قال أنيس منصور، إن الموت طقس مصري، بينما الحياة طقس لبناني، اذا نظرنا إلى الثقافة المصرية القديمة، نجد أن الموت له هيبة واهتمام، بدءا من المعابد والأهرامات التي تهتم بالحياة بعد الموت، لذلك لا تتعجب حين تضبط نفسك وأنت في عز الفرح والضحك، وعيناك تدمع من فرط الضحك، أن تتوقف لتقول "خير اللهم اجعله خير"، وكأنك تتوقع شرا أو سوءا سيحل قريبا، نحن قوم لا نعرف كيف نفرح ونحتفى بالحياة. كان زوجي يتحدث إليّ وأنا غارقة في حزني على وفاة زوجة عمي، ورغم مرور شهور طويلة على وفاتها، لا أنكر أنها ربتني وأنا صغيرة بعد وفاة أمي، لذلك ارتبطت بها عاطفيا كثيرا، وشعرت أن أمي تموت للمرة الثانية، زوجي لم يعجبه استغراقي في حزني، وإهمالي لمظاهر الحياة في البيت، غرقت في إحباط تام واكتئاب، إلى أن أنبني زوجي بشدة، بعد رسوب ابنتنا الوحيدة في امتحانات "ميد تيرم"، وإهمالي لها بسبب حزني. لم يتركني الحزن، أفقت على بكاء ابنتي التي كانت منهارة وخجولة من رسوبها، الذي تعيشه للمرة الأولى بسبب إهمالي لها. قال زوجي: "ورثنا الحزن كعادة فرعونية أصيلة، ولم نتعلم كيف نفرح ونغتنم الفرح في حياتنا"، قلت له: "الموت حدث عظيم ويغير الكثير من نظرتنا للحياة"، لم يكن نقاشنا هادئًا، اتهمته بعدم مراعاة شعوري، واتهمني باللامبالاة وعدم قدرتي على التكيف وتقدير الأمور، ما يهمني الآن هو مساندة ابنتي للتغلب على فشلنا.