"هنلاقيها منين ولا منين".. لسان حال مواطنين يضربون كفًا بكف لما يحل بهم من مصائب متوالية، فتلوث مياه النيل بالفوسفات عقب غرق "صندل" تارة، وتسمم 310 مواطن من أبناء محافظة الشرقية ووفاة آخر من مياه الشرب تارة أخرى، وأخيرًا تلوث مياه الشرب في الإسكندرية بمواد بترولية، فبدلًا من أن تكون المياه مصدر لروي عطش المصريين، أصبحت طريقًا سهلًا لإرسالهم إلى مثواهم الأخير. "هنجيب منين يا بيه".. هكذا بدأ محمد حسنين "بائع متجول" في الأربعين من عمره بمحافظة قنا كلامه ل"الوطن"، قائلًا: "قالوا المياه فيها تلوث فوسفات، ومينفعش نشرب منها.. طب أنا راجل على باب الله، المفروض أجيب أكل ولا أشرب؟"، معبرًا عن حزنه الشديد لما آل إليه حال البلد، وما يحدث فيها من خراب وفوضى، وأضاف: "بكسب من 20 - 30 جنيه يوميًا، وبقيت مضطر أجيب مياه معدنية عشان ولادي مايحصلهمش حاجة" أما عبدالحميد السيد "25 عامًا"، قال إنه حين سمع بغرق "الصندل" في النيل توقع حدوث كارثة، فمن خبرته وعمله بمهنة الصيد، علم أنه ربما يكون ناقلًا للفوسفات، وأوضح في حديثه ل"الوطن": "أول ما سمعت عن موضوع غرق الصندل.. قلت ربنا يستر وميكونش محمل فوسفات"، متابعًا: "أنا جاهل آه ومدخلتش مدارس.. بس عارف خطورة حاجة زي كده إيه". إصابة 310 مواطن ووفاة آخر بحالة تسمم من مياه الشرب بالشرقية، خبر قرأته هاجر إبراهيم ولكنه لم يُصبها بصدمة كما حدث مع البعض، وكانت في انتظاره منذ إن سمعت عن غرق "صندل" محمل بالفوسفات في مياه النيل، وقالت هاجر إحدى ساكنات الزقازيق ل"الوطن": "مش عارفة إيه سبب التلوث بالظبط، لأني مش متابعة أخبار.. بس كده كده كان هيوصل"، ولفتت إلى أنها لا تعطي الأمر أهمية، مبررة: "مياه النيل فيها تلوث من زمان جدًا، سواء مخلفات المصانع أو الصرف الصحي وكل البلاوي اللي بنسمع عنها.. عشان كده الموضوع مش مهم بالنسبة ليا". وعلى بُعد أكثر من 100 كم من الشرقية، تقول فاطمة أحمد "59 عامًا"، أحد سكان الهانوفيل ب"الإسكندرية" ل"الوطن": "من ساعة ما عرفت موضوع صندل النيل وأنا بجيب مياه معدنية للاحتياط"، وأضافت: "كل شوية المياه تقطع، بس لسه عارفة موضوع التلوث الجديد ده دلوقتي"، وكشفت فاطمة ل"الوطن" عن أمنية كانت تمنتها منذ سنوات حين بدأت مشاكل التلوث في التفاقم وهي إنها تريد الهجرة خارج مصر، مبررة: "حاسة إن بلدي مش سيعاني.. هعيش فيها تاني ليه؟"، وتخوفت فاطمة مما سيحدث في المستقبل من الفوسفات الذي ربما يكون الآن في طريقه للإسكندرية، قائلة: "هنلاقيها منين ولا منين".