الصلة بين الروح والجسد أثناء النوم تختلف تماماً عنها فى حالة اليقظة، فالله يتوفى الروح أو النفس ويقبضها فى المنام، وبذلك تتحرر الروح وتخرج من قيود الجسد الذى يحد من قدراتها وإمكاناتها لتدخل إلى حالة التوفى، وهى حالة خاصة يظهر فيها من وقت لآخر ما لتلك الروح من قدرات يختفى معها حاجزا الزمان والمكان، فهى تستطيع أن تستقبل ما لا يدركه الإنسان بحواسه المعروفة ذات القدرات المحدودة، وإدراكه المقيد بإمكاناته البشرية حبيسة الزمان والمكان، ويمكنها آنذاك أن تتصل بعالم الأرواح البرزخى فتلتقى الأرواح وتتزاور، وتظل الروح على اتصال بجسم النائم بصورة لا يعلمها إلا الله عز وجل، إلا أن الشىء المثير للانتباه أن النائم عندما يستيقظ لا يستطيع أن يعى كم من الوقت قد مر إذا كان قد نام أكثر من يوم مثلما حدث مع أصحاب الكهف، لأن الساعة البيولوجية بداخله مضبوطة على اليوم بليله ونهاره فقط، ولا تستطيع أن تعى أكثر من ذلك، فبعد نوم أكثر من ثلاثمائة عام، استيقظوا ليقولوا «لبثنا يوماً أو بعض يوم»، وكذلك فعل نبى الله عزير عندما أماته الله مائة عام ثم أحياه، وعندما سأله جبريل: كم لبثت؟ قال أيضاً «لبثت يوماً أو بعض يوم» لكنه كان أكثر ارتباكاً عندما نظر إلى طعامه فوجده طازجاً لم يطرأ عليه تغيير، أما حماره فقد مات وأصبح كومة من العظام، فقد أراد الخالق عز وجل أن يوضح له كيف أن إرادته سبحانه هى التى تصنع الحدث، وليست آلية أو فعلاً للطبيعة والقوانين، التى يستطيع المولى أن ينفذها أو يوقفها فى نفس الوقت. والنوم ليس حالة من حالات الخمول كما يبدو للبعض، وإنما هو ضرورة تحتمها بيولوجية الجسم، وإذا حللنا ما يحدث أثناء النوم بدراسة التغيرات التى تحدث فى موجات رسم المخ الكهربائى، فسوف نجد أنه يمكن تعريف النوم بأنه عبارة عن سلسلة أو دورة متكررة تدوم كل منها لمدة 90 دقيقة فى المتوسط، وتتألف كل دورة من دورات النوم من خمس مراحل: المرحلتان الأولى والثانية: وتمثلان مرحلة الدخول فى النوم، وأثناءهما يمر الإنسان تدريجياً من حالة اليقظة الكاملة إلى حالة فقدان الإحساس بما حوله، ويسجل رسام المخ الكهربائى موجات خاصة تسمى ألفا تتكرر بمعدل 7 12 موجة كل ثانية، وهى إشارة إلى استرخاء المخ وهبوط نشاطه تمهيداً للدخول فى النوم، ثم يلى ذلك المرحلتان الثالثة والرابعة، وتمثلان مرحلة السبات، وأثناءهما يسجل رسام المخ الكهربائى موجات بطيئة جداً تتكرر بمعدل 1 2 موجة كل ثانية وتسمى موجات دلتا، وتشير إلى سكون المخ وهدوء خلاياه، وهى مرحلة النوم العميق الذى يفقد الإنسان خلالها إحساسه النسبى بالزمن، كما يفقد الاتصال بما ومن حوله من أحداث ومشاهد وأصوات، إلا ما كان منها مزعجاً أو مدوياً أو من أجل استغاثة أو سابق إنذار، حيث تكون الأذن هى وسيلة الاتصال الوحيدة من الحواس التى تعمل أثناء النوم، وذلك بفضل الاتصال المزدوج التأثير بين الأذن وجهاز الوعى بالساق المخى، ويزداد أثناء ذلك إفراز مادة «السيروتونين» بالمخ، وهذه المرحلة من النوم العميق التى تسمى بالسبات وما يصاحبها من فقد الإحساس بالزمن، هى أقرب المراحل تشبيهاً بالموت، لذلك يطلقون على النوم: وفاة راجعة أو صغرى. أما المرحلة الخامسة من دورة النوم فهى مرحلة الأحلام، وأثناءها يزداد نشاط المخ، ويسجل رسام المخ الكهربائى موجات سريعة مميزة، ويصاحب ذلك زيادة فى إفراز مادة «النورأدرينالين» الذى يسرع النبض والتنفس، وتبدأ العينان المغمضتان فى الحركة السريعة فى الاتجاهات المختلفة، حتى إنهم أطلقوا على هذه المرحلة: مرحلة حركة العينين السريعة REM، وتستمر تلك النوبات السريعة لفترات قصيرة يعود بعدها الدماغ وباقى الأعضاء إلى حالة السكون والهدوء فى المرحلة الثانية، حيث تتكرر الدورة الواحدة عدة مرات كل ليلة، وتلك المرحلة هى التى لها علاقة بحدوث الأحلام أثناء النوم، وإذا استيقظ الشخص أثناء هذه الفترة فإنه يتذكر ما كان يحلم به آنذاك، فالحقيقة العلمية أنه ليس هناك شخص لا يحلم، وتدوم هذه المرحلة نحو10 30 دقيقة فى المتوسط فى كل دورة، وربما خلال هذه الدقائق القليلة تسافر الروح إلى أماكن وبلاد بعيدة، وتتحدث مع أموات، وتعيش لسنوات، حيث لا حساب لعنصرى الزمان والمكان عندما تترك الروح الجسد أثناء النوم، وتمثل فترة الأحلام نصف ساعات النوم مجتمعة فى الأطفال، إلا أنها لا تتعدى ساعتين من ساعات النوم للإنسان البالغ، وتقل تدريجياً مع التقدم فى العمر.