واحة صغيرة خضراء، تزينها أشجار النخيل والزيتون، يحيط بها بحيرتان من الجانبين الشرقى والغربى، يقصدها الزائرون للتنزه والسباحة فى عيونها الكبريتية الصافية، والعلاج بالدفن فى رمالها الملتهبة بأشعة الشمس للتخلص من أمراض العظام والمفاصل وتأخر الإنجاب. واحة سيوة بما تمتلكه من مقومات طبيعية تفتح ذراعيها لكل الباحثين عن جمال الطبيعة والعلاج والاستجمام.على بعد نحو 5 كيلومترات من وسط الواحة وإلى جوار جبل الدكرور، يقع مركز سياحة علاجية كبير، يقصده عشرات الأشخاص خلال يونيو ويوليو وأغسطس وسبتمبر، يجلس «محمد عبدالفتاح»، ابن محافظة أسيوط، على أحد الكراسى البلاستيكية البيضاء يتناقش مع أحد زملائه فى جدوى العلاج بالرمال. قطع «عبدالفتاح»، 50 عاماً، مسافة طويلة من وسط الصعيد إلى سيوة: «المشوار كان بعيد بس أنا بستريح كل سنة لما باجى هنا، ضهرى تعبنى من زمان لكن لما باجى أدفنه فى الرمل باستريح». الدفن ب«الحيا» يتوافد المرضى على سيوة لعلاج الروماتيزم والضعف الجنسى يستيقظ المقيمون فى المركز العلاجى فى الصباح، يتناولون الإفطار، يصومون عن الطعام حتى لا يصابوا بإغماء، فى الصباح الباكر يخرج أحد العاملين بالمركز إلى موقع الدفن فى الصحراء لحفر حفر مستطيلة تتسع بالكاد لحجم الإنسان، ليسمح لأشعة الشمس الحارقة بتسليط حرارتها على حبيبات الرمال داخل الحفرة قبل الدفن فيها بمدة كافية، وقبيل انطلاق موعد الدفن، يهم النزلاء إلى استراحة المركز الخارجية استعداداً لركوب سيارة الدفع الرباعى التى تسير وسط الرمال بسهولة كبيرة، يرتدى كل منهم «بالطو» طويلاً وبلاستيكياً ليحميهم من نسمات الهواء الشاردة بعد انتهاء عملية الدفن، يتم نقل الرجال فى السيارة. فى الوقت الذى يهرب فيه جميع المواطنين من لهيب أشعة الشمس الحارقة يتم النداء على المرضى لإجراء عملية الدفن، ينزلون بهدوء، أمام كل منهم حفرة صغيرة، وخلفهم خيام محكمة الإغلاق، واحداً تلو الآخر، ينام كل منهم فى قلب الحفرة الملتهبة ويغطى العاملون الشبان أجسادهم المكشوفة بالرمال، وبعد 10 دقائق يكون كل أعضاء الطابور الطويل فى الرمال ويبقى كل منهم مدفوناً حسب قدرة تحمله، بعد فترة قصيرة ينادى بعض كبار السن على العاملين لمساعدتهم فى الخروج من الرمال وإدخالهم إلى الخيمة المغلقة، عملية الدفن فى الرمال تتبعها عمليات أخرى تكمل البرنامج العلاجى. شريف السنوسى، صاحب المركز العلاجى بسيوة، قال إن «الدفن فى رمال واحة سيوة أمر متوارث عن الآباء والأجداد، حبيبات الرمال بها مختلفة عن أى مكان آخر، يحضر إلى هنا أفراد من محافظات مختلفة ومن الكويت والسعودية وليبيا، وتعالج الرمال أمراض الغضروف والروماتويد وتأخر الإنجاب والضعف الجنسى، بجانب أمراض أخرى ثبت نجاح الدفن فى الرمال فى علاجها، وهو ما يؤكده توافد الكثير من المواطنين سنوياً على العلاج بحمامات الرمال بشكل سنوى».