ليت كل صاحب عقل يفكر وليت كل من يفكر يدقق وليت كل من يدقق يتبع قواعد اللعبة وليت قواعد اللعبة هادفة وتأتي دائما بالعدل. فقد نصحني أحدهم بأن أكف عن القراءة مكتفيا بمشاهدة الأفلام والمسلسلات وبرامج حرقة الدم والتي يطلق عليها التوك شو ودعاني لأن أتفرغ لمستويات أعلى في لعبة كاندي كراش و ما شبه ذلك من مستجدات العصر. وتحقيقا منه لقواعد لعبة الديمقراطية الحوارية أكمل نصيحته بأنه على علم بأن القراءة مثل اي نوع من الادمان يعالج منه الانسان بشكل تدريجي ولا يعالج منه بطريقة الصدم المباشر لذا فمن الأفضل لحالتي أن أبدأ بترك كتب السياسة و التاريخ وما فيها من سم قاتل واكتفي بمتابعة الأخبار الكترونيا او أتسلى بروايات يا حبذا لو كانت رومانسية. ثم تأتيني نصيحة غالية من اخر ان اتوقف عن الكتابة فهي ليست مهنتي الأساسية وعامة الأحوال لم تعد مناسبة من الأساس للقراءة حتى يأتي أمثالي ويزيد من الطين بلاء ويتمادى ليكتب ويعبر عما يدور في مجتمعه في محاولة للاصلاح وحرصا على وطن له ما له وعليه ما عليه. وتتوالى محطات رحلة النصائح وتنطلق سفينتها من شاطئ لأخر ومن ميناء لميناء لتستقر هذه المرة في محطة اخرى فيستعدل ذلك المتحذلق نظارته الطبية فوق عينيه وينظر تجاه كاميراته بعد التأكد من مكياجه وتسريحة شعره وأجر الحلقة موجها حديثه لملايين الشباب بنصيحته الغالية بأن من لا يعجبه الحال لا يحاول الا الاسراع بتقديم أوراقه في السفارات وأن يعمل بنصيحة المرحوم جعيدي التي وجهها للمرحوم سامبو بالجملة الشهيرة بالنطق الصعيدي الخالص ( اهرب يا سامبو ... اهرب يا ولد) . ولكن ما لم أتخيله أن يأت أخر وينصحنا بعدم الذهاب للمسجد بشكل متكرر منعا للقيل و القال ودراءا للشبهات واخشى ما اخشاه أن يأت غيره قريبا ناصحا لنا بعدم وجوب الصلاة من الأساس و العياذ بالله. ودائما ما ينس هؤلاء الناصحون أن الامم لا تنهض وأن الشعوب لا تقوم لها قومة الا بأناس تقرأ وتدقق وتفهم وتواكب قواعد اللعبة , تفهم تاريخا فتصنع حاضرا تتفقه في دينها فتنبذ التطرف . ونهاية القول فان هباب أحبار الجرائد والكتب يمكن ازالته أما الافكار التي تتركها في العقول لايمكن محو اثارها بسهولة فهي من صنعت الحضارات وأمكن بها حفظ تاريخ أمم . و أن محمد منير قرر أن من يبطل يحلم يموت وإن كان شعبولا لم يستطع أن يبطل السجاير رغم مرور اكتر من خمسة عشر يناير على قرار سيادته ليكون انسان جديد فأنا ايضا لن أكف عن القراءة والكتابة طالما في العمر بقية في محاولة لإتقان فنون اللعبة عسى أن يأت يوما تتغير فيه النصائح ويهاجر العالم الينا بدلا من هجرتنا اليه ولا ان يأت هذا اليوم هاحاول أفهم.