قال هشام عوف، وكيل مؤسسى الحزب العلمانى المصرى المتحدث باسمه، إنه لا يوجد حزب فى مصر خالٍ من الملحدين، حتى أحزاب «الوفد، والمصرى الديمقراطى»، والأحزاب الاشتراكية، لافتاً إلى أن الهدف من تأسيس الحزب، هو تأييد الدولة، وتأكيد مفهوم المواطنة، البعيد عن أى تمييز فكرى أو عقائدى أو دينى، فى ظل انتشار الطائفية، والعنف والتطرف الفكرى نتيجة التزاوج بين الدين والسلطة. «عوف» أشار فى حواره مع «الوطن»، إلى رفضه الهوية الإسلامية التى تمسك السلفيون بوضعها فى الدستور الحالى، والتى تفتح الباب للطائفية، كما تتناقض مع المواد الأخرى التى نصت على الحقوق والحريات وعلى رأسها حرية الديانة والاعتقاد، كما أن الدستور الذى منع تأسيس الأحزاب على أساس دينى، لم يحل دون استمرار حزب «النور» التابع للدعوة السلفية، ومشاركته فى الحياة السياسية، مشيراً إلى أن «الحزب العلمانى»، له عدة مطالب وأهداف، على رأسها تحجيم دور الأزهر، الذى تخطى فكرة نشر الدين الإسلامى، إلى الاعتراض على تشكيل الأحزاب وبث البرامج التليفزيونية. وأوضح «عوف»، أن الحزب لا يستهدف الأغلبية فى الوقت الراهن، لكنه يسعى حال تأسيسه لأن يكون حزب أقلية مؤثرة، وسيخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة دون الدخول فى تحالفات، لافتاً إلى أن هناك العديد من الشخصيات العامة والمشهورة، تؤيد الحزب، وستشارك فى مكتبه السياسى، كما أن أنصاره فى الخارج كثيرون، ولا مانع فى تلقى تبرعات للحزب من المصريين فى الخارج، خصوصاً أن لهم حق الترشح للبرلمان. ■ طالبتم بإلغاء المادتين الثانية والثالثة من الدستور التى تحدد هوية الدولة الإسلامية، ما الهوية التى تريدونها لمصر؟ - طالبنا بإلغاء المواد بصياغتها الحالية فى الدستور، لأننا وجدنا فيها العديد من التناقضات، فالمادة الثانية تؤكد أن مصر دولة إسلامية ودينها الإسلام، والشريعة الإسلامية هى مصدر التشريع، فهل مقاصد الشريعة الإسلامية مطبقة بالفعل فى مصر؟ وهل يطبق حد السرقة على من يسرق بعد النص على الهوية الإسلامية التى تمسك بها السلفيون والوهابيون؟، فحتى الشيخ الشعراوى، كان قد أفتى أن من لم يصل ثلاثة أيام يقتل، وكل تلك الأمور تتناقض فى مجملها مع المواد الأخرى من الدستور الخاصة بالحريات والحقوق والمواطنة، وعلى رأسها حرية الفكر والعقيدة وهى الحريات التى نطالب بها فى الحزب العلمانى. وبالرجوع لفترة كتابة الدستور، سنجد أن السلفيين سعوا بكل قوة لأن ينص على أن مصر دولة إسلامية، وأنا أسألهم: «وهى مصر هتروح تصلى لوحدها؟، أنا مش فاهم!!»، لا يمكن أن نقول إن مصر دولة إسلامية، بينما كل الدول الأوروبية كفرنسا وبريطانيا وأمريكا كلها دول علمانية متطورة، فيها الكثير من المسلمين والمسيحيين والكثير من الطوائف والأديان، وكلهم يعيشون ويتعايشون ويمارسون كل حقوقهم الدينية بحرية، كما أن أغلب الجماعات الإسلامية المتطرفة موجودة فى بريطانيا وأوروبا بشكل عام، ولم يتعرضوا لأية مضايقات. كما أن الدستور المصرى قال إن مصر دولة إسلامية، ولم يحدد هل هى دولة إسلامية سنية، أم شيعية، لأن اعتبارها سنية يُقصى الشيعة الموجودين فى مصر، هذا بخلاف أن السلفية نفسها أكثر من نوع، هناك سلفية وهابية، وأخرى جهادية، غيرهما، كما أن الفقهاء لم يجتمعوا على الكثير من الأمور، وهناك خلافات كبيرة بينهم، ونحن لا نريد للدولة أن تدخل فى تلك الأزمة التى تزيد من الصراع الطائفى، بينما المطلوب التركيز على التنمية والبحث العلمى وتحسين مستوى التعليم ورفع مستوى الاقتصاد، حتى تتقدم الدولة فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والتعليمية، ورغم كل ما سبق، نحن نحترم الدستور الحالى، ونسير على أساسه ونؤمن بأن تغييره لن يكون بين يوم وليلة، ويحتاج للمناقشات والحوارات المجتمعية، ولتوضيح التناقضات داخله، وهذا لا يعنى أن هناك حرباً على الدين، ولكن العلمانية فى حد ذاتها هى حماية للدين. ■ ولكن المجتمع لن يتقبل إلغاء الهوية الإسلامية فى مصر؟ - نحن فى مجتمع يعانى كثير من مواطنيه، عمليات غسيل المخ التى أجريت لهم فى الفترات الماضية، فالمصريون تربوا على أن العلمانية شىء «وحش»، بعد تشويهها بشكل كبير، حتى قيل إنها تدعو للانفلات والإلحاد، لكننا سنستمر فى خطواتنا وسنسعى لنشر فكرنا ونطالب بحرية الاعتقاد والمواطنة لجميع المصريين. ■ وما المفهوم الصحيح للعلمانية من وجهة نظركم؟ - العلمانية هى فصل السلطة بين الدين والدولة، أى فصل السلطة التنفيذية عن الدين مع احترام حرية العقيدة وممارسة الشعائر لكل المؤمنين، أياً كانت ديانتهم، دون التدخل فيها حتى لو كانوا ملحدين، أو هندوسيين، فلو أن لدى 300 هندى أو بوذى فى مصر، يريدون إقامة مكان يصلون فيه أو يمارسون شعائرهم، فلا مشكلة لدينا كعلمانيين فى حزب سياسى أن نطالب لهم بذلك، ولا بد أن يكون نظام الدولة يسمح لأى شخص بأن يعتنق إيماناً معيناً، أو يمارس شعائره بحرية، بالتالى سأطبق ذلك النظام على الحزب، فلو كان لدى 10 أعضاء بوذيين، فسيشاركون فى اجتماعاتنا وسنأخذ بآرائهم، ولن أحكم عليهم وفقاً لدينهم أو اعتقادهم، فلهم الحرية كاملة ولن أتدخل فى أمورهم الشخصية. ■ ألا تعتقد أن ذلك يمنحهم فرصة لنشر فكرهم الإلحادى داخل المجتمع المصرى؟ - الموضوع لا يهمنا كثيراً، فنحن لا نتصدى لأى شخص داخل الحزب لمجرد أنه ملحد، أو يعتقد شيئاً ما، أو لا يمارس عقيدته بشكل صحيح، وما يهمنا فى النهاية لائحة الحزب التى سنتعهد بها أمام الجميع، لكنى لا أستطيع التحكم فى علاقات وتواصل الأعضاء مع بعضهم بعضاً، أو محاولات لإقناع بعضهم بأفكارهم ومعتقداتهم، ووجهة نظرهم، وهذه ليست قضيتنا. ■ كيف ترى حديث إيناس الدغيدى عن أنه لا مشكلة فى ممارسة الجنس قبل الزواج؟ وهل سيسمح الحزب العلمانى بمثل هذه الدعوات والأفكار؟ - إيناس الدغيدى تتحدث عن نفسها، والأزهر هو من له حق الرد والتوضيح، ولكن لن يحدث هذا فى الحزب العلمانى، ولو حدث والأيام بيننا، حاسبونى، أى أحد يفعل ذلك سيحال إلى مجلس تأديب. ■ هل تعتقد أن لجنة شئون الأحزاب ستوافق على أفكاركم وتسمح لكم بتأسيس الحزب؟ - نحن الآن بصدد كتابة برنامج الحزب، وشرح وجهة نظرنا فيه ووضع أهم مبادئه بما يتناسب مع الدستور والقانون الحالى حتى نستطيع أن نحصل على موافقة لجنة شئون الأحزاب، وهى تشترط للتأسيس جمع 5 آلاف توكيل فى 10 محافظات مختلفة على مستوى الجمهورية، ونحن بدأنا بالفعل جمع التوكيلات من مختلف المحافظات، ومن المؤكد فيها العديد من المؤيدين للحزب، وأنا أعرفهم معرفة شخصية، ولا أتوقع أن ترفض اللجنة الحزب العلمانى المصرى فقط، لأن الحزب يحمل كلمة «العلمانية» أو لأسباب معينة واضحة، إلا إذا كانت هناك رغبة أو نية من الدولة واللجنة فى منع إنشاء الحزب، وعندها سيحاولون إيجاد أى «عيب فنى» بسيط لرفض الحزب. ■ الدعوة السلفية دشنت حملة لتعريف المواطنين بخطر العلمانية ومواجهة الحزب، ما ردك؟ - لنا مؤيدون للحزب فى كل المحافظات، فالصفحة الرسمية للحزب التى تحمل اسم «الحزب العلمانى المصرى» على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، حصلت على أكثر من 21 ألف إعجاب من مشتركى «فيس بوك»، المؤيدين لتأسيس هذا الحزب وهذه بداية مبشرة، لذلك لا أتوقع أن يكون لحملات الدعوة السلفية ضد للحزب تأثير، إلا إذا حاولوا تغيير قناعاتهم والوصول إليهم بشكل كبير ومتوسع. ■ وإلى أى شىء قد ينتهى هذا الصراع بينكم والدعوة السلفية، وهل يمكن أن يصل لاستهداف مؤسسى الحزب؟ - نحن ثابتون على مبادئنا ولن نغيرها ولا نخشى أحداً، وعلى الرغم من أننى لا أتوقع أن يصل الأمر لهذا الحد، فإن لدى ثقة كاملة فى أجهزة الدولة، وقدرتها على حمايتنا، وحماية مواطنيها بشكل عام. ■ ما توقعاتكم وطموحاتكم لمستقبل الحزب؟ - أعلم أننا لن نحقق الأغلبية فى بداية نشأة الحزب، لكنى أتوقع أن نصبح حزب أقلية مؤثرة داخل الدولة، وسنسعى من خلالها إلى المطالبة بالليبرالية والحرية والمساواة وعدم التمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو العقيدة، وسنؤكد حق المواطنة للجميع وسنطالب بإلغاء محاكم التفتيش وسنركز على الليبرالية البعيدة تماماً عن الاشتراكية خصوصاً فى اقتصاد الدولة، وسنواصل جهودنا حتى نصل إلى الأغلبية بعد أن تتحسن صورة العلمانية التى شُوهت فى مصر، لتخويف الشعب منها، مع التأكيد أننا بعيدون عن الدعوة للكفر والإلحاد، فلن نتدخل فى عبادات أحد، وسنعطى الجميع مطلق الحرية من خلال قوانين حديثة تكفل الحرية وحق المواطنة.