شريط طويل لعام مضى يعدّ فى حياتها الأصعب، يمر فى ذاكرتها وأمام أعينها كأنه البارحة، قضته بين الاستيقاظ مبكراً والنوم لساعات قليلة والمذاكرة لأكثر من 10 ساعات يومياً و5 أخرى فى الدروس التى «نحلت والدها»، على حد وصفها، فى سبيل تحقيق حلمها والالتحاق بكلية «الاقتصاد والعلوم السياسية» للعمل فى وزارة الخارجية، الذى يجسد أكبر طموحاتها وأهدافها والذى انهار على حائط امتحانات الثانوية العامة، لتجد نفسها تتجه إلى مكتب التنسيق فى أول أيامه لتسجل كلية أخرى فى رغباتها «غير المنشودة». بسنت عماد، طالبة الصف الثالث الثانوى، الحاصلة على مجموع 387 درجة، بالقسم الأدبى، فى الثانوية العامة، فوجئت بالارتفاع الشديد فى نتائج المرحلة الأولى للتنسيق لهذا العام، وهو ما حال بينها وبين حلمها فى الالتحاق بكلية أحلامها، أو الحل البديل لها، لتكون «درجة» هى التى باعدت بينها وبين كلية «الألسن»، طبقاً لتنسيق العام الماضى، فتصبح التظلمات التى قدّمتها فى كل المواد «آخر قشة» تتعلق بها. «أنا اللى صعبان عليّا والدى ووالدتى اللى تعبوا معايا بجد واتحملوا كتير طول السنة، ضغط وفلوس وتشجيع وثقة فيا، ده غير تعبى اللى ضاع بسبب غش وعدم تقدير».. بأعين تملأها الدموع عبّرت الفتاة التى لم تتجاوز سبعة عشر عاماً، عن ألمها الدفين بعد أن شعرت بضياع حلمها الذى نافست من أجله صديقاتها وسعت بكل السبل إلى تحقيقه لتكوين مستقبل منير يفتخر به أهلها، وهو الأمل الذى كان يملأها بعد أن أجابت عن أسئلة الامتحانات الإجابات السليمة، من خلال مذاكرتها ساعات طويلة وحلها مختلف الامتحانات بالكتب الخارجية. مادّتا «التاريخ» و«علم النفس» كانتا الهاجس الأكبر بالنسبة لها، مما دفعها إلى الذهاب إلى درسين فى كل منهما، إلا أنه لم يختفِ، وسبّب لها توتراً وخوفاً كبيراً، أصابها بحالة من القىء والبكاء الهستيرى صباح كل يوم بالامتحانات، خاصة أنها خالفت رغبة أبيها منذ صغرها فى دخول الشعبة العلمية والالتحاق بكلية الصيدلة، فضلاً عن الحالة السيئة التى سادت المنزل وقتها، بين إخوتها ووالدها ووالدتها. وأردفت الطالبة، صاحبة مجموع ال94%، أن المناهج التعليمية تحتاج إلى إعادة نظر بشدة وتدقيق لكونها غير مرتبة فى أجزاء معينة، ودسمة فى أوقات أخرى، ووصفت نظام الامتحانات ب«البشع»، موضحة: «يعنى إزاى أقعد أذاكر طول السنة وأروح دروس وكتب طوال 365 يوم، وعايزينى أجاوب على أسئلة فى كل ده فى ساعتين بس»، مشيرة إلى أن إجراء امتحانات فى نصف العام سيعدّ الحل الأفضل فى تلك الحالة. «كان أملى فى (بسنت) كبير، علشان تحقق اللى نفسها فيه».. بهذه الكلمات أعربت والدة طالبة الثانوية العامة عن حزنها، مضيفة أن ما حدث طوال العام من ضغوطات وصعوبات لا يقارن بوقت النتيجة الذى مثّل صدمة شديدة بالنسبة للجميع، خاصة لكونها ذات شخصية قوية تؤهلها لحلمها وتتمتع بدبلوماسية شديدة فى التعامل، تمكنت من خلالها من إقناع والدها بدخول الشعبة الأدبية، قائلة «إن الثانوية دى نصيب ومهما حليت أو مذاكرتش، بردو هتجيب مجموع ماتتخيلوش». وتابعت أن الحصول على المزيد من الدرجات هو الأمل الأخير لابنتها فى الالتحاق بكلية الألسن، وصناعة بديل لحلمها، بدلاً من الالتحاق بكلية الآداب أو التجارة أو التربية، وهو ما سيجعلها تتساوى مع أصحاب الدرجات التى لم تتجاوز ال70%، وهو بصيص الأمل الذى زرعته داخلها لإبعاد حالة الإحباط الشديدة التى سيطرت عليها وأفقدتها رغبتها فى دخول الكلية، فضلاً عن الانخفاض الشديد فى وزنها بشكل مفاجئ. بينما عبر والدها «عماد» عن أسفه الشديد من عدم إمكانية التحاق ابنته بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وتحقيق رغبتها. والدها: الفلوس مش مهم.. بنتى أهم عندى دلوقتى