أصدرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أمس، تقريرًا بعنوان "متى ينتهي ملف إهمال النقل في مصر؟!"، والذي يتضمن واقعة غرق مركب الوارق، والتي جاءت امتداد لحوادث النقل البحري والنهري والبري، والتي راح ضحيتها مئات الأشخاص. ورصد التقرير، تكرار الحوادث باستمرار وعجز المسؤولين عن حلها، ولا تزال وسائل النقل بكافة أشكالها سواء بحرية أو نهرية أو برية غير آمنة وغير صالحة آدميًا، وتحتاج إلى تدخل من الحكومة المصرية لحل هذه المشكلة. وأكد التقرير، أن هناك العديد من المخالفات القانونية المتسببة في حدوث تلك الجريمة، حيث أن تصادم المركب النيلي وصندل البضائع بالوراق جاء نتيجة لمخالفتهما القانون وتعليمات الإبحار، فالمركب غير مرخص للإبحار، وصندل البضائع غير مسموح له بالإبحار ليلاً، وهو الأمر الذي يتعارض مع قانون الملاحة الداخلية رقم 10 لسنة 1956، وهنا طبقًا للقانون فإن المسؤول عن الحادث هو وزارة النقل، وليس المسطحات المائية أو الري، وهذا خطأ لأنه يجب فصل ما يخص المسطحات المائية والأنهار عن النقل لبرّي، لأنها تندرج تحت النقل البحري، فيجب إنشاء هيئة تختص بتطوير النقل البحرّي وتأمينه. وتناول التقرير، راويات شهود العيان لبعثة تقصي الحقائق التي أوفدتها المنظمة، والتي أكدت أن المركب بدأ في الغرق حوالي الساعة التاسعة والنصف مساءً، مشيرًا إلى قفد 2 من ركاب المركب في النيل أثناء الغرق، حسب قول الشهود، مؤكدين أن الصندل الذي صدم لنش النزهة كان قادمًا من جهة القناطر، وصدم المركب الذي كان قادمًا من حديقة النيل وأنه بعد الكارثة حاول قدر المستطاع مساعدة الغارقين فقام أول مرة بإخراج 9 أشخاص وفي المرة الثانية 7 أشخاص وفي آخر مرة كانت سيدة واحدة وأن أغلب المصابين كانوا من الأطفال والسيدات، وكان هناك شخصان أو ثلاثة على قيد الحياة "وفي وعيهم" أما الباقي كان في حالة إغماء، وأن مسطحات الجيزة وصلت بعد الواقعة بحوالي 10 دقائق، وأن المتوفين بعضهم تم نقله إلى معهد ناصر والبعض الآخر إلى مستشفى إمبابة، وأن الصندل كان يسير بدون إضاءة ،على الرغم من منع السير في المياه بعد الساعة 4، إضافة إلى أن من كانوا في المركب عائلات خرجوا للتنزه، وغرقوا جميعًا بعد أن قام الصندل بصدم المركب. وتناول التقرير النتائج التي توصلت إليها بعثة تقصي الحقائق عن المخالفات الجسيمة، التي ارتكبت بحق تلك الأبرياء وأهمها افتقاد الدولة أجهزة لآلية التعامل مع الأزمات سواء كانت آنية أو مستقبلية، وتضافرت عدة عوامل أدت إلى تفاقم نتائج الأزمة والتي دفع ثمنها المواطنون البسطاء تتمثل في الآتي: وأشار التقرير، إلى أنه برغم خطورة وجسامة الحادث، إلا أن آداء الأجهزة المعنية لم يتسم بسرعة التصرف والمقدرة على اتخاذ القرار السليم، ويرجع ذلك للبيروقراطية المعهودة، ويتضح ذلك من خلال تأخر عمليات الإنقاذ، لافتًا إلى أن حادث الوراق جاء في أعقاب سلسلة من الحوادث البشرية كحادث مركب المعادي، وصندل الفوسفات. وشددت على أن جميع تلك الحوادث لم يتم تقديم أي من المتهمين للمحاكمة، الأمر الذي أدى إلى افلاتهم من العقاب، وتكرار تلك الحوادث طالما أن المتهم الحقيقي بمنأى عن المساءلة. وأوضحت أنه الأسباب لا تقتصر على إفلات الجناة من العقاب على الفساد وقصور التحقيقات والمتابعات الجنائية فحسب، بل يأتي التشريع المصري كمسبب رئيسي لتكرار تلك الكوارث مما يؤدي إلى إفلات الجناة، فنجد أن العديد من الجرائم يفرد لها المشرع مجموعة من العقوبات الهزلية والتي لا تتناسب البتة مع الجرم المرتكب. وأوصى بالعمل على صرف تعويضات مناسبة لأهالي الضحايا، وتشكيل لجنة عليا لبحث أسباب الأزمة وتداعياتها وسبل تلافيها، عبر إنشاء وحدة خاصة لإدارة الأزمات وسبل التعامل معها. وشدد على ضرورة، تشكيل فريق من الخبراء المتخصصين لإجراء كشف فوري على كافة المراكب للتأكد من مواصفاتها الفنية وإمكانياتها المادية من أدوات أدوات الإنقاذ وأجهزة الإنذار وغير ذلك من مستلزمات لضمان أمن وسلامة الركاب، استخدام التكنولوجيا الحديثة في تطوير جميع وسائل النقل النهري، وعمل تنظيم شامل للمرور والابحار فى نهر النيل ،وتأمين كل المراسي الخاصة بالركاب، باستخدام أدوات الحماية من الغرق ،وضرورة توفير جهات الانقاذ بجوار مراسي الركوب لحماية المواطنين والحفاظ على أرواحهم ،عمل نقطة شرطة المسطحات المائية على نهر النيل لكل 5 كيلو في نهر النيل. واوصى بضرورة إجراء تحقيقات موسعة حول هذه الحادثة، وإعلان نتائج التحقيقات للرأي العام، وإحالة من يثبت تورطه للمحاكمة، وكذلك إعادة فتح التحقيق في الكوارث الإنسانية السابقة من النقل البحري والنهري. وطالب باصدار قانون لإنشاء مجلس مستقل متخصص لإدارة الأزمات يضم مجموعة من المستشارين في كافة التخصصات المتعلقة بالكوارث الإنسانية أو الطبيعية وتخصص ميزانية مستقلة له، وأن لا يخضع لإشراف أي من وزارات الدولة، على أن تتبع وحدات الأزمات المفترض تشكيلها مستقبلا بكل وزارة لهذا المجلس، وضرورة إعلان المجلس عن نتائج بعثته لتقصي الحقائق للرأي العام وتزويد منظمات المجتمع المدني والمجلس القومي لحقوق الإنسان لما توصلت له.