اختتم معهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، أمس، فاعليات المؤتمر الدولي ل"اللغة والهوية بإفريقيا"، في ضوء المتغيرات الراهنة، والذي انعقد بمقر المعهد، بمشاركة ما يزيد عن 24 دولة إفريقية، ولفيف من العلماء والسفراء ورجال الدولة. وقال محمد نوفل، رئيس قسم اللغات ومقرر المؤتمر في الجلسة الختامية، "إذا كان الاحتلال العسكرى رحل عن إفريقيا، إلا أن ثقافاته ولغاته لا تزال مسيطرة، والعمل على ضرورة دعم التواصل الإفريقي الإفريقي، والسعي نحو النهوض باللغات الإفريقية الأصلية، من خلال تعاون عربي إفريقي، وهو ما يشكل تحديًا كبيًرا أمام النهضة الإفريقية". وأشار السفير صلاح الدين عبدالصادق، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، إلى أهمية اللقاءات التي تجمع الباحثين والمتخصصين من المصريين والأفارقة؛ لتبادل الرأي والخبرة حول القضايا والموضوعات الإفريقية المختلفة، التي تؤكد وحدة شعوب القارة الإفريقية. وأوضح عبدالصادق، أن التحدي الأكبر للتنمية في أي دولة، لم يعد مقتصرا على الفقر، لكن نقص المعرفة وانخفاض مستوى التعليم، الذي لا يمكن الارتقاء به بسهولة، في ظل كون معظم اللغات المحلية غير مكتوبة، عوائق أمام التنمية. وطالب رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، بدعم اللغة والثقافة العربية، بخاصة وأنها لغات حية، تتمتع بالقدرة على التكيف مع المستجدات، مؤكدا أن الهيئة ترحب بتقديم كافة أشكال الدعم والمساندة للهيئات والمؤسسات المصرية، التي تعمل في إطار تعزيز العلاقات المصرية الإفريقية. من جانبه، أكد جابر نصار رئيس جامعة القاهرة، أن أهم الأهداف التي يسعى لتحقيقها هذا المؤتمر، هو إبراز دور اللغات الإفريقية وآدابها للتواصل بين أبناء القارة الإفريقية، التي عرف العالم أهميتها، وما يمكن أن تساهم به لإسعاد البشرية، من خلال مواردها الطبيعية وأرضها الخصبة وقوتها البشرية الهائلة، مطالبا بتنمية القواسم المشتركة بين الشعوب. وأكد السفير صبري مجدي صبري، مساعد وزير الخارجية للشؤون الإفريقية، حرص مصر على دعم العلاقات مع شعوب وحكومات إفريقيا، لدعم السلم والأمن في المنطقة. وشدد الدكتور حسن صبحي، عميد معهد البحوث والدراسات الإفريقية، ورئيس المؤتمر، على أهمية أن تشهد الفترة المقبلة، تعاونا بين الدول العربية والإفريقية، مشيرًا إلى أن التلاقي اللغوي بين العرب وأفريقيا، قد يكون مفتاحا لهذا التعاون. وأكد الدكتور محمود فهمي حجازي، الرئيس الشرفي للمؤتمر، رئيس جامعة "نور مبارك" بكازاخستان سابقا، أهمية التعاون بين الجامعات في اللغات الإفريقية، مطالبا بإنشاء رابطة للغويين الأفارقة، بهدف التقارب اللغوي بين الشعوب الإفريقية. وحرص رئيس ومقرر المؤتمر في الجلسة الختامية، على تكريم الباحثين وأعضاء اللجنة التنظيمية والجهات المعاونة، لما بذلوه من جهد لإخراج المؤتمر على صورته اللائقة. وأكد المؤتمر، ضرورة إنشاء مراكز ثقافية لتعليم اللغات الإفريقية الصالحة لتكون لغات مشتركة في كل العواصم الإفريقية والمدن الكبرى، وتفعيل التعاون بين الجامعات الإفريقية، وتوفير الفرص الميدانية لأساتذة معهد البحوث والدراسات الإفريقية وباحثيه، وإنشاء مكتبة حديثة متخصصة، وتزويد الجامعات الإفريقية بقاعدة بيانات وكتب تعليمية، من خلال نظام معلومات جغرافي للغات الإفريقية بصفة عامة، ولغة "الهوسا" و"السواحيلية" بصفة خاصة، بوصفهما أوسع اللغات الإفريقية انتشارًا في القارة. وشددت توصيات المؤتمر، التي تلاها الدكتور محمد علي نوفل مقرر المؤتمر، على ضرورة إحياء حركة الترجمة من اللغات الإفريقية، لا سيما لغة "الهوسا" و"السواحيلية" وآدابهما، لتعزيز وتقوية انتشارهما وإثراء المكتبة العربية، وتوحيد لغة التواصل في التعليم داخل قسم اللغات الإفريقية باللغة الرسمية للدولة؛ لتصبح هي اللغة العربية، وتفعيل دور اللغة العربية في المنتديات الإفريقية، وإنشاء قسم خاص لتعليم اللغة العربية، وتعزيز الدعم العربي للتعليم، وتدريس اللغة العربية في إفريقيا، سعيا لدعم الروابط والصلات اللغوية والثقافية بين العرب والأفارقة، الناطقين بلغات محلية وثيقة الصلة باللغة العربية. وتضمنت التوصيات، الاهتمام باللغات المهددة بالاندثار، في ظل الغزو الثقافي الغربي للقارة الإفريقية، وإبراز دور الأدب الشعبي في القارة، باعتباره مرآة الشعوب وثقافاتها المحلية الأصيلة، والتأكيد على أن الإعلام الواعي هو أحد أهم وسائل الحفاظ على الهوية والتوعية بالثقافة الوطنية، ومن ثم ينبغي وجود برامج معينة بهذا الشأن، وضرورة مواجهة سياسات التغريب والعولمة عبر تفعيل آليات التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي بين الشعوب الإفريقية، حفاظا على مكونات الهوية الإفريقية.