تحل الذكرى 68 على قرار تقسيم فلسطين رقم «181» الذى اتخذته الأممالمتحدة فى 29/11/1947، ويقضى القرار بتقسيم فلسطين إلى دولة ذات حكومة عربية وأخرى يهودية، رفض الفلسطينيون هذا القرار الذى شكل لهم صدمة آنذاك واعتبروا القبول به خيانة وجريمة وطنية عظمى يعاقب عليها القانون، لكن ترتب على قرار التقسيم قيام العصابات الصهيونية بطرد الشعب الفلسطينى من أرضه حيث خرج الفلسطينيون هائمين على وجوههم لا يعرفون إلى أين سينتهون، خرجوا على أمل العودة خلال أيام قليلة لكنهم لم يعودوا حتى الآن. قرار التقسيم ووعد بلفور والدعم البريطانى لليهود وإجرام العصابات الصهيونية من حصار وقتل جماعى وترهيب وتهديد، كل هذه العوامل وغيرها ساعدت ومكّنت اليهود من تهجير وطرد الفلسطينيين من أرضهم، وسهلت لهم الشروع فى إقامة كيانهم الدخيل على أرض فلسطين، وعلى خلاف الحقيقة تعرض الفلسطينيون وما زالوا لهجوم وتشويه شرس بأنهم وحدهم من تسببوا فى ضياع أراضيهم وتركها لليهود!! لقد كان طرد الفلسطينيين من قبل اليهود وفقاً لفكرهم الصهيونى أمراً ضرورياً لإقامة كيانهم الغاصب لسببين رئيسيين، هما: الأول ديموغرافى، حيث إن عدد السكان الفلسطينيين فى المناطق التى احتلها الصهاينة يزيد على 860 ألف فلسطينى، مقابل 650 ألف يهودى، وهذا يعنى أن الدولة اليهودية الجديدة ستبدأ حياتها وهى تمثل أقلية يهودية بين أكثرية فلسطينية، والثانى هو امتلاك الأراضى فقد وجد اليهود أنهم لن يستطيعوا أن يقيموا دولتهم الغاصبة بأقلية يهودية، إذا أُخذ بالحسبان التزايد السكانى الكبير عن طريق الهجرة اليهودية إلى فلسطين، فكان عليهم طرد الفلسطينيين من الأراضى التى يمتلكونها لتستوعب اليهود الوافدين إلى فلسطين. لقد مرت على فلسطين نوائب كثيرة ومحن أكثر، تعرض خلالها الفلسطينيون لكمّ هائل من الظلم والمغالطات والاتهامات التى نالت منهم ووصمتهم بالخيانة، فهم من باعوا أراضيهم لليهود بأثمان زهيدة وتخلوا عن بيوتهم، وهم السبب فيما آلت إليه أحوالهم!! تجاهلت تلك الادعاءات ما اقترفه الانتداب البريطانى منذ فرض وصايته عليها، مارس خلالها أعتى أنواع البطش ضد الفلسطينيين وأسهم بشكل كبير فى السماح باحتلال الأراضى الفلسطينية والتواطؤ مع اليهود، عندما غض النظر عن هجراتهم غير الشرعية والمنظمة إلى فلسطين ليسرقوا الأرض ويطردوا السكان من بيوتهم، ويرتكبوا أبشع المذابح على مرأى ومسمع من العالم. لقد ظهرت الحقيقة الغائبة من المؤرخين اليهود أنفسهم لتدحض تلك الادعاءات، لتشهد بأن الفلسطينيين دافعوا عن أراضيهم حتى آخر قطرة من دمائهم، شكلوا المقاومة الشعبية التى رفضت الاحتلال والعدوان والتنكيل، وضحّوا بأرواحهم فى حكايات بطولية تفوق الخيال ولم يأت على ذكرها أحد؟!.. طوال ثمانية وستون عاماً من المقاومة والكفاح ضد مخططات الاحتلال، والنضال من أجل استرجاع أراضيهم التى نُهبت عبر الحيل والمؤامرات والقتل والتهجير، الفلسطينيون لم يبيعوا أراضيهم، بل إن أفراداً من عائلات لبنانية معروفة وأشخاصاً من عائلات سورية مثل آل جزائرلى والشمعة والقوتلى وماردينى واليوسف، هم من تسببوا فى تشريد آلاف الفلسطينيين نتيجة لبيعهم الأراضى والبيوت الفلسطينية بالمؤامرات. 94٪ من الأراضى التى امتلكتها الوكالة اليهودية والصندوق القومى اليهودى (الكيريfن كاييميت) فى فلسطين حتى سنة 1947 اشتروها من السماسرة، اليهود لم يمتلكوا عند صدور قرار التقسيم سوى 7٪ من مساحة فلسطين، ومع ذلك منحتهم الأممالمتحدة 56٪ منها بما فى ذلك منطقة النقب الممتدة بين بئر السبع والعقبة، والتى لم يكن فيها يهودى واحد، لم يستطع اليهود شراء أكثر من 300 ألف دونم من الفلسطينيين، فى الفترة (1917 - 1947) أى طوال 30 سنة تحت سلطة الانتداب البريطانى، وحتى هذه المساحة التى تعادل 6٪ من الأراضى التى اشتراها اليهود انتقلت إليهم بالاحتيال، ومن خلال سماسرة كانوا يشترون الأرض من العرب ثم يعودون فيبيعونها لليهود، وقد قُتل الكثير من هؤلاء السماسرة إبان ثورة 1936.