مرض خبيث، يأكل جسد العالم منتشرًا مثل السرطان في الدول، لكن بؤرة الإصابة به الأكثر وضوحًا هي "الشرق الأوسط والدول العربية"، وسبب العدوى هي السياسات الحكومية المنحازة نسبيًا للطبقات الغنية، وانخفاض معدلات التنمية، وارتفاع نسب البطالة، إضافة إلى الصراعات الداخلية والحروب الأهلية، التي تستنزف الموارد الاقتصادية لتلك الدول، ما يؤثر على معدلات التنمية بها. "الفقر".. سرطان الشعوب وقاهرها، والمتحكم الأول والأخير في سياساتها وعدم استقرارها في كل جوانب الحياة، ففي الوقت الذي أغفلت فيه الدول النامية هذه الفكرة، تبنت أُخرى مبادرات جديدة لتطوير مصل مضاد له، بهدف تفادي آثاره، ومن أمثلة هذه الدول "المغرب والأردنوالإمارات". وبحسب "المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة"، فإن فكرة "الوقاية" من الإصابة للدول السليمة، والعلاج للدول المُصابة، أصبحت في تزايد، لمواجهة الأعراض التي يسببها هذا اللعين. أعراض "الفقر" باتت في أغلبية الدول العربية، وهو ما جعلها مُعرضة بشكل مستمر للاضطرابات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية على مدار الأعوام الأربع الماضية، فالتحاليل تشير إلى أن دول المنطقة العربية تُعاني من هذا المرض اللعين، حيث أن غالبية الدول العربية تُعاني من ارتفاع نسبيٍّ للفقر، بوجود نسبة لا تقل عن 20% ولا تزيد عن 46% من إجمالي الشعوب في بعض الدول العربية يعيشون بأقل من دولارين يوميًا. هذه النسب المرتفعة نسبيًا من "الفقر" تُعد خطرًا حقيقيًا على حياة الدول، نظرًا لتأثيراته الاقتصادية والاجتماعية والتداعيات السياسية والخلافات بين الأنظمة الحاكمة والشعوب، وحالات من عدم الاستقرار السياسي، والتأثير بالسلب على بنية الدولة الوطنية، وهو ما ظهر بوضوح في حالات إصابة مثل الأردن واليمن. تُمثل الدول المُصابة بالمرض بيئةً مناسبة ومغناطيس لعمليات التجنيد التي تقوم بها التنظيمات الإرهابية المسلحة ومخابرات الدول المُعادية، كالتنظيم الإرهابي "داعش"، الذي استغل مرض أصاب الدول العربية بضعف المناعة، فنجح في جذب عناصر من مواطنيها للانضمام إليه. قررت بعض الدول العربية محاربة المرض وتلقِ العلاج، وذلك بتطبيق استراتيجيات لاقتراح مبادرات لمحاربة الفقر، ومن أبرز الدول التي سارعت لصنع دوائها.. دولة "المغرب"، فأطلق الملك محمد السادس، في 8 يناير 2015، حملةً وطنية للتضامن ضد الفقر، وذلك تحت شعار "لنتحد ضد الحاجة"، وتهدف الحملة إلى جمع تبرعات بهدف تمويل مشروعات اجتماعية، وتنفيذ برامج لتلبية حاجة المواطن المحتاج. وسبقتها دولة الأردن، منذ عام 2011 بمبادرة "تمكين جيوب الفقر"، والتي مرت بثلاث مراحل هدفت إلى العمل على تنمية 26 منطقة تم تحديدها باعتبارها "جيوب الفقر" في المملكة، وذلك عبر إقامة مشروعات لتطوير البِنَى التحتية فيها، فضلًا عن إنشاء مشروعات مُدرة للدخل، وتحسين الخدمات المتاحة فيها، وأخرى في يوليو 2014، حيث بدأت بتنفيذ خطة استراتيجية لمكافحة الفقر وُضعت للانتهاء منها بين العام "2013 - 2020"، وذلك من خلال توفير اعتمادات مالية للتنمية ب"5 طرق" وهي: 1- الرعاية الاجتماعية للفئات الفقيرة. 2- التشغيل للحد من الفقر. 3- تقديم الخدمات الصحية والتعليمية للفقراء. 4- التنمية الزراعية بهدف توسيع فرص العمل 5-تحسين وتوفير خدمات النقل والسكن للفئات الفقيرة والمهمشة. ولدولة الإمارات تجربتها الخاصة، واهتمت بمواجهة ظاهرة الأزمات والصراعات الداخلية، فأطلقت حملة "تراحموا" بناءً على توجيهات الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة، وبمتابعة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، ورئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في يناير 2015، لإغاثة مليون لاجئ من العاصفة الثلجية التي تضرب الأردن وسوريا والعراق، إضافةً إلى الأراضي الفلسطينية، ومبادرة "زايد عطاء" لعلاج مليون طفل ومسن فقير، استفاد منها نحو 3 ملايين طفل، وحاليًا تُساهم الإمارات بشكل مستمر في تأسيس شراكات دولية لمحاربة الفقر على المستويين الإقليمي والدولي.