منذ أن قرأت زوجتي عن تلك المياه المعدنية السوداء، التي تباع في أوروبا والإمارات، حتى وجدتها تبحث بجنون عن أحد أقاربنا أو جيراننا، من المسافرين للإمارات، بخاصة في دبي، لشراء زجاجات من تلك المياه، وهي عبارة عن خليط من المعادن والفيتامينات، والتي وصفتها زوجتي بأنها "ماء الحياة المثالية". لم اتفق مع زوجتي في تلك النظرة للمياه المزعومة المعدنية، فالماء كما عرفنا ودرسنا لا لون له و لا طعم ولا رائحة، فمن أين إذن يأتي اللون الغامق الأسود، الذي يعود سببه إلى تلك المعادن التي تسيطر على مكونات المياه النادرة. نصحت زوجتي بضرورة الكف عن البحث بجنون عن تلك المياه، وقلت لها إنها مثل لبن العصفور، الذي أصبح مضربا للأمثال، لكل ما هو مستحيل وصعب الحصول عليه، وقالت زوجتي: "المياه موجودة، وحدثتني عنها صديقتي شيراز، وأخبرتني أنها مفيدة جدا للصحة والجسم السليم"، ضاعت كل محاولاتي لإقناعها بالهدوء، وأنه ليس هناك ما هو أفضل من المياه الطبيعية. قلت لزوجتي إن تلك المياه مجرد موضة، وليس كل جديد نجري عليه، ونقلد الآخرين ونكتفي بما وفره الله لنا من نعم لا تعد ولا تحصى، وأن هناك بدائل لتلك المياه مثل عصائر الفواكه والفيتامينات والمعادن في صورة دواء، دون الإلحاح على الآخرين بطلب مياه سوداء، فهي مجرد تقليعة وتروح لحالها.