يوم الحشر، زحام شديد على محال بيع اللعب والتسالي بشوارع المنوفية ليلة العيد (صور)    الرئيس السيسي يشكر خادم الحرمين وولي العهد على حفاوة الاستقبال ويشيد بتنظيم مناسك الحج    ترامب: زيلينسكي أعظم تاجر بين كل السياسيين الأحياء وسأوقف دفع ملياراتنا له    الجثث تفحمت ليلة العيد، مصرع 9 أشخاص في احتراق "باص" يقل مسافرين وسط اليمن (فيديو)    تمنتها ونالتها.. وفاة سيدة قناوية أثناء أداء فريضة الحج    باكية.. ريهام سعيد تكشف عن طلبها الغريب من زوجها بعد أزمة عملية تجميل وجهها    قبلها بساعات.. تعرف على حُكم صلاة العيد وما وقتها وكيفية أدائها    تعرف على سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    متلازمة الصدمة السامة، ارتفاع مصابي بكتيريا آكلة اللحم في اليابان إلى 977 حالة    93 دولة تدعم المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة جرائم إسرائيل    «السواق كان لوحده».. كواليس انقلاب ميكروباص في ترعة المريوطية    طقس أول أيام العيد.. أمطار وعواصف تضرب الوادي الجديد    من عائلة واحدة.. استشهاد 5 فلسطينيين في قصف إسرائيلي على رفح الفلسطينية    موعد مباراة المقاولون العرب وطلائع الجيش في الدوري المصري والقنوات الناقلة    موعد مباراة إنجلترا وصربيا اليوم في أمم أوروبا يورو 2024 والقنوات الناقلة    دعاء لأمي المتوفاة في عيد الأضحى.. اللهم ارحم فقيدة قلبي وآنس وحشتها    موعد صلاة عيد الأضحى المبارك في القاهرة والمحافظات    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الاحد 16 يونيو 2024    «الموجة الحارة».. شوارع خالية من المارة وهروب جماعى ل«الشواطئ»    أثناء الدعاء.. وفاة سيدة من محافظة كفر الشيخ على صعيد جبل عرفات    إقبال متوسط على أسواق الأضاحي بأسيوط    قبل صلاة عيد الأضحى، انتشار ألعاب الأطفال والوجوه والطرابيش بشوارع المنصورة (صور)    تأسيس الشركات وصناديق استثمار خيرية.. تعرف علي أهداف عمل التحالف الوطني    غرامة 5 آلاف جنيه.. تعرف علي عقوبة بيع الأطعمة الغذائية بدون شهادة صحية    «التعليم العالى»: تعزيز التعاون الأكاديمى والتكنولوجى مع الإمارات    الحج 2024.. السياحة: تصعيد جميع الحجاج إلى عرفات ونجاح النفرة للمزدلفة    تشكيل غرفة عمليات.. بيان عاجل من "السياحة" بشأن الحج 2024 والسائحين    أنتم عيديتي.. كاظم الساهر يهنئ جمهوره بعيد الأضحى المبارك (فيديو)    شذى حسون تطرح أغنية «بيك تحلى» في عيد الأضحى    الدعم العينى والنقدى: وجهان لعملة واحدة    كرة سلة.. عبد الرحمن نادر على رأس قائمة مصر استعدادا للتصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس    مش هينفع أشتغل لراحة الأهلي فقط، عامر حسين يرد على انتقادات عدلي القيعي (فيديو)    استقبال تردد قناة السعودية لمشاهدة الحجاج على نايل سات وعرب سات    أدعية للمتوفى في عيد الأضحى    عاجل.. رد نهائي من زين الدين بلعيد يحسم جدل انتقاله للأهلي    طريقة الاستعلام عن فاتورة التليفون الأرضي    أماكن ساحات صلاة عيد الأضحى 2024 في مكة.. تعرف على موعدها    ملخص وأهداف مباراة إيطاليا ضد ألبانيا 2-1 في يورو 2024    عاجل.. عرض خليجي برقم لا يُصدق لضم إمام عاشور وهذا رد فعل الأهلي    عاجل.. الزمالك يحسم الجدل بشأن إمكانية رحيل حمزة المثلوثي إلى الترجي التونسي    ريهام سعيد تكشف مفاجأة لأول مرة: محمد هنيدي تقدم للزواج مني (فيديو)    اتغير بعد واقعة الصفع، عمرو دياب يلبي طلب معجبة طلبت "سيلفي" بحفله في لبنان (فيديو)    أنغام تحيي أضخم حفلات عيد الأضحى بالكويت.. وتوجه تهنئة للجمهور    تزامنا مع عيد الأضحى.. بهاء سلطان يطرح أغنية «تنزل فين»    خوفا من اندلاع حرب مع حزب الله.. «أوستن» يدعو «جالانت» لزيارة الولايات المتحدة    «المالية»: 20 مليون جنيه «فكة» لتلبية احتياجات المواطنين    إلغاء إجازات البيطريين وجاهزية 33 مجزر لاستقبال الأضاحي بالمجان في أسيوط    شيخ المنطقة الأزهرية بالغربية يترأس وفداً أزهرياً للعزاء في وكيل مطرانية طنطا| صور    إعلام عبرى: صافرات الإنذار تدوى بمستوطنات فى شمال إسرائيل    اندلاع مواجهات بين فلسطينيين وقوات الاحتلال فى جنين ورام الله    إقبال وزحام على محال التسالي والحلويات في وقفة عيد الأضحى المبارك (صور)    للكشف والعلاج مجانا.. عيادة طبية متنقلة للتأمين الطبي بميدان الساعة في دمياط    بمناسبة العيد والعيدية.. أجواء احتفالية وطقوس روحانية بحي السيدة زينب    حلو الكلام.. لم أعثر على صاحبْ!    فحص 1374 مواطنا ضمن قافلة طبية بقرية جمصة غرب في دمياط    وزيرة الهجرة: تفوق الطلبة المصريين في الكويت هو امتداد حقيقي لنجاحات أبناء مصر بمختلف دول العالم    رئيس الوزراء يهنئ الشعب المصرى بعيد الأضحى المبارك    10 نصائح من معهد التغذية لتجنب عسر الهضم في عيد الأضحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«محفوظ» كتب عن الموت في «الثلاثية» و«خان الخليلي» و«زقاق المدق».. وعاش بعد رحيله كما لم يعش أديب قبله
نشر في الوطن يوم 29 - 08 - 2023

لم يكن هناك شىء يشغل بال نجيب محفوظ أكثر من الحياة والموت، الطفل الذي تشبث بالدنيا وجاء إليها بعد ولادة متعثرة، استدعت تدخل طبيب أمراض النساء الشهير ليمنحه الحياة، فتستعير الوالدة اسمه لتمنحه لوليدها عرفانا وامتنانا، شغل نفسه بأهمية الحياة، فراح يكتب عنها بعد أن أصبح أديباً ملء السمع والبصر.
بل وأكثر من ذلك صارع من أجل الحفاظ عليها حين امتدت يد الإرهاب لتصيبه فى مقتل بعد أكثر من ثمانين عاماً على ميلاده، قاوم محفوظ الموت، وعاش بعد حادث الاغتيال ما يزيد على العشر سنوات، وحين رحل بالفعل، عاش كما لم يعش أديب قبله، إذ ظلت أعماله حية ماثلة فى الأذهان، مقروءة ومرئية فى جهات العالم الأربع بكل لغات الدنيا، وكأنه يسخر من الموت والحياة معاً.
عن الموت كتب «نجيب» مستفيضاً كأروع ما يكون، فى رواية خان الخليلى التى صدرت عام 1946 يموت رشدى عاكف بالسل فيتحسر عليه شقيقه أحمد عاكف «ومد بصره نحو الفراش فرأى رشدى راقداً وقد سجته أمه بالغطاء ووالده واقف عن كثب منه دامع العينين منكس الرأس، فاقترب من الفراش وحسر طرف الغطاء فرآه كالنائم لم يتغير منه هيئة ولا لون، وهل ترك المرض للموت شيئاً يغيره؟ وانحنى عليه فلثم جبينه البارد ثم أعاد الغطاء كما كان، واستسلم لبكاء غزير تجمعت أبخرته فى قلبه يوماً بعد يوم، تنفثها الآلام حتى تكاثفت فى برودة الموت فسحت دمعاً فياضاً.. وهكذا غاب عزيز وانتهت حياة! بين انتباهة عين القبر وغمضتها يغيب حبيب إلى الأبد فلا تغنى عنه الدموع ولا الحسرات».
وفى «زقاق المدق» الصادرة عام 1947 يلقى عباس الحلو حتفه على يد بلطجية الملهى الذى تعمل فيه حميدة فيكتب نجيب: «وأعاد المعلم كرشة القصة التى رواها ابنه مرات ومرات على السائلين فتناقلتها الألسن، وزادت عليها ما شاء لها الهوى، وجاء عم كامل القهوة مترنحاً وقد دهمه الخبر فصعقه وارتمى على أريكة وراح يبكى بكاء مراً وينتحب كالأطفال، ولا يكاد يصدق أن الفتى الذى أعد له كفناً لم يعد من الأحياء، ونمى الخبر إلى أم حميدة فغادرت البيت مولولة حتى قال بعض من رآها إنها (تبكى على القاتل لا القتيل)، وكان أشد الناس تأثراً السيد سليم علوان، لا حزناً على الفقيد، ولكن فزعاً من الموت الذى اقتحم عليه الزقاق فأثار مخاوفه وضاعف آلامه».
حديث الصباح والمساء فى روايات نجيب محفوظ
غير أن «نجيب» مارس كثيراً لعبة اقتران الموت بالحياة، ليس فقط فى روايته الشهيرة «حديث الصباح والمساء»، ولكن أيضاً فى أعمال أدبية أخرى كالثلاثية، ففى جزئها الأول «بين القصرين» الذى صدر عام 1956، تنجب عائشة ابنة السيد أحمد عبدالجواد ابنتها الأولى نعيمة، فى نفس الوقت الذى يستشهد فيه شقيقها فهمى عبدالجواد فى إحدى مظاهرات ثورة 1919 فيصف نجيب موقف الأب المكلوم: «رفع رأسه المثقل بالفكر فلاحت لعينيه المظلمتين مشربيات البيت فتذكر أمينة لأول مرة حتى أوشكت أن تخونه قدماه.. ما عسى أن يقول لها؟ كيف تتلقى الخبر؟ الضعيفة الرقيقة التى تبكى لمصرع عصفور! أتذكر كيف هملت دموعها لمقتل ابن الفولى اللبان؟ ماذا تصنع لمقتل فهمى؟.. مقتل فهمى!.. أهذه هى نهايتك حقاً يا بنى؟.. يا بنى العزيز التعيس!.. أمينة.. ابننا قتل، فهمى قتل.. يا له.. أتأمر بمنع الصوات كما أمرت بمنع الزغاريد من قبل؟ أم تصوّت بنفسك أم تدعو النائحات؟! لعلها تتوسط الآن مجلس القهوة بين ياسين وكمال متسائلة عما أخّر فهمى، سوف يتأخر طويلاً، لن تريه أبداً.. ولا جثته، ولا نعشه، يا للقسوة، سأراه أنا فى القصر أما أنت فلن تريه، لن أسمح بهذا.. قسوة أم رحمة؟ ما الفائدة؟.. وجد نفسه أمام البيت فامتدت يده إلى المطرقة ثم تذكر أن المفتاح فى جيبه فأخرجه وفتح الباب ثم دخل.. ترامى عند ذاك إلى سمعه صوت كمال وهو يغنى بعذوبة: زورونى كل سنة مرة.. حرام الهجر بالمرة».
وفى الجزء الثانى «قصر الشوق» الصادر عام 1957، يموت خليل زوج عائشة وولداها عثمان ومحمد، ويستعد ياسين شقيقها لاستقبال مولوده الأول من زوجته زنوبة العوادة ربيبة العالمة، حين ينادى بائع الصحف على ملحق المقطم معلناً وفاة زعيم الأمة سعد زغلول، فيذهل كمال عبدالجواد شقيق ياسين الأصغر ويكتب نجيب واصفاً حالته: «لو فى غير هذا الظرف الحزين ما درى كيف يتحمل النبأ، ولكن المصائب إذا تلاقت تحدى بعضها بعضاً، هكذا ماتت جدته فى أعقاب مصرع فهمى فلم تجد لها باكياً، إذن مات سعد.. النفى والثورة والحرية والدستور مات صاحبها، كيف لا يحزن وخير ما فى روحه من وحيه وتربيته!».
أما فى «السكرية»، أو الجزء الثالث من الثلاثية، الذى صدر فى عام 1957، فيعلن الطبيب خبر إصابة أمينة، ربة الأسرة، بشلل والتهاب رئوى، قبل أن يضيف أن كل شىء سينتهى فى خلال ثلاثة أيام، ويعلق «كمال» ابنها قائلاً: «كثيرون يرون أن من الحكمة أن نتخذ من الموت ذريعة للتفكير فى الموت، والحق أنه يجب أن نتخذ من الموت ذريعة للتفكير فى الحياة»، وفى حين كان شقيقه «ياسين» يشترى لوازم حفيده الأول من ابنته كريمة «قماطاً وطاقية ومنامة»، عندها «تذكر كمال أن رباط عنقه الأسود الذى استعمله عاماً حداداً على والده قد استُهلك، وأنه يلزمه آخر جديد ليواجه به اليوم الحزين، فقال للرجل حين فرغ من ياسين: رباط عنق أسود من فضلك.. وتناول كل لفافته وغادرا الدكان».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.