تراهن على كورنيش النيل فى السابعة صباحاً، جميعهن يجرى دون الالتفات إلى نظرات الجميع، يشعرن بنسيم الحرية مع كل حركة، يحلمن بغد أفضل، ومساحة فقط للوجود بشكل كامل فى المجتمع، يسعين لتحقيق الحلم، يؤسسن مبادرة، ويسمينها «عشتار»، التجربة رغم إيجابيتها انهالت عليهن سخرية الشباب، وتعرضن لمضايقات من المجتمع. تقول مى طراف، إحدى مؤسسات «عشتار»، الفتاة العشرينية، التى اعتادت العمل والمشاركة فى أنشطة المجتمع المدنى، توضح أنها أرادت تأسيس كيان مختلف، يتحدى الأدوار التقليدية التى رسمها المجتمع الصعيدى للبنت، قائلة «نفسى الناس تفهم إن البنت مش مخلوقة للجواز والخلفة بس، وإن لها دور فى المجتمع». تحكى «مى» بجدية عن العقبات التى قابلتها، موضحة أن مبادئ حقوق المرأة تثير الرعب فى قلوب كل من يسمع عن مبادرة عشتار، ولذلك قررن القيام بأنشطة تتميز بالمرح مثل الجرى على الكورنيش، والهدف من ذلك هو كسر الحاجز النفسى لدى الفتيات، قبل كسر «تابوهات» المجتمع، على حد قولها. توضح مى أن «عشتار» حاولت التقرب من أهالى المنيا، من خلال القيام بحملات توعية عن أضرار ختان الإناث، وأن الفتيات فى المبادرة يكتسبن القوة والدعم، من خلال جلسات حكى وفضفضة، ومناقشات كتب وعروض أفلام وغيرها من الأنشطة. أما جيهان فاضل، إحدى مؤسسات «عشتار»، فتقول إنهن اتفقن على اسم عشتار، لأنها آلهة تميزت بالقوة والمواجهة، وإنهن شعرن بأنها أقرب لهن من إيزيس التى ترمز إلى التضحية والبكاء على الحبيب المفقود. جيهان تؤكد أن مجتمع المنيا منغلق، ويسىء الناس فهم المبادرات النسائية، ويعتقدون أنها نوع من نشر الفوضى والفساد، ولذلك نالت مبادرتهن قسطاً كبيراً من سخرية الشباب الذكور فى المنيا، الذين أسسوا صفحة مضادة باسم «عشخار»، وظلوا يسخرون من أفكارهن وأنشطتهن. وأكملت موضحة أنها لم تفهم سبب كل التجاوزات التى حدثت من هؤلاء الشباب، وأن السبب الوحيد من وجهة نظرها هو عدم النضج. وأضافت جيهان معبرة عن صدمتها، حاكية عن مناقشة خاضتها مع فتيات من المنيا أوضحت فيها القائمات على المبادرة أنهن يسعين لكسر الدور التقليدى للمرأة، وأن المرأة من حقها أن تتعلم وتعمل فى كافة المجالات وتشارك فى المجتمع، بالإضافة لرغبتها فى الزواج والإنجاب. أوضحت جيهان أنها صُدمت عندما وقفت إحدى الفتيات لتزعق فيهن قائلة «انتوا ازاى عايزين تمنعونا من إننا نكون أمهات؟». وأوضحت جيهان أن كل المجهود ذهب هباء، ولكنها تأمل أن المجتمع يشهد تغييراً يوماً ما.