«ليالى الحلمية»، و«زوجة رجل مهم»، و«ذات»، أعمال سينمائية وتليفزيونية وضعت عبدالحليم حافظ كخلفية تنسج عليها أحداثها الدرامية، يفسر ذلك الناقد الفنى طارق الشناوى بقوله: «عبدالحليم روح عصره وجزء من نسيج الحياة فى مصر»، موضحاً أن الأعمال الدرامية والسينمائية التى كان عبدالحليم حافظ جزءاً من أحداثها، حتى بعد غيابه عن الحياة، كانت تعكس قيمة عبدالحليم الواقعية فى مصر. ويكمل «الشناوى»: «المشاهد التى تم إدراجها فى فيلم زوجة رجل مهم للحزن العميق الذى انتاب الناس عند رحيل عبدالحليم، ومشهد انتحار الفتاة بعد سمعها خبر وفاته هى مشاهد واقعية حدثت بالفعل ولا يمكن تجنب ذكرها وعرضها على الجمهور، وكذلك عشق بطلة الفيلم ميرفت أمين لعبدالحليم هو أمر واقعى لأن كثيراً من الفتيات والسيدات كن يرين فى عبدالحليم حبيب الأحلام لكونه ارتبط فى أذهانهن بأفلامه الرومانسية، كما ارتبطت الرومانسية وقصص الحب بسماع أغانيه، وهو ما ظهر فى مسلسل ليالى الحلمية، فقد كانت أغانى عبدالحليم المختلفة تعكس كل حالة عاطفية يمر بها أبطال المسلسل، كما تعكس كلمات الأغانى وألحانها المشهد الدرامى». نفس الشىء، كما يقول الشناوى، حدث فى مسلسل «ذات»، الذى دارت أحداث جزء كبير منه فى فترة السبعينات، فلا يمكن تجنب ذكر فنان العصر الذى عشقته الفتيات، فقد دخل فى محور الأحداث كدلالة على توثيق تلك الفترة التاريخية التى ظهر وسطع فيها نجمه، حيث يُعتبر عبدالحليم جزءاً أصيلاً من ملامح مصر، وأفلامه التى لم تتجاوز ال15 فيلماً أصبحت تمثل الحياة الرومانسية فى ذهن هذا الجيل حتى لو كان بعضها غير واقعى مثل «الوسادة الخالية». وأكد «الشناوى» أن الفن بطبيعته متنوع، وليس نمطاً واحداً كما يظن الكثيرون، فكل من يترحم على الفن القديم بصورته التقليدية واهم، وأكمل الشناوى: «عبدالحليم حافظ قبل رحيله بعام واحد تمت دعوته لحفل خاص فى الشيراتون، وسمع المطرب عدوية يغنى أغنية خسارة تحية له، فقام عبدالحليم وغنى السح الدح امبو رداً على تحيته، وابتهج الحضور بتلك الحالة من الحب والود بين المطربين». وقال الناقد الفنى نادر عدلى إن الفنان الراحل عبدالحليم حافظ كان صوت الثورة، وصوته ارتبط بالمشروعات القومية والاحتفالات الرئاسية، ولذلك أى توثيق لثورة 1952 يرتبط مباشرة بأغانيه، وكذلك الأعمال الدرامية التى توثق فترة حكم الرئيس جمال عبدالناصر. ويكمل «عدلى»: «ما أضاف شعبية جماهيرية لعبدالحليم كونه الصوت الذى أرسل طاقة أمل كبيرة وبهجة من خلال أغانيه والألحان التى كانت تُعتبر سريعة وشبابية فى تلك الفترة، والتى أضافت أجواء حالمة بالنسبة للشباب، والسينما هى الصورة التى توثق الواقع فى الفترات الزمنية المختلفة، فعلى سبيل المثال هناك مشهد صغير ولكنه يرسل رسالة قوية فى فيلم السبع بنات الذى ظهرت فيه كل من نادية لطفى وسعاد حسنى، نجد مشهد نزاع الفتيات حول سماع عبدالحليم أو عبدالمطلب، وهذا المشهد يعكس النزاع بين الصوت الذى يجذب الناس إلى المستقبل وهو صوت عبدالحليم فى هذا الوقت، وبين الصوت الذى يمثل التراث وهو صوت عبدالمطلب». وأضاف «عدلى»: «أغانى عبدالحليم كانت ولا تزال صوت الخلفية لعشرات الأعمال السينمائية والدرامية، وكان هناك عبارة سائدة بين كل فئات الشعب توضح أن من لم يعش قصة حب على سماع أغانى عبدالحليم فكأنه لم يحيى تلك القصة بالفعل، ولذلك تجد حتى بعض المشاهد فى المسلسلات والأعمال الدرامية المعاصرة مثل مسلسل عائلة الحاج متولى، بطل المسلسل وهو يستمع لأغانى عبدالحليم من خلال كاسيت السيارة التى يقودها، فى محاولة منه لاستعادة شبابه وأن يعيش حالة حب جديدة». ويواصل «عدلى»: «التنوع الذى تميز به عبدالحليم هو سبب بقائه فى وجدان الجميع حتى الآن، وهو ما جعله مادة فنية غنية يتم إضافتها للأعمال الفنية المختلفة، وكون أعماله تنوعت بين العشق والألم والتفاؤل بالثورة ودعم التطورات الصناعية والسياسية فى الوطن جعله حاضراً فى كل مناسبة وبأشكال وصور مختلفة».