توفر إيجار المحلات ورسوم الضرائب وتوصل الطلبات ل«حد باب البيت» لم يعد هناك من ينتظر «جواب» القوى العاملة، أو الوظيفة الحكومية بكل ما فيها. والبحث عن وظائف شاغرة بات الأصعب، خاصة أن أغلب المهن المطلوبة لحديثى التخرج تحديداً على عكس أصحاب الخبرات لا تعدو عن كونهم مندوبى مبيعات، أو أفراد تحت التمرين بلا مقابل مادى يُذكر فى الشركات والهيئات، على الجانب الآخر من منا لا يهتم بوجوده الدائم على مواقع التواصل الاجتماعى وبشكل خاص «فيس بوك» و«إنستجرام» و«تويتر»؟ هناك من يستخدمها جميعاً كمتنفَّس للتسلية، وهناك فتيات وجدن من وقت فراغهن أفكاراً تم طرحها فى شكل صفحات أو مجموعات على فيس بوك، فحوّلن كلمة «بطالة» إلى «صاحب مشروع».. سيدات أعمال فى العشرينات أحسنَّ استخدام وسائل التسلية، فباتت بديلاً لهن عن مقرات للشركات أو المحلات لعرض منتجاتهن، وسط زحام سوق العمل خلقن لأنفسهن سوق عمل موازية لها مكسبها. اقتربت «صحبة» منهن للتعرف على خطوات نجاح مشروعاتهن، ونقل خبراتهن من البيع «أونلاين» إلى غيرهن. خبير: دور الحكومة تقنين أوضاع مشاريع ال«أون لاين» تحت شعار «الحاجة أمّ الاختراع» تحولت مواقع التواصل الاجتماعى، من مجرد «لايك» و«كومنت» وهزار وضحك، إلى مجال لريادة الأعمال، وهو ما قامت به «رنا محمد»، حيث قامت بإنشاء جروب لبيع الإكسسوارات ومستحضرات التجميل على الفيس بوك ليكون لديها عمل تعتمد به على نفسها، ولكى تتخطى العقبات التى تعرقل تنفيذ أى مشروع، قالت: «اخترت الفيس بوك لأنه بيوفر مكان ليّا من غير ما أدفع ضرايب أو إيجارات، كمان هو بيساعد إنى أعمل اسم وشهرة ليّا عشان لو فتحت محل بعد كده».واستطردت قائلة: «لو حد عجبه حاجة بيقولى فى الشات، ولو هىّ فى أكتوبر بقابلها عند الجامعة أو عند الحصرى، لو أنا نازلة القاهرة ممكن أقابلها فى المترو، وفى الحالتين مجاناً مش باخد فلوس تمن التوصيل، وده طبعاً بيأثر على المكسب كتير، أقل مشوار للتوصيل بيتكلف 8 جنيه لو فى أكتوبر، و15 جنيه لو فى المترو، وفيه طريقة تانية وهى المندوب بيوصّل الحاجة بعدها بيوم من الطلب لحد باب البيت والعميل، وطبعاً لازم يدفع له فلوس». واستكملت «رنا» أن المكسب يتراوح ما بين الزيادة والنقصان، فقالت: «دخل الجروب بيزيد، وساعات بيقل على حسب المواسم والمنتجات الموجودة على الجروب، مفيش دخل ثابت ليّا بس ممكن فى الشهر كمتوسط أكسب 200 جنيه». أما عن الأختين نسمة وياسمين فأنشأتا صفحة لعمل الحلويات وبيعها من خلال الفيس بوك كبديل لغلاء إيجارات المحلات التجارية فقالتا: «إحنا اخترنا الفيس بوك لأنه على قد إمكانياتنا ولأن المحل محتاج إيجار وأدوات جديدة وغيره، ولأنه يُعتبر دلوقتى وسيلة مهمة جداً عشان نوصل لقطاع عريض من الجمهور اللى بنستهدفه، والفيس بوك سهّل علينا شغل التسويق كتير». وأوضحت ياسمين أنها تقوم بتوصيل الطلبات وأن الصفحة على الفيس بوك لا توفر دخلاً ثابتاً بشكل مستمر: «إحنا لسه مابقاش لينا دخل ثابت من (تذوق)، ومعظم الطلبات من ناس قرايبنا وأصحابنا، وده عشان الناس مش واخدة على فكرة أونلاين، إحنا عملنا فى أول رمضان شوية طلبيات كويسة وفى آخره عشان العيد».تختلف آية ناصر، صاحبة جروب شغل يدوى (Hand made) على الفيس بوك، عن ياسمين فى أسلوب التفكير فى انطلاقة مشروعها الخاص، تقول: «الحقيقة أنا ماكانش فى دماغى خالص إنى أعمل جروب على الفيس وأعمل إكسسوارات وأبيعها، أنا كنت بعمل لنفسى وألبسهم عادى، لكن ليّا زميل فى الكلية هو اللى ساعدنى وحفّزنى إنى أعمل جروب وأعمل إكسسوارات وأبيعها، وابتديت وقتها أعمل الشغل وأعرضه على الجروب فى الفيس بوك». وتشترك آية مع ياسمين فى كلامها عن عدم ثبات الدخل، حيث قالت: «مفيش دخل ثابت للجروب كل شهر، ده على حسب طلبات الناس، وفيه شغل أنا بعمله بالطلب، اللى عجبه بيقوللى وأنا أعمله». أما جنات أحمد، صاحبة إحدى صفحات الطعام على «فيس بوك» تقوم بإعداد الوجبات للعزائم والمناسبات، فأوضحت عدم قدرتها على تنفيذ هذا المشروع إلا من خلال الفيس بوك بسبب التكاليف العالية ومستواها الاجتماعى الذى لا يسمح لها بذلك، فقالت: «اخترت الفيس بوك لأن المحل إيجارات غالية وتكلفة عالية، وأصلاً المشروع ده مش هعرف أعمله فى محل، ظروفى الاجتماعية مش هتسمح إنى أبقى مهندسة وأعمل مشروع أكل، أنا عملته عشان هوايتى الطبخ وفى نفس الوقت أعمل ربح كويس ليّا». وعن ربحها أضافت: «الصفحة مش بتدخّل ليّا دخل ثابت وفيه شهور الصفحة مش بتشتغل، بمعنى بيبقى مفيش طلبات، ومعظم الفلوس مش باخد حاجة منها، بشيلها وأشترى بيها فراخ أو لحمة أو مشروم أو أى حاجة للمشروع». وبعيداً عن موقع فيس بوك، وتحديداً على موقع إنستجرام، نجد العديد من منافذ البيع الخاصة بالعديد من المنتجات، بداية من الملابس حتى الإكسسوارات، وعن تجربتها بالعمل عن طريق إنستجرام تخبرنا نيّرة غانم: «أنا كنت دايماً بتضايق من فكرة الروتين بتاعة الشغل وإنه يكون فوقك ناس بيحددولك اللى المفروض تعمله، وبحب دايماً أكون معتمدة على نفسى، وده كان من أسباب إنى أبدأ فى بيع الملابس والإكسسوارات عن طريق إنستجرام، ودلوقتى الحمد لله بقى عندى 10 آلاف متابع على الحساب بتاعى».وأردفت قائلة عن صعوبة العمل: «للأسف ناس كتير فاكرة الشغل الأونلاين اللى عن طريق النت ده سهل، أو فلوس من الهوا زى ما بيقولوا، بس للأسف الناس دى وجهة نظرها غلط، إنت لازم تكون مُتاح 24 ساعة عشان تتابع مع الناس الإيميلات والكومنتات، وتشوف طلباتهم وتشوف الحاجات اللى هما عاوزينها دى موجودة عند المورّد بتاعك ولا لأ، وكل الكلام ده بيستنزف مجهود وتركيز ووقت، لأن رضا اللى بيشتروا منك وضمان توصيل الطلبات ليهم ده هو اللى بيبنى الثقة وتكون كده زى ما بيقولوا ربيت زبون، والحمد لله وصلت إن الناس اللى بتشترى منى من دول كتير مختلفة من العالم». وأضافت نيّرة: «طبعاً زى أى شغل بيختلف العائد منه والضغط عليه حسب المواسم المختلفة، فساعات مع الأعياد والمناسبات بيكون الضغط عالى لناس بتشترى هدايا وكده، وساعات مابيكونش فيه شغل كتير، يعنى ساعات ماببيعش أى حاجة لمدة شهر مثلاً، وممكن أبيع فى الشهر بتسعة آلاف جنيه، وطبعاً بيكون فيه فلوس للمورّد اللى فى الصين وفلوس للشحن، ولو المشترى عاوز اللى طلبه ملفوف كهدية وكده، فالموضوع مش سهل، بس بجد حاجة ممتعة إنك تكون مدير نفسك». وعن هذه السوق الضخمة قال عمر عبدالحميد، مساعد رئيس تحرير جريدة البورصة: «من الطبيعى إن الشباب يبدأ يدوّر على فرص عمل وباب رزق، ودى حاجة كويسة ما دام باب الرزق ده مشروع، ونتمنى إن ناس كتيرة تكبر ويوصلوا لمرحلة سوق دوت كوم، وادفعلى، وغيرها من مواقع التسوق الإلكترونى دى». أما عن مزايا وعيوب التسوق الإلكترونى، فقال: «الموضوع جميل جداً عشان العملية سريعة وبتوفر وقت وجهد كبير للمشترى والبايع، فده بينشّط التجارة، بس المشكلة إنه ممكن يكون فيه حالات نصب مثلاً، ده غير إن ده كله يُعتبر جزء من اقتصاد موازى». رنا: بيع الإكسسوارات بيكسب والتوصيل يبدأ من 8 جنيه ثم استطرد عن توقعاته لدور الحكومة نحو هذا الموضوع قائلاً: «دلوقتى دور الحكومة إنها تشجع الشباب إنه يكبر فى المجال اللى هو اختاره، وتحاول تدفع فى اتجاه إصدار قوانين تسهّل تقنين أوضاع التجارة دى بصفتها نوع من الاستثمار، وده لمصلحة المستهلك عشان ضمان الجودة ولمصلحة العاملين فى القطاع ده بعد ما يكبر بإذن الله، مش مجرد ضمان لحق الدولة فى الضرايب وبس. وأنا أتوقع إنه التسوق والبيع الإلكترونى ممكن بشكل كبير يحد من ظاهرة الباعة الجائلين والأسواق العشوائية، وخصوصاً بعد انتشار خدمات الإنترنت فى كل بيت فى مصر، فده هيوسع السوق ويقضى على العشوائية فى المستقبل بكل تأكيد».