رحل رفيق العود والبيانو، صاحب وتر الشجن الذي جمع المستمعين وعبر كثيرا عن ألم تلك البلد، ولحَّن ل"البريء" و"إلى كل طير مهاجر".. ودَّع مصر اليوم بعد أن خرج شعبها منقسما؛ نصفه يصرخ في وجه الرئيس محمد مرسي شاهرا "كارت أحمر"، والآخر يصرخ دفاعا عن الإسلام. الموسيقار عمار الشريعي صاحب المقطوعات الموسيقية التي ارتبط بها محبيه في أفلام ومسلسلات وأغانٍ لمطربين مشهورين، ظهرت مقطوعاته في عشر مسرحيات غنائية استعراضية و50 فيلما و150 مسلسلا، وأكثر من 20 عملا إذاعيا. "الشريعي هو أول من عرَّب آلة الأورج غربية الأصل". هكذا تحدث عنه الدكتور محمود الحلوني، أستاذ الموسيقى بأكاديمية الفنون، الذي وصفه ب"العبقري والمبتكر"، قائلا: "عندما تسمع لحنا مميزا تعرف دون أن تحتاج للسؤال أنه للشريعي، خاصة أن بصمته واضحة على الآلة الموسيقية". في عام 1970 بدأ حياته كعازف لآلة الأكورديون مع الفرق الموسيقية، ثم تحول إلى آلة الأورج، قبل أن يتجه إلى التلحين والتأليف الموسيقى، ليترك بصمات موسيقية بمجرد أن تصل إلى أذني المستمع يشعرها بقلبه فيتيقَّن سريعا أنه الشريعي، صاحب "غواص في بحر النغم" و"الموضات" و"تحت العشرين" و"الحدود" و"رأفت الهجان". 40 عاما قضاها يعبِّر عن أفراح وأحزان المصريين، ولكنه لم يترك بصمته على ألحانه فقط، بل تركها على النغمات العربية. فآلة الأورج كانت لا تحمل إلا أبعاد وأوزان الموسيقى الغربية "تون ونصف تون"، وهو ما كان يعيق الموسيقيين ويمنعهم من إظهار النغمة الشرقية بتلك الآلة، فكانوا يضطرون إلى تفكيكها من الداخل وتوصيلها بدائرة كهربائية مع نغمة السيكا، ووزنها الموسيقي "4/3 تون"، ما كان يتطلب مجهودا كبيرا من العازف. ولأن الحاجة أم الاختراع، تمكن الشريعي، فاقد البصر، من أن يفعل ببصيرته ما فشل فيه غيره، بإدخال نغمة السيكا داخل الأورج لتصاحب التون والنصف تون، فابتكر تصميما داخل دائرة الصناعة في الأورج يحتوي النغمة الشرقية، لتصبح نغمات الأورج "تون و2/1 تون و4/3 تون"، وعرض ابتكاره على خبراء صناعة الآلات الموسيقية باليابان بالتعاوان مع شركة "ياماها" اليابانية، التي صممت الأورج بوضعه الجديد بل ووضعت عليه علامة بنوع الآلة "أورج شرقي"، وهو ما كان له عظيم الأثر في تطوير الموسيقى الشرقية. تعلم عمَّار الموسيقى بمدرسته الثانوية في سمالوط بمحافظة المنيا ضمن برنامج أعدته وزارة التربية والتعليم خصيصا للطلبة المكفوفين الراغبين في دراسة الموسيقى، واستطاع أن يدرب نفسه ليتقن العزف على البيانو والعود والأورج، وحصل على ليسانس الآداب قسم لغة إنجليزية من جامعة عين شمس عام 1970. كون فرقة "الأصدقاء" في عام 1980، والتي ضمت المطربين منى عبدالغني وحنان وعلاء عبدالخالق، وعُيِّنَ أستاذا غير متفرغ بأكاديمية الفنون المصرية عام 1995. اهتم الشريعي بالجانب العلمي، حيث حصل على عدد من رسائل الماجستير والدكتوراه في المعاهد والكليات الموسيقية، بلغ عددها سبع رسائل ماجستير وثلاث رسائل دكتوراه، من كلية التربية الموسيقية جامعة حلوان، وكلية التربية النوعية جامعة القاهرة، ومعهد الموسيقى العربية بأكاديمية الفنون، ورسالة دكتوراه من جامعة السوربون بفرنسا.