اعتبر المركز المصري لحقوق المرأة إلغاء مواد حقوق المرأة من مسودة الدستور عدوان مخطط على المرأة المصرية. وأشار بيان صادر عن المركز إلى وجود محاولة للانقضاض على حقوق المرأة من بعض التيارات المهيمنة على اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور. وقال البيان إن "التوافق على إلغاء المادة 68 من ما يقال عنه مسودة دستور صادم للمجتمع المصري". وتنص المادة 68 على أنه "تلتزم الدولة باتخاذ كافة التدابير التي ترسخ مساواة المرأة مع الرجل في مجالات الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية وسائر المجالات الأخرى دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية، وتوفر الدولة خدمات الأمومة والطفولة بالمجان، وتكفل للمرأة الرعاية الصحية والاجتماعية والاقتصادية وحق الإرث، والتوفيق بين واجباتها نحو الأسرة وعملها في المجتمع، وتولى الدولة حماية وعناية خاصة للمرأة المعيلة والمطلقة والأرملة وغيرهن من النساء الأكثر احتياجا". وأوضح البيان المطالب التي يريد المركز والعديد من المنظمات والحركات النسائية تضمينها في الدستور، والتي تتمثل في ضرورة إدراج إشارات محددة تهدف إلى إرساء مبدأ المساواة بين المرأة والرجل موجهة إلى "النساء والرجال"، بدلا من الإشارات أو الكلمات الغامضة أو الواسعة، مثل كلمة الأشخاص والمواطنين أو الأفراد، فالإشارة إلى الرجال والنساء في الديباجة يعزز الفكرة القائلة بأن كلا منهما على قدم المساواة أمام الدستور ولهم نفس الحقوق والواجبات ويعاملون بطريقة متساوية خالية من أي تمييز. وطالب البيان أيضا بألا تكون المرأة مذكورة فقط عند التطرق للبنود التي تتعلق بالأمومة ومرحلة الإنجاب، حيث يعكس ذلك السياسة العامة للبلد ككل، ويضيق دور المرأة في المجتمع لهذين الدورين فقط. وعلى مستوى الحقوق، طالب البيان بالالتزام بضمان المساواة في الحقوق بين المصريين من النساء والرجال، والتي تشمل التمتع الكامل بكل الحقوق والحريات، وضرورة سن التشريعات لتعزيز تحقيق المساواة وغيرها من التدابير التي تهدف لحماية الأشخاص وبعض الفئات من التمييز، والتزام الدولة باتخاذ التدابير والإجراءات التي تضمن تحقيق المساواة في الواقع على المستوى السياسية والاجتماعى والاقتصادي والثقافي، وتجريم التمييز ضد النساء وأي شكل من أشكال العنف أو انتهاك الكرامة والإتجار، وحماية الدور الإنجابي للمرأة واعتباره مسؤولية اجتماعية تلتزم الدولة بدعمه، وتجريم أي انتهاك لحقوق المرأة مستندا على دورها الإنجابي، وحماية المرأة المعيلة والمهمشة وذوي الاحتياجات الخاصة، ومعالجة التشوهات الثقافية والاجتماعية التي تساهم في التمييز ضد المرأة. ويرى المركز أنه رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها القوى المدنية وبعض القوى السياسية في تأكيد مطالب النساء كركن أساسي من أركان الديموقراطية والنهضة، إلا أن اللجنة التأسيسية المطعون على شرعيتها رفضت هذه المطالب وألقت بنتائج جلسات الاستماع في سلة المهملات، واستنسخت مادة المساواة من دستور 1971 بكل ما فيها من عوار. وبدلا من التفاوض داخل اللجنة التأسيسية على إصلاح الخلل والاستجابة لمطالب نساء مصر، ألغت اللجنة المادة كاملة عقابا للنساء المصريات، بادعاء أن مواد المواطنة تكفي، وهو الأمر الذي يعد اعتداء سافرا على حقوق المرأة المصرية وإتجارا بقضاياها وعدم العمل على الحد من العنف والتمييز الذي تعاني منه المرأة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وقال المركز إن دستور 1956 نص على مبادئ المساواة والمواطنة، وعبر أكثر من 60 عاما عانت المرأة من التمييز على مستوى العديد من القوانين المصرية وعلى مستوى الواقع، وظلت مشاركة النساء في المجالس المنتخبة أقرب إلى الصفر دون أن يهتم أي نظام باتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة هذا الخلل الهيكلي أو اتخاذ تدابير للحد منه. وأشار إلى أن العديد من الدول أدركت أن النص على المساواة يظل دائما حبرا على ورق دون النص على تدابير تضمن تحقيق هذه المساواة، لذا نصت المادة 19 من الدستور المغربي، الذي أُقر نهاية 2011، على مبدأ المناصفة بين النساء والرجال وضمان الدولة تحقيق هذه المناصفة عبر استحداث هيئة للتأكد من النتائج على أرض الواقع، كما نص الدستور العراقي والأفغاني والرواندي والأوغندي على تمثيل النساء في المجالس المنتخبة بنسب تقارب 30%، لمعالجة التشوهات السياسية والثقافية التي تعيق تمتع النساء بحقوقهن السياسية، بل إن ألمانيا التي تقودها امرأة استحدثت تعديلا دستوريا عام 2004 لتأكيد مسؤولية الدولة عن معالجة التمييز ضد المرأة الناتج عن التشوهات الثقافية والاجتماعية. وقال المركز إن إعلان التوافق على إلغاء المواد التي تؤكد المساواة بين المرأة والرجل وتجاهل مطالب النساء في دستور ما بعد الثورة يعد عدوانا صريحا على حقوق المرأة واستكمالا لمخطط إقصاء النساء والقضاء على حقوقهن، ما يعد معه هذا الدستور مرفوضا جملة وتفصيلا وشكلا وموضوعا.