تواصل «الوطن» عرضها للدراسة الموضوعية الحاسمة فى شروط قبول القاضى واستمراره، التى أعدها المستشار الدكتور خيرى الكباش الرئيس بمحكمة الاستئناف. ويستعرض «الكباش» فى الباب الثانى من الدراسة ضوابط وأخلاقيات حق الدفاع أمام القضاء الجنائى ومظاهر الارتقاء بمهنة المحاماة، حيث أكد فى مقدمته لهذا الباب، أنه إذا كان للحكم الجنائى أخلاقيات يجب أن يتحلى بها، فإن لحق الدفاع أمام القضاء الجنائى ضوابط وأخلاقيات يجب أن يلتزمها حتى تكتمل منظومة العدالة وتُحاط أطرافها بسياج طاهر ملىء بأسمى الخصال فى التجرد والحياد والحكمة والعلم والتواضع ومُزيَّن بأفضل سمات البلاغة فى التعبير عن طلبات المجنى عليه أو المضرور من الجريمة وعن دفاع المتهم ودفوعه. وذكرت الدراسة أنه إذا كانت حماية الحق فى الدفاع من أهم ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة بالنسبة للإنسان المتهم، فإنها وفى ذات الوقت التزام على عاتق المدافع عن المتهم الحاضر معه دائماً فى جلسات المحاكمة، يجب عليه أن يؤديه بالأمانة والصدق متحلياً فى سرد دفوعه ودفاعه شفاهةً وكتابةً بأسمى آيات العفة فى أقواله والبلاغة فى تعبيراته سواء فى مبانيها أو معانيها لتصل إلى عقول قضاته فتوقظها وإلى قلوبهم فتجذبها حتى يحدث التوافق بين الدفاع والمنصة المُنصتة. ومن هنا يستمد حق الدفاع ضوابطه وأخلاقياته، فيلزم أن يكون الدفاع مُستمداً من ذات الواقعة أو الوقائع المنسوبة إلى المتهم فينصب على أدلة الإثبات فيها لينفيها أو ليشكك المحكمة فى سلامتها أو فى مصدرها دون تجريح فى مصدر هذه الأدلة من الأشخاص. ولا يكون الدفاع مجرد أقوال ذات طابع إنشائى بحت منبت الصلة عن الواقع، بل يجب أن يكون مبناه التأصيل العلمى لدحض الأدلة الفنية، والتأصيل القانونى وفقاً لما استقر عليه القضاء أو تناوله الفقه المختص بالشرح والتأهيل مع توثيق هذه الآراء بمصادرها المباشرة وإرفاق صورة منها كلما كان ذلك ممكناً. ولا يمنع ذلك من اللجوء إلى الخبير الاستشارى ليفند فى تقرير علمى موثق ما يصبو إليه الدفاع من الرد على أدلة الإثبات الموجهة إلى موكلة الإنسان المتهم مع تمسك الدفاع بحقه فى مواجهة الخبير الذى حرر التقرير الفنى المُعتبر دليل إثبات ضد موكله بما ورد بتقرير الخبير الاستشارى ليحدث حوار علمى بين الطرفين أمام المحكمة التى تتحول عند اختلاف الخبراء إلى الخبير الأعلى أو ما يُسمى بخبير الخبراء لتحسم النزاع مستمدة ترجيحها من المتفق عليه بين الخبراء فى تقاريرهم المتعددة أمام المحكمة، ثم تختار من المختلف عليه ما هو أقرب معقولية وفقاً لظروف الدعوى وملابساتها وما يتساند مع باقى الأدلة المطروحة عليها نفياً أو إثباتاً. فإذا أراد الدفاع أن يثبت للمحكمة مثلاً انتفاء صفة الجريمة عن موكله الإنسان المتهم بقوله: «إذا أنصفتنا النيابة العامة ما أتت بنا إلى هنا (أقصد ساحة المحكمة) ولكن منهم من يُعبِّر عن ذلك بقوله: «إذا كان عند النيابة العامة إنصاف ما أتت بنا إلى هنا».