احتضنت مدينة الإسكندرية، ظهر اليوم، مظاهرات حاشدة انطلقت من أمام مسجد القائد إبراهيم عقب صلاة الجمعة مباشرة، خلال فعاليات ما يسمى ب"جمعة حماية الثورة"، للمطالبة بإسقاط الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي مساء الخميس قبل الماضي. تجمع عدد من الثوار والحركات السياسية بساحة الميدان منذ العاشرة صباحا، حيث تم تجهيز المنطقة وتعليق البانرات وضبط السيارات التي تحمل مكبرات الصوت، فيما بدأ المتظاهرون يتوافدون تدريجيا على ساحة المسجد للمشاركة في المسيرة والتوجه الى ميدان سيدي جابر. وعقب الصلاة مباشرة بدأت أصوات الثوار تتعالى بترديد الهتافات المناهضة للإعلان الدستوري ولجماعة الإخوان المسلمين، ومنها" يسقط يسقط حكم المرشد، بيع بيع بيع.. الثورة يا بديع، أوعى يا مصري تخون أفكارك.. مرسي هو هو مبارك، ويا مبارك نام واتهنى.. ده انت وراك أحفاد البنا، وإفرح افرح يا مبارك.. مرسي بيكمل مشوارك". ونظرا لعدم اكتمال المظاهرة عقب الصلاة مباشرة فقد قرر الثوار تأجيل الانطلاق بالمسيرة حتى تكتمل الحشود وبالفعل استمر المتظاهرين بميدان القائد إبراهيم لمدة ساعة كاملة عقب الصلاة حتى يتمكنوا من حشد كافة الجموع التي تود اللحاق بمسيرتهم. ورفع عدد من المتظاهرين بميدان القائد صور للزعيم الراحل جمال عبد الناصر مطلقين عليه لقب "المارد الذي تمكن من قهر الإسلاميين"، ووزعوا مجموعة من الكروت التي تحمل صوره على كافة الموجودين، ومن خلفها أقوال مأثورة للزعيم الراحل منها "إن الايمان بالله والأديان السماوية لا ينبغي أن يكون مجرد قشرة خارجية أو مظهرية، لأن الدين فوق أنه عقيدة فهو سلوك، وإن الجماهير هي القوة الحقيقية والسلطة بغير الجماهير هي مجرد تسلط معاد لجوهر الحقيقة"، مرددين شعار "عبد الناصر قالها زمان.. الإخوان مالهومش أمان". ووزع مجموعة من المتظاهرين بيانا يحمل عنوان "لا للإعلان الدستوري المستبد"، ناشدوا خلاله كافة فئات الشعب المصري بمختلف طوائفه المشاركة في مسيرات حماية الصورة مؤكدين أن الوطن الآن يمر بلحظة تاريخية ستحدد مصير الثورة إما بالاكتمال أو بأن تقع فريسة لجماعة غلبت مصالحها الحزبية الضيقة على مصلحة الوطن. وشرح البيان أسباب اعتراض الثوار على الإعلان الدستوري مشيرا إلى أن "المادة الأولى لا تقدم رؤية واضحة لمشروع عدالة انتقالية يحقق القصاص العادل لشهداء الثورة، والمادة الثانية تمنح رئيس الجمهورية سلطات تجعله فوق المحاسبة والقانون، والثالثة تعطيه حق تعيين النائب العام كما هو الحال أيام مبارك، فضلا عن كون المادتين الرابعة والخامسة يحصنان التأسيسية فاقدة الشرعية ضد أي قرار بحلها ويحصنان مجلس الشورى الذي لم يشارك في انتخابه سوى 7% فقط من الشعب من الحل، ويعطي رئيس الجمهورية الحق في اتخاذ أي إجراء استثنائي تحت مسمى حماية الثورة"، على حد البيان. وانطلقت المظاهرات قاصدة منطقة سيدي جابر متخذة خط السير من شارع بورسعيد حتى الشاطبي حيث توجهت إلى شارع أبو قير، أحد أهم الشوارع الرئيسية بالإسكندرية" لتلافي الاصطدام بالإخوان والذين كانوا في نفس الوقت في منطقة سيدي جابر الشيخ في نهاية شارع بورسعيد ينظمون مؤتمرا جماهيريا ومظاهرات مؤيدة لقرارات الرئيس مرسي. وخلال المسيرة، تفاعل عدد من سكان شارع أبو قير مع المتظاهرين وخرجت الأسر ترفع الأعلام من شرفات المنازل المطلة على الشارع ، في مشهد يستدعي أجواء 25 يناير، فيما قام أحد الأهالي بتوزيع زجاجات المياه على المتظاهرين من شرفة منزله. وعند كوبري إسبورتنج للمشاه، صعد شاب يحمل في يديه عجلة "استبن" ورفعها من أعلى الكوبري، فتعالت صيحات المتظاهرين مهللين "أهو أهو أهو.. الاستبن أهو". وعقب أذان العصر، نظم المتظاهرون صفوفهم لأداء فريضة الصلاة باعثين رسالة إلى جماعة الإخوان والتيارات السلفية، تقول "أنا مش كافر أنا مش ملحد.. يسقط يسقط حكم المرشد". واستمرت المسيرة في طريقها حتى وصلت ميدان سيدي جابر في تمام الرابعة والنصف عصرا حيث علق الثوار لافتة كبيرة وسط الميدان مكتوب عليها "الشعب يريد ديموقراطية حقيقية.. عيش.. حرية.. إسقاط التأسيسية"، وقاموا بعمل منصة أسفل اللافتة صعد عليها بعض الثوار من ذوي المواهب لترديد الأغاني الوطنية لمارسيل خليفة والشيخ إمام. شارك في مظاهرات الجمعة كل من حزب الدستور والتيار الشعبي المصري وحزب التحالف الشعبي الإشتراكي والحزب المصري الديموقراطي والاشتراكيون الثوريون وحركة كلنا مستقلون وحركة 6 أبريل والجبهة القومية للعدالة والديموقراطية ومشروع مدينة. وأعلن عدد من المتظاهرين عن سفرهم ليلة الجمعة الى القاهرة لحماية المعتصمين في ميدان التحرير من محاولات الاعتداء عليهم من قبل القوى الإسلامية، التي تعتزم تنظيم مظاهرة تأييد للرئيس مرسي، فبالرغم من إعلان الجماعة تغيير مكان المظاهرة إلى جامعة القاهرة، فإنهم يرون أن إصرار الإسلاميين من قبل على إقامة مظاهرتهم في التحرير وسط المتظاهرين المعارضين يشير إلى وجود نية مبيتة للنيل من الثوار، ولذلك قرر عدد من ثوار الإسكندرية السفر إلى التحرير لحماية ثواره وتأمينهم.