لا يختلف أبو بكر البغدادي مؤسس "داعش" كثيرًا عن حسن بن الصباح الملقب ب "شيخ الجبل" الذي أسس الباطنية أو جماعة "الحشاشين" إبان القرن الخامس الهجري، ولم يختلف الاثنان كثيرًا عن حسن البنان مؤسس الإخوانجية أو كما يسمونها جماعة "الإخوان المسلمين". فجميعهم امتطى الدين للوصول إلى السلطة، وجميعهم حاول تخدير الشعب وإقناعه بأن ركوب السلطة يفضي إلى تطبيق "الشريعة"!. ولكن إذا كانت جماعة الحشاشين قد استمرت في تخريبها للبلدان الإسلامية قرابة ثلاثة قرون وانتهت في بلاد الفرس بدكها عسكريًا على يد المغول، والقضاء عليها سياسيًا في بلاد الشام على يد "بيبرس" الذي احتوى قياداتها وجعلها جزء من الدولة حتى تخلص منها تمام، فيا تُرى أي الأسلوبين الأنجح مع داعش؟. وأوجه التشابه بين الدواعش والحشاشين لا تكمن فقط في عداء هاتان العصابتان لجميع الطوائف الدينية وتكفيرها واستحلال دمائها، ولكن أوجه التشابه تكمن أيضًا في الاستراتيجيات وطريقة التفكير التي تقوم على الاغتيالات كإستراتيجية لتمكين تلك العصابات وانتشارها داخل مفاصل الدولة. وذلك من خلال فدائيين لا يأبهون بالموت فى سبيل تحقيق أهدافهم، أسماهم حسن الصباح ب"الحشاشين" وحديثًا ب"الانتحاريين" وكما تمكن الحشاشون من اغتيال عديد من الشخصيات والرموز في ذلك الوقت؛ مثل الوزير السلجوقي نظام الملك والخليفة العباسي المسترشد والراشد وملك بيت المقدس كونراد. تمكن الإخوانجية في الأربعينيات من اغتيال النقراشي باشا والقاضي أحمد الخازندار، وتمكنت "داعش" في مصر من اغتيال النائب العام!. وربما يستغرب البعض وبتسأل كيف يمكن لإنسان عاقل أن يؤدى بحايته أو يقتل نفسه من أجل تنظيم معين والإجابة تكمن في أمرين اثنين أولها حنكة تلك العصابة في جذب المراهقين دينيًا وسياسيًا وإقناعهم بأن قتال الدولة هو نوعًا من الجهاد فى سبيل الله ومن ثم فلا غرابة أن نجد داعش والإخوانجية يمارسون أشد أنواع العنف والقتل والتخريب في رمضان!. والثاني استغلال فقر هؤلاء المراهقين وتدني أحوالهم المعيشية وأن ما يمارسونه من عنف هو عمل مقابل أجر وفي حالة الموت يتكلف التنظيم برعاية عوائله!. ورغم أن هذان العاملان لا يزالان يستخدما حتى الآن فى تجنيد الانتحاريين، إلا أن حسن الصباح استغل مواد مخدرة في تغييب الحشاشين، بحيث يتم تخدير الشاب ثم يتم نقله إلى حديقة بها فواكه وخمر ونساء وأنهار من الماء واللبن و العسل، وعندما يُشبع الشاب شهوته؛ يتم تخديره ثانية، ويُنقَل إلى الأمير فيسأله: من أين أتو بك؟ فيجيب من الجنة! فيكلفه الأمير بأن يذهب لاغتيال فلان أو علان، قائلًا: إن عُدتَ سالمًا أدخلتك الجنة وإن متَ فسوف أُرسل إليك ملائكتي ليعيدوك إليها ثانية!. ولم تقتصر أوجه التشابه بين العصابتين عند هذا الحد، فغالبًا ما تستهدف تلك العصابات الاندماج في جيش الخصم أو ومراكز السلطة والحكم حتى يتمكنوا من الوصول لأماكن إستراتيجية تمكنهم من تنفيذ مخططاتهم الإرهابية، ومن ثم فإنهم مدربون بشكل احترافي على فنون القتال والتنكر وربما يتمتعون بقدرات ومهارات لغوية عالية واعتقد أن هذه الأسلوب هو ما مكن الإرهاب من اغتيال النقيب محمد أبوشقرة والمقدم محمد مبروك وأخيرًا المستشار هشام بركات، مما يجعل اختراق الأجهزة المنية في مصر أمر محتملا وبقوة!. ويقال إن زعيم الحشاشين في سوريا أرسل مبعوثًا إلى السلطان صلاح الدين. فأبى المبعوث أن يسلمه الرسالة إلا "منفردًا"، فأمر السلطان بإخلاء القاعة إلا من "اثنين" من حراسه، فسأله المبعوث: لماذا أبقيت هذين الحارسين بالذات؟ فأجابه السلطان: لأنهما في منزلة أبنائي، فتوجه إليهما المبعوث قائلًا: لو أمرتكما بقتل السلطان على الفور فما ردكما؟ فاستل المملوكان سيفهما وقالا: السمع والطاعة فاندهش "صلاح الدين" وغادر المبعوث المكان مصطحبًا المملوكين، وفي طريقه إلى الباب نظر إلى صلاح الدين قائلًا: أعتقد الرسالة وصلت!.