فى الحلقة الثانية من كتابه «لغز المشير» (تحت الطبع)، يكشف الكاتب الصحفى مصطفى بكرى، تفاصيل موقف المشير طنطاوى والمجلس الأعلى للقوات المسلحة من الأحداث التى شهدتها البلاد خلال ثورة 25 يناير. ويلقى المؤلف الضوء على الأسباب التى دفعت المشير طنطاوى إلى رفض اقتراح الفريق سامى عنان رئيس الأركان، بالانقلاب على نظام «مبارك» بعد أربعة أيام من اندلاع المظاهرات، مروراً بالأحداث التى شهدتها البلاد حتى رحيل الرئيس مبارك عن السلطة فى الحادى عشر من فبراير. وتتناول الحلقة تفاصيل اللقاء المهم الذى جرى برئاسة «مبارك» وحضور اللواء عمر سليمان نائب الرئيس، والمشير حسين طنطاوى القائد العام، والطلب الذى أبلغه زكريا عزمى رئيس الديوان، إلى المشير طنطاوى بأن يتولى الجيش إدارة البلاد قبل تدهور الأوضاع. فى الثامن والعشرين من يناير 2011، كانت الأوضاع الأمنية فى البلاد تزداد سوءاً، لقد انهارت الشرطة فى هذا اليوم، بفعل المؤامرة الإخوانية، حيث بدأت عمليات واسعة لحرق الأقسام والاعتداء على مديريات الأمن ومبنى وزارة الداخلية، كما شملت الاعتداءات عدداً من المنشآت الحيوية الحكومية والخاصة. كان الجيش المصرى يرقب الأوضاع ويتابعها، لقد تولى المشير حسين طنطاوى، القائد العام ووزير الدفاع، بنفسه قيادة مركز عمليات القوات المسلحة الرئيسى رقم (66) منذ اليوم الأول لاندلاع الأحداث فى الخامس والعشرين من يناير.. وكانت لدى المشير قناعة بأن الاحتجاجات سوف تتصاعد سريعاً، وقد تقود إلى صدامات بين الشرطة والمتظاهرين. أدرك المشير أن الرئيس مبارك لن يستجيب لمطالب المتظاهرين. كان المشير يعرف أن الرئيس لم يعد يستمع إلا إلى مجموعة صغيرة تحيط به، ولا تجرؤ على إبلاغه بحقائق الأوضاع، وكان يعرف أن كل من يقترب من هذه الدائرة أو يسعى إلى مواجهتها أو كشف دورها لن ينجو من تآمرها؛ لذا ظل يحذر الرئيس من خطورة الأوضاع حتى فترة طويلة، إلا أنه لم يجد آذاناً مصغية، فقرر التزام الصمت..!! وعندما اتصل به حبيب العادلى وزير الداخلية، ظهر الجمعة 28 يناير، ليقول له إن الرئيس طلب منه إبلاغه بضرورة نزول الجيش إلى الشارع بعد انهيار الشرطة، سأله على الفور: ولماذا لم يتصل بى؟! قال حبيب العادلى: لقد أبلغت الرئيس أن الشرطة انهارت وباتت عاجزة عن التصدى للمخاطر والمؤامرة التى تتعرّض لها البلاد، فطلب منى أن أبلغك بضرورة نزول الجيش إلى الشارع على الفور. قال المشير: أنا حتصرف.. لم يكن المشير مرتاحاً للتعامل مع حبيب العادلى، كانت هناك جفوة غير معلنة بين الطرفين، وكان المشير يحمّل حبيب العادلى مسئولية الكثير من الأحداث التى شهدتها البلاد وأثارت سخط الكثيرين، غير أنه أدرك أن اللحظة تستوجب النظر إلى الأمام.. وعلى الفور قام المشير طنطاوى بالاتصال بالرئيس مبارك، وقال له: لقد أبلغنى حبيب العادلى على لسانك ضرورة نزول الجيش إلى الشارع لحماية البلاد بعد انهيار الشرطة. قال «مبارك»: نعم هذا صحيح، وأرجو منك أن تحرّك القوات على الفور لحماية المنشآت المهمة ومنع تدهور الأوضاع.