فى حين يشهد العالم تصاعد حرب عاصفة الحزم فوق السحاب اليمنى بقيادة القوات الملكية الجوية السعودية، يشهد العالم فى نفس الوقت حرباً قوية تتصاعد بين الشركات فوق السحاب الرقمى فى محاولة للسيطرة وبسط النفوذ على سوق الحوسبة السحابية. فبعد الإعلانات المدهشة التى أعلنتها ميكروسوفت فى الكلمة الافتتاحية فى مؤتمر Microsoft Build 2015 أصبح جلياً أن الحرب للسيطرة على سوق الحوسبة السحابية ستتصاعد لتدخل مرحلة جديدة تجعلها أكثر شراسة بين عمالقة مجال الحوسبة السحابية. والمتابع لتقارير مؤسسة جارتنر (أكبر مؤسسات أبحاث سوق تكنولوجيا المعلومات فى العالم) للحوسبة السحابية لعام 2014 وكذا لعام 2015 (الذى صدر قبل أيام) يكتشف تفوق شركتى ميكروسوفت وأمازون بشكل كبير فى هذا النطاق بوجودهما المنفرد فى الربع السحرى لمصفوفة مؤسسة جارتنر لموردى خدمات الحوسبة السحابية (Gartner's Magic Quadrant)، متقدمين على شركة جوجل بمسافة كبيرة. وهو ما يلقى الضوء بشكل أوضح على الحرب المستعرة بين الشركتين (أمازون وميكروسوفت) منذ عامين للحصول على جزء أكبر من سوق الحوسبة السحابية، حيث يرى المتخصصون أن تلك الحرب قد تطورت هذا العام من مجرد حرب سعرية، إلى حرب من أجل تقديم خدمات وتطبيقات ومميزات أفضل. وقبل استعراض الجديد فى هذه الحرب عبر الأسابيع المقبلة يتوجب تبسيط فكرة الحوسبة السحابية للقارئ الكريم. فإن أحداً منا لو اعتاد على الجلوس فى المنزل وعدم التحرك كثيراً فى المدينة إلا بمقدار إجراء مشوار أو مشوارين فى الأسبوع، فإنه يفكر فى عدم الاستثمار فى سيارة يشتريها ثم يحتاج لدفع مصاريف جراج وصيانة ووقود وسائق، ناهيك عن مشاكل الركن، وإنما يقوم بتأجير تاكسى بسائقه يقضى به مشاويره ويوفر من أمواله ويريح باله، وبالتالى تتحول السيارة من أصل يمتلكه، إلى خدمة يحصل عليها عند اللزوم فقط، وهو بذلك ينقل العبء المالى من عبء مصاريف استثمارية (CAPEX) إلى عبء مصاريف تشغيلية (OPEX) لا يتكبدها إلا عند وجود حاجة فعلية للتشغيل يمكن أن تدر عائداً فى مقابل المصروفات المدفوعة. ذلك هو نفس المبدأ الاقتصادى الذى يدفع المؤسسات إلى استخدام تقنيات الحوسبة السحابية. لذلك يعرف المعهد الأمريكى الوطنى للمقاييس والتكنولوجيا، الحوسبة السحابية على أنها «نموذج لتمكين الوصول (عند الحاجة) إلى مجموعة مشتركة من موارد الحوسبة التى يمكن توفيرها أو الاستغناء عنها بسرعة وسهولة».. وللحديث بقية.