يخطئ من يظن أن الميلاد هو بداية الحياة، أو أن الموت هو نهايتها، وإنما هى مراحل مختلفة من الحيوات، لكل منها وسائطها التى تتيح لنا الحياة والعيش فيها، وقد سبق أن كتبت أكثر من مقال فى هذا المكان بعنوان: «الموت: مرحلة أخرى من الحياة»، استناداً إلى نظرية «الأكوان المتعددة» المستمدة من نتائج علم فيزياء الكم Quantum Physics، والتى تؤكد أن الموت ليس الحدث النهائى، وأنه مجرد محطة انتقال عبر الأكوان المتعددة Multiverse، وليس الكون الواحد الذى نعيش عليه Universe، حيث لكل كون أو عالم قوانينه الخاصة به التى لا يمكن أن تفهم أو تطبق فى عالم أو كون آخر. وبناءً على هذا يمكن أن نقسم مراحل حياة الإنسان إلى: 1. مرحلة الوجود فى عالم الذر: وتلك المرحلة لا نعرف عنها شيئاً إلا من خلال ما أخبرنا به رب العزة سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز عندما قال: «كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» البقرة 28، فعندما كنا أمواتاً فى عالم الذر كان لهذا العالم قوانينه، التى لا يمكن أن نحاول تفسيرها بمقاييس عالمنا الذى نعيشه فنقول إنه يقصد وجودنا فى أصلاب آبائنا وأجدادنا، وقد حدثنا المولى عز وجل عن هذه المرحلة قبل خلقنا عندما قال: «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَاَ»، فكيف كنا حينئذ؟ وكيف أخذ الله عز وجل علينا هذا العهد؟ لا أحد يستطيع أن يعرف. 2. مرحلة الحياة داخل الرحم: منذ مرحلة تكوين النطفة، وحتى خروج المولود إلى النور، وقد أخرج لنا المولى من علمه بعض أسرار هذه المرحلة التى -ربما تكون على قصرها- أهم المراحل التى تؤثر على تكوين الإنسان الجسدى والنفسى خلال حياته التى يعيشها على الأرض قبل أن يقبض الله روحه لينتقل إلى الحياة البرزخية فى القبر، وفى هذه المرحلة نستطيع أن نستشف بعض الإجابات على الكثير من الأسئلة عن حياة ما بعد الموت التى تحيرنا، إذا تخيلنا حديثاً بين توأم موجود فى رحم أمه، كما كتبه صديقى د.هانى خطاب على صفحته بالفيس بوك، حيث يسأل أحدهما الآخر: ترى هل توجد حياة ما بعد الولادة؟ فيجيبه توأمه: طبعاً، فبعد الولادة نخرج إلى الحياة، فيسأله: طيب افرضْ إن هناك حياة بالفعل، تفتكر حيبقى شكلها إزاى؟ مش عارف بس.. افتكر إننا سنمشى على رجلينا، ونأكل بأفواهنا.. ونفكر بعقولنا، فيسأله توأمه فى دهشة: يا راجل معقولة نمشى بالرجلين الطرية دى؟! ونأكل بهذا الفم المضحك؟! وكيف سنتنفس إذا كانت هذه السدادة فى أنفنا؟! الحق أننى أعتقد أن الولادة هى نهاية الحياة، فبعدها ينتهى كل شىء، فذلك الحبل السرى قصير جداً، فيرد التوأم العاقل: كلا بالطبع الولاده هى بداية الحياة وأعتقد أن أمنا سوف تساعدنا.. فيرد توأمه فى دهشة: ماما؟! عمرك شفت ماما قبل كدهَ؟! فيجيبه التوأم العاقل: لا.. ولكنها تحيط بنا من كل جانب، فنحن نعيش ونحيا فى بطنها، والأكيد أننا موجودان بفضلها وكذلك بابا، فيجيبه العاقل: ليس بمقدورك أن ترى بابا وماما لكنك إذا سكتَّ وركزت، فستسمع ماما وهى تغنى لنا وتشعر بحنانها.. ولا بدَّ أن تدغدغ رحمتُها قلبَك. 3- مرحلة الحياة على الأرض التى نعرفها جميعاً وسوف نحاسب على أعمالنا التى فعلناها خلال وجودنا فيها. 4- مرحلة الحياة البرزخية: وهى المرحلة التى تعقب خروج الروح ودفن المتوفى وحتى قيام الساعة، وخلالها تكون الروح إما فى روضة من رياض الجنة، أو فى حفرة من حفر النار بحسب عمل الإنسان. 5- مرحلة قيام الساعة: حيث الموت والفناء الكامل للجميع حتى ملك الموت، وينادى رب العزة من عليائه: «لمن الملك اليوم»، وعندما لا يجيب أحد يرد سبحانه ويجيب: «لله الواحد القهار». 6- مرحلة البعث والحساب: حيث ينفخ فى الصور وتعود الأرواح إلى أجسادها ويصطف الخلق للحساب، ويوضع الميزان، فإما جنة وإما نار. وهكذا نجد أن كل مرحلة من هذه المراحل لها قوانينها ووسائطها وقدراتها التى يعلمها رب العزة الذى آمنا به غيباً، وآمنا بكل ما أنزل فى كتابه العزيز.