حكمت عليهم الحرب أن يعيشوا مشتتين في الأرض، شعب يواجه الموت أينما كان، داخل حدود وطنه الممزق بفعل ميليشيات إرهابية وجيش يقف في صف الحاكم، وخارج الوطن في مخيمات اللاجئين، حيث الموت جوعًا وبردًا، وفي أعماق البحار أثناء محاولات الفرار من ويلات الحرب في الشرق إلى "جنة أوروبا"، حيث السلام المنشود والبحث عن فرصة جديدة للحياة. على مدى الأشهر الماضية تكررت حوادث غرق المواطنين السوريين خلال محاولاتهم السفر عبر البحر إلى عدد من الدول الأوروبية؛ بحثًا عن معيشة آمنة بعيدًا عن أصوات طلقات الرصاص والمدافع التي تعودوا عليها، إلا أن تلك المحاولات تبوء بالفشل، فيهربون من الموت إلى موت بطريقة أخرى. مقتل المئات من السوريين خلال الفترة الماضية، وكانت كلمة السر السواحل التركية، كان أبرز تلك الحوادث حينما لقي 6 مهاجرين سوريين مصرعهم 16 يوليو الماضي بغرق قاربهم قبالة سواحل تركيا، وفي 23 يونيو الماضي، لقي شخصان مصرعهما، إثر غرق قارب كان يقل عشرات المهاجرين السوريين، قبالة سواحل بودروم بولاية موغلا. وكان المهاجرون غير الشرعيين، يستقلون قاربًا مطاطيًا، متجهين إلى جزيرة كوس اليونانية، عندما وقع الحادث، واعتبر 4 منهم في عداد المفقودين، وفق ما ذكره الناجون، وما زال البحث جاريًا عنهم. وفي 22 يوليو الماضي، أنقذت فرق خفر السواحل التركي في مدينة "تشمشمة" التركية التابعة لولاية أزمير 107 مهاجرين غير شرعي حاولوا الهجرة إلى أوروبا، بحسب بيان وزارة الجمارك والتجارة التركية، وأشار البيان إلى أن فرق الإنقاذ نقلت المهاجرين عبر زوارق صغيرة جميع المهاجرين إلى الساحل القريب، وتسليمهم للأمن التركي "لإتمام الإجراءات اللازمة". وخلال 7 أغسطس الجاري، تسبب غرق سفينة صيد تقل مهاجرين في وفاة نحو 200 شخص أغلبهم سوريون، قبالة السواحل الإيطالية في البحر المتوسط. وأعلن خفر السواحل الإيطالي أن قارب صيد، يحمل نحو 700 شخص معظمهم سوريون، "قد غرق قرب السواحل الإيطالية في المتوسط، عند اقتراب سفينة الإنقاذ منهم"، لافتاً إلى أنه "تم إنقاذ 370 شخصاً من القارب، وانتشال 25 جثة، في ظل استمرار السفن الإيطالية في تفتيش المنطقة بحثاً عن ناجين". أكثر من 100 سوري راح في أعماق المتوسط، على مدار الثلاثة أشهر الماضية، حتى بات حال المواطنين السوريين "أينما كانوا يدركهم الموت".