك مع معارضيه، مع فارق بسيط يتمثل فى أن المخلوع كان يستخدم «الأمن المركزى» فى قمع معارضيه، أما الإخوان فيستخدمون «ميليشيات» ملاكى. انظر أيضاً إلى وسائل الإعلام، وكيف يتم التعامل معها. لقد كان «المخلوع» يعتمد سياسة التقييد لأى أصوات إعلامية معارضة له أو منددة بسياساته، أو تقدم رسالة لا تروقه ولا تعجبه، وهو نفس أسلوب تعامل الجماعة مع الإعلام أيضاً. لقد أغلق مبارك العديد من القنوات الدينية التى غضب عليها أو منها قبل شهور من قيام الثورة، وهو ما يفعله الإخوان بالضبط، عندما أغلق وزير إعلامهم بعض القنوات الليبرالية -تحت ذرائع واهية- لمجرد أن إحدى المذيعات على قناة «دريم» تجرأت على رفع قضية سب وقذف على الدكتور «عصام العريان». ولا يقتدى بالفاشل إلا من هو أفشل منه!