«إذا أصبح أمننا القومى فى خطر، فلا تحدثنى عن الحقوق والحريات».. عبارة ذاع صيتها ظلت منسوبة إلى ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطانى، حتى نفاها الأخير عن نفسه، لكن الواقع صار يؤكدها يوماً بعد آخر، ليس فى بريطانيا فحسب لكن فى كل دول العالم. تهديدات تتصاعد، وخطر يتنامى، ودائرة خوف تتسع لتشمل الجميع دون استثناء، من مشارق الأرض إلى مغاربها، ويدفع الجميع دون استثناء نحو ترسانة من القوانين والإجراءات التى تعلى من قيمة «الأمن» على قيمة «الحرية» تحت شعار واحد: «الحرب على الإرهاب».. 4 قوانين فى أربعة بلدان من أشد بلاد العالم تحرراً وأكثرها ديمقراطية، رصدتها «الوطن» ومنها فرنسا عاصمة الثقافة والفن. فرنسا فى عام 2006 أصدرت عاصمة الثقافة الأوروبية، فرنسا، قانوناً لمكافحة الإرهاب، وشهد القانون 14 تعديلاً خلال السنوات التسع الماضية، وينص على: جواز مراقبة الهواتف والإنترنت، وزرع كاميرات مراقبة فى الأماكن العامة، وملاحقة أى فرنسى يسافر للتدرب على أعمال إرهابية خارج البلاد حتى لو لم يرتكب أى عمل مسىء فى فرنسا، وحتى لو لم يمض شبابه على الأراضى الفرنسية، وذلك بتهمة تشكيل عصابة إجرامية تهدف لارتكاب عمل إرهابى، وهى جريمة تعاقب بالسجن عشر سنوات، وغرامة تبلغ 225 ألف يورو. شهد القانون الفرنسى تعديلاً فى نوفمبر 2014، قبل الهجوم على صحيفة شارلى إيبدو الساخرة، ونص التعديل على منع الفرنسيين من السفر للانضمام للجماعات الجهادية فى سوريا بعد انضمام مئات الفرنسيين لتنظيم «داعش»، ومصادرة جواز سفر وبطاقة هوية كل من أمضى بين 6 أشهر وعامين بها، ومنع المشتبه بانضمامهم لتنظيم «داعش» من دخول فرنسا، ومراقبة السلطات للمواقع الإلكترونية التى تدعو للتطرف، ومطالبة مديرها بمسح المحتويات المتشددة وحظر المواقع التى تدافع عن الإرهاب. وبعد 9 سنوات من العمل بالقانون القديم، خرج إلى النور فى مارس الماضى قانون جديد باسم «تعزيز مكافحة الإرهاب»، طرحته الحكومة الفرنسية ووافق عليه البرلمان، وينص القانون على جواز اختراق من وصفهم ب«الإرهابيين المحتملين» ومراقبتهم من خلال أذونات إدارية دون الحاجة إلى موافقة قضائية، «اللجوء إلى أجهزة لتسجيل كلام أشخاص وصورهم، أو لبرامج معلوماتية تلتقط البيانات المعلوماتية»، ما سيسمح لعناصر الاستخبارات بوضع ميكروفونات وكاميرات تجسس وغيرها أينما يرون ذلك ضرورياً، بما فى ذلك إقامة مراكز تتبع هواتف المشتركين التى تسمح باعتراض الاتصالات فى مربع معين، سواء من اتصالات مشتبه بهم أو المقربين منهم والتنصت عليهم، ويلزم القانون مشغلى خطوط الهاتف ومزودى الإنترنت بتسليم السلطات كل ما يمكن أن يجمعوه من بيانات. وفى دفاعه عن القانون الذى هاجمته أصوات فرنسية عديدة، قال رئيس الحكومة مانويل فالس: «فى مثل هذه الظروف التى تمر بها فرنسا والعالم لا بد من خطوات احترازية لحماية المواطنين الفرنسيين. فالإرهابيون المتطرفون ما زالوا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعى من أجل بث سمومهم وإعلاناتهم التى تشجع الشباب على الالتحاق بالجهاديين فى العراقوسوريا، وكل واحد من اثنين يلتحقون بالجماعات المتطرفة من دون معرفة أجهزة الاستخبارات بهم، لذلك نحن بحاجة لإجراءات مشددة وسنوفر نحو 2680 فرصة عمل فى الأجهزة الأمنية والدفاع من أجل مراقبة المتطرفين الفرنسيين الذين تجاوز عددهم فى سورياوالعراق 1450، قتل منهم 89 فرنسياً حتى الآن». موضحاً أن هذا القانون سيتيح حماية البلاد والشعب الفرنسى، بل وإنقاذ العديد من المتطرفين الفرنسيين، بحسب قوله، لأنه سيعطى صلاحيات استثنائية وجديدة لرجال شرطة الحدود والمطارات والموانئ الفرنسية، مع الإبقاء على انتشار 7 آلاف عسكرى بشكل دائم على الأراضى الفرنسية قابلة للزيادة، فى حالة حصول أى طارئ.