فى الحلقة السابعة من كتابه المهم والخطير «لغز المشير»، الذى سيصدر قريباً عن «الدار المصرية اللبنانية للنشر»، يكشف الكاتب الصحفى مصطفى بكرى عن تفاصيل المباحثات التى جرت بين المجلس العسكرى وقادة الأحزاب الممثلة فى البرلمان وعدد من النواب المستقلين، للتوصل إلى اتفاق مقبول بشأن تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور. وفى 24 أبريل كانت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية تعقد اجتماعاً مفاجئاً، حيث قررت فى هذا الاجتماع استبعاد المرشح الرئاسى الفريق أحمد شفيق على اعتبار أنه فقد شرطاً من شروط الترشح بسبب خضوعه لقانون العزل السياسى باعتباره عمل رئيساً للوزراء فى ظل نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك. بعدها بساعات قليلة قام الفريق أحمد شفيق بالتظلم أمام اللجنة العليا للانتخابات، حيث طلب إلغاء القرار الذى أصدرته باستبعاده من الترشح للانتخابات الرئاسية، وبعد جلسة عاجلة للجنة قررت قبول التظلم وأحالت الأمر للمحكمة الدستورية. وفى الثانى عشر من مايو كانت المحكمة الإدارية العليا تصدر حكماً بإجماع الآراء يقضى بوقف تنفيذ قرار استبعاد أحمد شفيق من الانتخابات وأحالت الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا، التى أصدرت حكماً فى 41 يونيو يقضى بعدم دستورية قانون العزل السياسى. وفى هذا اليوم تغيب العديد من رؤساء الأحزاب الذين تمت دعوتهم، فى الوقت الذى كانت فيه مجموعات حازم صلاح أبوإسماعيل تحاصر منطقة ميدان العباسية بهدف اقتحام مبنى وزارة الدفاع، وقد شاركها فى هذا اليوم عدد من شباب 6 أبريل وكذلك عناصر من جماعة الإخوان وتنظيم السلفية الجهادية الذى يقوده محمد الظواهرى. كان الحصار قد بدأ منذ السابع والعشرين من أبريل 2012 وكانت التهديدات جادة، وكان المجلس العسكرى يرغب فى معرفة رأى الأحزاب السياسية فى كيفية إنهاء هذا الحصار دون إراقة دماء، خاصة بعد أن بدأت الاشتباكات تتصاعد ابتداء من يوم الاثنين، الثلاثين من أبريل، بين عناصر مجهولة والمعتصمين فى الميدان الذين سعوا إلى محاولة الاحتكاك برجال القوات المسلحة الذين وضعوا الأسلاك الشائكة بالقرب من النفق المؤدى إلى مبنى وزارة الدفاع. وعندما تزايدت حدة الاشتباكات بين هذه العناصر المجهولة والمعتصمين وأدت إلى مقتل ستة أفراد وإصابة 239 شخصاً وجد المجلس العسكرى أنه من الضرورى التشاور مع الأحزاب حول هذه التطورات الخطيرة. وقد ترأس هذا اللقاء الفريق سامى عنان، رئيس الأركان، بعد أن اعتذر المشير عن الحضور لارتباطه بموعد سابق مع السيناتور الأمريكى جون ماكين، وقد جرت مناقشات حادة فى هذا اللقاء بين الحاضرين، حيث طرح أبوالعلا ماضى، رئيس حزب الوسط، اقتراحاً يقضى بتشكيل وفد للحوار مع المعتصمين من الأحزاب ورجال الدين وإصدار بيان يؤكد إبداء الأسف لسقوط الضحايا والتأكيد مجدداً على تسليم السلطة قبل 03 يونيو. وعندئذ رد الفريق سامى عنان بعنف وقال: «لقد أصبحنا شماعة لكثير من المشكلات التى نحن لسنا مسئولين عنها، نحن لا نرغب فى الاستمرار فى السلطة وننتظر تسليمها اليوم قبل الغد». وقال: «نحن نتمنى أن تحسم الانتخابات الرئاسية من أول جولة، وأن نعود إلى ثكناتنا فى 42 مايو المقبل»، وهو موعد إجراء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية. عقد المشير طنطاوى اجتماعاً مع أعضاء المجلس العسكرى فى هذا الوقت، وتم تدارس الموقف، وكان من رأى المشير التحلى بالصبر، مع كشف الحقائق أمام الشعب، ولذلك جرى تكليف ثلاثة من أعضاء المجلس العسكرى لعقد مؤتمر صحفى لمناقشة الأمر. كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد أصدر قبل عقد هذا المؤتمر الصحفى بياناً أكد فيه أن القوات المسلحة هى ملك للشعب ولن تكون أبداً أداة لقهره، وحذر البيان من أى تجاوزات ترتكب ضد المنشآت العسكرية ومبنى وزارة الدفاع وقال: «إن الشرف العسكرى يلزم القوات المسلحة بحمايتها». وخلال المؤتمر الصحفى أكد اللواء محمد العصار، عضو المجلس، أن البلاد تتعرض لمؤامرات متعددة، وأن هناك محاولات لعرقلة إجراء الانتخابات الرئاسية، التى قال إنها ستتم فى موعدها المحدد وإن القوات المسلحة لا تدعم أياً من المرشحين الرئاسيين. أما اللواء ممدوح شاهين فقد انبرى فى توضيح الهدف من وراء تحصين المادة (82) من الإعلان الدستورى والتى تم استفتاء الشعب عليها وذلك بهدف الحفاظ على استقرار وهيبة منصب رئيس الجمهورية. وكان اللواء مختار الملا الأكثر تحديداً عندما قال بوضوح: «إن الاقتراب من مقر وزارة الدفاع ممنوع، وسنلجأ إلى حق الدفاع الشرعى عن النفس فى المواجهة»، وقال: «إن البلد لا يحتمل أى تصرفات متهورة ولن نسمح بأن يعتدى أحد أبداً على القوات المسلحة، بل سنحمى المهاجمين من أنفسهم»، فى هذا الوقت كان المشير يناقش تقريراً حول خطورة الوضع فى ميدان العباسية، والسبل الكفيلة بردع أى عدوان على وزارة الدفاع فى حال حدوث محاولة لاقتحامها من قبَل العناصر المتطرفة.